بعد غد، السابع من يناير 2016 تحل الذكرى الأولى للعمليات الإرهابية التي هزت مقر صحيفة "شارلي إيبدو" وسوق "كاشير" سنة من قبل، وهي الهجمات التي كان وراء تنفيذها أميدي كوليبالي والأخوان كواشي. بعد مرور سنة ، إذن،على هذه الضربات وقف قضاة التحقيق على مسار هؤلاء الجناة قبل تنفيذ مخططاتهم من خلال رصد لتحركاتهم و سكناتهم داخل فرنسا و خارجها وعلاقتهم "السيئة "مع جهاديين . هذا المسار الذي تمكنت من الوقوف عليه الإدارة العامة للأمن الداخلي في فرنسا أي المخابرات الفرنسية، تضمنه أربعون مستندا أثّث ملفا كاملا حول هؤلاء الإرهابيين ،اعتمدت عليه الزميلة " لوموند" في نشر مقتطفات من هذا المسار السلبي في عددها ليوم أمس. يعود الأول من هذه المستندات إلى مارس 2010، أي إلى الفترة التي كان فيها جمال بغّال الجهادي الفرنسي ذو الاصول الجزائرية الذي كان استقبل شريف كواشي و أميدي كوليبالي أكثر من مرة في مقر سكناه في سفوح جبال مانتيل بببلدة مورا الصغيرة . و يعتبر بغال الأب الروحي لهؤلاء الجهاديين الثلاثة الذي كان تحصل على الجنسية الفرنسية عن طريق الزواج من فرنسية قبل أن ينتقل للعيش لفترة وجيزة مع عائلته في بريطانيا، حيث بدأ نشاطه الجهادي في مسجد يديره الإسلامي المتطرف عمر محمود محمد عثمان، المعروف بأبو قتادة، أحد منظري التيار السلفي الجهادي وتربطه علاقة وثيقة بزعيم التنظيم أسامة بن لادن . وحسب السلطات البريطانية، أصبح جمال بغال ذو ال31 عاما متطرفا، انتقل إلى أفغانستان عام 2000، ثم عاد إلى فرنسا ليتم اعتقاله في العام التالي بتهمة التآمر للهجوم على السفارة الأمريكيةبباريس، وقد حكم عليه حينها بالسجن 10 سنوات إلا أن بغال تمسك ببراءته وقال انه تعرض للتعذيب أثناء التحقيق. وعرف جمال بغال بأنه من العناصر الأساسية في استقطاب الناس للانضمام إلى تنظيم القاعدة. وفي 2005، تعرف جمال بغال في سجن فلوري ميروجيس جنوبباريس، على أميداي كوليبالي، الذي تمت تصفيته في "بورت - فانسان" بعد احتجازه لرهائن في " كاشير"، كما التقى أيضا شريف كواشي أحد منفذي الهجوم على الصحيفة الفرنسية الساخرة "شارلي إيبدو". وظل الأشخاص الثلاثة على اتصال وثيق بعد خروج الاثنين (كواشي وكوليبالي) من السجن، وكشفت مكالمات هاتفية من داخل السجن أن كوليبالي كان قد ألمح في محادثاته أنه يريد "الاستشهاد في سبيل الله". وحاول القضاء الفرنسي من خلال تحقيقاته إيجاد علاقة بين المسجون جمال بغال المحكوم عليه بعشر سنوات بعد إدانته بالتخطيط للاعتداء على السفارة الأميركية بباريس، ومنفذي هجمات باريس، لكن محامي البغال نفى أي صلة لموكله بهجمات7 يناير في العاصمة الفرنسية باريس، قبل أن تكشف المستندات المذكورة على هذه العلاقة، على الرغم من أن جمال بغال كان فطن إلى أن الإدارة المركزية للأمن الداخلي التي تحولت في ما بعد إلى الإدارة لعامة للأمن الداخلي كانت تتنصت على مكالماته الهاتفية بهذف تحقيق حول علاقاته من طرف الإدارة العامة للشرطة القضائية. المستندات نفسها كشفت عن العلاقة الحميمية التي تربط الأخوين كواشي بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية منذ 2011. لقد تمكنت الإدارة المركزية للأمن الداخلي ،ساعتها ،من الوقوف على العلاقة التي تجمع ، عبر الإنترنيت، كلا من شريف كواشي و بيتير شريف أحد القادة المتميزين في تنظيم القاعدة بشبه الجزيرة العربية . وقد تأكد علاقة كواشي بهذا التنظيم حينما أعلن الأخوان كواشي تنفيذ عملية" كاشير"باسم هذا التنظيم. وفي تنقيطات الإدارة العامة للأمن الداخلي جاء أن العلاقة بين شريف كواشي و بيتير شريف و أميدي كوليبالي لم تطفح إلى السطح إلا في 2012في الوقت الذي كانت هذه العلاقة تعود إلى 2010 حينما كان أبيدي كوليبالي يقبع في نفس السجن الذي يقبع فيه الاثنان الآخران منذ 2010 ، حيث تفيد المستندات المذكورة سالفا تورط أميدي كوليبالي في عملية محاولة تهريب إسماعيل آيت علي بنقاسم المحكوم عليه بالمؤبد لاقترافه عملية الهجوم على محطة متحف أورساي في باريس في 1995. و يكشف هذا التضارب في المعلومات الخاصة بمسار أميدي كوليبالي والأخوين كواشي " هشاشة " الاستخبار و انعدام الدقة في المعلومات لدى الإدارة المركزية للأمن الداخلي التي أصبحت تحمل اسم الإدارة العامة للأمن الداخلي، كما أن انعدام أية مراقبة تقنية أو جسدية لهؤلاء الإرهابيين الثلاثة كانت وراء عدم الاستعداد الكافي لإحباط عملياتهم المشبوهة خصوصا إذا علمنا أن أميدي كوليبالي كان هو من زود الأخوين كواشي بالأسلحة لتنفيذ عملية "شارلي إيبدو" و هي الفرضية التي لا تظهر في تنقيطات الإدارة العامة للأمن الداخلي إلا بتاريخ السابع و الثامن و التاسع من يناير 2015 أي بعد فوات الأوان و تنفيذ العمليات الإرهابية