تأتي المصادقة على قانون زجر الغش الذي يحتوي عقوبات سجنية نافذة، وغرامات مالية بحسب اختلاف وضع التلميذ أو الطالب الذي يمارس الغش أياماً قبل انطلاق امتحانات الباكلوريا وينص مشروع القانون الجديد على سجن التلاميذ الغشاشين من شهر إلى سنة، وتغريمهم مبالغ تتراوح بين 5 آلاف و10 آلاف درهم . وقد وقع التلاميذ وأولياء أمورهم التلاميذ على التزام بالرضوخ لهذا القانون حتى قبل التصويت عليه بالبرلمان. اضن أن وزارة التربية الوطنية أخطئت وماتزال مخطئة في رفع شعار المقاربة الأمنية والزجرية لمحاربة ظاهرة الغش التي تتخلل الامتحانات الاشهادية بجميع الأسلاك وحتى بالجامعة والمدارس العليا والاسوء من هذا خلال امتحانات مهنية. فبغض النظر عن كون التلميذ يفتح عينيه منذ صغره على عمليات الغش هنا وهناك فيبرمج عليها ويستحيل أن تكون لديه قناعات بان هذا الفعل جرم ، فان الوزارة والدولة على حد السوا تفتقران للشجاعة والرغبة للبحث عن مكمن الخلل ولأخذ المشورة من أسفل الهرم من القاعدة( نساء ورجال التعليم ) إذ نجد أن الإصلاحات والمذكرات غالبا ما تملى من قمة الهرم أي من أناس ليسوا على دراية بواقع التعليم ولا يزاولون في الميدان. ففي العصر الرقمي يصطدم التلميذ ببرامج ومقرارات دراسية لا تمت بواقعه بصلة أي أن الدهر أكل عليها وشرب فإما أنها تعود به بالرغم منه أو بطيب خاطره إلى الأزمنة المتحجرة أو إلى ثقافات غريبة عن عمره وميولاته وبيئته وبتالي لا يتحمس للبحث فيها ولاستيعابها ويرى فيها ثقلا يتحين لحظة انتهاء الامتحان لرميه في غيابات الماضي. وهناك مواد للأسف تعتمد على الاستظهار والحفظ ولكون الطاقة الاستيعابية في ذاكرة تلميذ اليوم مليئة بمستجدات "النت " والإبحار في المواقع الاجتماعية وأخبار "البارصا "وا"لريال" وآفات السهرات وتسريحات الشعر ، فلا يكترث لهذه الدروس ويكتفي بتدوينها في طلاسم تكون له سندا نفسيا في ساعة الحسم وان لم يستطع إلى فتحها سبيلا. كما ان منظومة الامتحانات والابقاء مثلا على الجهوي بالثانوي على شكله الحالي يؤزم الوضع أكثر حتى أن الأستاذ المربي يجد نفسه يتقمص دور الشرطة بين عشية وضحاها مكرها. متى ستمتحن الملكات الإبداعية وذكاءات المرشح عوض الإبقاء بالعمل على مبدأ ( بضاعتكم ردت إليكم) حيث في الأخير نصف المقرر أو أكثر يتم نسيانه ساعة الانتهاء من الامتحان ؟ كما أن الدولة لا تهتم كثيرا بمعاقبة الغشاشين الكبار سارقي "الثور" قبل التفكير في معاقبة سارقي "البيضة ".ولا تهتم الوزارة الوصية بالاستثمار في بحوث بيداغوجية وسوسيولوجية ونفسية للوقوف على الأسباب التي تؤدي بالتلميذ المغربي للتعاطي للغش وتغلب تلك المقاربات التي اظهر الزمن عدم فعاليتها في التصدي لتلك السلوكات. أنا لا التمس الأعذار للغشاشين أيا كان موقعهم لكن الغش استفحل كورم في المجتمع سيصعب استئصاله لدرجة أن الكبير (الأستاذ أو الأب )لا يمكنه بتاتا إقناع الصغير( التلميذ) بكونه جريمة يعاقب عليها القانون وقادم الأيام سيشهد صدامات وعنف وملاسنات وعقوبات قد تكون القطرة التي ستفيض الكأس الممتلئة أصلا بمشاكل عدة تفقد أكثر المصداقية والثقة ومتعة التعلم في المدرسة المغربية.