/عن المركز المغربي لحقوق الإنسان المكتب التنفيذي 1. المركز المغربي لحقوق الإنسان وأجواء الاستحقاقات الانتخابية الجماعية لشتنبر 2015 المركز المغربي لحقوق الإنسان قرر الاشتغال على جبهتين : الجبهة الأولى : ضمن النسيج الجمعوي لرصد الانتخابات، باعتباره أحد مكوناته الرئيسية، حيث قررنا مراقبة الانتخابات ضمن هذا النسيج، الذي استدعى بعضا من أطر التنظيم على المستوى الوطني، وقد استفاد ثلة من المناضلين من الدورات التكوينية التي نظمها النسيج، كما أشرف بعضهم على دورات تكوينية جهويا وإقليميا، ضمن مناطق نفوذهم، وبالتالي، يمكن القول بأن المركز المغربي لحقوق الإنسان سيراقب سير الانتخابات في مكاتب الاقتراع، ضمن مهمة النسيج الجمعوي لرصد الانتخابات، أما الجبهة الثانية : فسيخوض المركز المغربي لحقوق الإنسان مهمة مواكبة وتقييم هذه الاستحقاقات الانتخابية الجماعية بشكل مستقل، ويرجع السبب في اتخاذ هذا القرار لمبررين أساسيين، المبرر الأول يتمثل في عدم قدرة النسيج على استيعاب فروع المركز، البالغ عددها حوالي التسعين فرعا، حيث اكتفى بحوالي ست فروع، وبالتالي، إزاء ارتفاع أصوات مناضلي للمركز المغربي لحقوق الإنسان بضرورة تدارك الوضع، تحملت قيادة المركز مسؤولية إيجاد حل يمكنه من القيام بواجبه في هذا الاستحقاق الهام في الحياة السياسية المغربية، مما حذا بنا إلى تبني مقاربة مزدوجة : العمل كمراقبين للعملية الانتخابية من داخل النسيج، في إطار اعتماد رسمي، يحق لأصحابه الولوج إلى مراكز الاقتراع يوم 04 شتنبر 2015، والعمل بشكل مستقل، من خلال مواكبة العملية الانتخابية عن كثب، وإجراء إحصاء دقيق للخروقات المقترفة من قبل المرشحين والأحزاب التي ينتمون إليها، وإعداد تقرير شامل وعام. ولذلك، ومن منطلق واجبنا في الاضطلاع بالتزاماتنا إزاء الرأي العام الوطني، وإزاء المناضلين والمناضلات في المركز المغربي لحقوق الإنسان، قدمت هذا المقترح أمام أعضاء المكتب التنفيذي للمركز المغربي لحقوق الإنسان، الذي قرر إدراج هذه المهمة ضمن مهام اللجنة الوطنية للتعبئة، المنبثقة عن المجلس الوطني للمركز المغربي لحقوق الإنسان، بعد إحداث هذه اللجنة، خلال دورت المجلس السنوية يونيو 2015، والتي أعدت دليلا عمليا سيساعد مناضلي المركز المغربي لحقوق الإنسان على رصد الخروقات وتسجيلها بطريقة سلسة وفعالة. وهكذا، سيتم تقييم العملية الانتخابية في مختلف ربوع المملكة، حيث حرصنا على أن يكون الهدف من التقييم معرفة مدى انخراط الأحزاب في المعركة الانتخابية بروح تنافسية وديمقراطية، ومدى تفاعل الناخب المغربي مع برامجها، كما نسعى إلى معرفة مدى التزام الدولة المغربية بنزاهة الانتخابات، وسندلي برأينا حول مجريات العملية الانتخابية، من خلال تقرير عام أولي، سيتم تقديمه، بإذن الله تعالى في ندوة صحفية بالرباط مساء يوم السبت 05 شتنبر 2015، فيما سيتم تقديم تقرير نهائي يضم الاحصائيات النهائية للخروقات المقترفة في وقت لاحق، بعد تشكيل مجالس الجماعات. 2. رأي المركز المغربي لحقوق الإنسان في ظاهرة استغلال الأطفال في الحملة الانتخابية : صراحة، ظاهرة استغلال الأطفال في الحملات الانتخابية ليست وليدة اليوم، وأكثر من ذلك ليس هناك نص قانوني يبث في هذه الظاهرة، كما أن الأطفال الذي يشاركون في الحملات الانتخابية لا نعرف طبيعة ارتباطهم بأصحاب الحملات الانتخابية، وهل يتعلق الأمر فعلا باستغلال أم لا، وعموما، أعتقد أن قضية استغلال الأطفال في الحملات الانتخابية تبقى مسألة ضمير وأخلاق لدى مديري الحملات الانتخابية للأحزاب، ومن جهة أخرى، أعتقد أن الأمر ليس بهذه الحدة من الجرم، مقارنة مع ما عايناه من ظواهر متخلفة وجاهلية، كتسخير ''البلطجية والشماكرية'' لإذاية الخصوم السياسيين، والتهديد بالتصفية الجسدية، للخصوم السياسيين وحتى لمراقبي الانتخابات في بعض الأحيان، كما جرى لبعض مناضلينا في سيدي يحيى الغرب، ودار ولد زيدوح وبوجدور وغيرها....، وكاستعمال ''الشيخات والشطيح والرديح''، والكثير من الظواهر الشادة، التي بتنا نعاينها خلال الحملات الانتخابية الجارية، مما لا يطمئن على نزاهة وموضوعية المعركة الانتخابية الحالية.... لذلك، نحن نركز على الخروقات حسب نوعية ومستوى خطورتها، أما الأطفال، فإن لهم علينا، كمجتمع مدني، حق تلقينهم، عبر ورشات تحسيسية مبادئ المواطنة وكيفية ممارسة الديمقراطية وتدبير الاختلاف، ونعطيهم فرصة معاينة حملات انتخابية نظيفة، كما لهم، من جهة المنتخبين والاحزاب السياسية، المعنية بتدبير الشان العام، حق ضمان نموهم في ظروف صحية، لتنمية قدراتهم، وترشيد طاقاتهم للعطاء والإبداع، من خلال ضمان الحقوق الأساسية من تعليم وتطبيب وسكن، عبر تأهيل البنى التحتية الأساسية، وليس استغلالهم في لحظة، وما أن يجلس المنتخبون على كراسي المجالي، وينقضوا على مراكز القرار، حتى ينسوا واجباتهم إزاء هؤلاء الاطفال، ويكرسوا خططهم وخياراتهم السياسية لجمع الثروة وصناعة النفوذ، مما يرمي بهؤلاء الأطفال في براثن الضياع والتشرد، وهذا ما نعاينه للأسف الشديد، وهو أمر محزن للغاية، لكننا لا نريد أن نيأس، لدينا رغبة حثيثة وصادقة لتفعيل الإصلاح الحقيقي على أرض الواقع، والعمل على تنظيف الحلبة السياسية المغربية، وجعل الفعل السياسي تضحية وبذل لخدمة الشعب، وليس مصدرا للثراء والنفوذ، وهذا تحدي، يتحمل مسؤولية رفعه كافة الضمائر الحية في وطننا الحبيب. 3. أهم الخروقات التي عاينها المركز المغربي لحقوق الإنسان لحد اليوم : بدأ المركز المغربي لحقوق الإنسان برصد الخروقات التجاوزات، وكما هو معلوم، فرصد الخروقات في الاستحقاقات الانتخابية يهم أربعة مراحل : مرحلة الحملة الانتخابية، مرحلة الاقتراع، مرحلة الفرز ومرحلة اختيار رؤساء المجالس الجماعية، بالنسبة لمرحلة الحملة الانتخابية، بلغتنا عدد من الخروقات والملاحظات التي طبعت الحملة، أورد أهم أنواعها كما يلي : استمالة الأصوات بالمؤن العمومية : تتمثل في تسليم بونات ومؤن غذائية لبعض المواطنين المعوزين، يقوم بها مسيرون لبعض الجماعات، وهي مؤن كان من المفترض أن تمنح لهم في شهر رمضان وفي السنوات الماضية، لكن يتم الاحتفاظ بها إلى حين اقتراب الانتخابات، وهو فعل شنيع، يجب على السلطات العمومية أن تضع له حد، وتعاقب مقترفيه. تنفيذ أشغال في آخر لحظات الولاية : هناك مسيرون لبعض الجماعات يقومون بأشغال على عجل، تهم البنيات التحتية، حتى يبدو أنه في خدمة الصالح العام، وقد ظل بعيدا عن هموم ومعاناة الساكنة طيلة ولايته الانتخابية خاصة الطرق والقناطر، والماء والكهرباء، دون أن يحرك ساكنا. قبول ترشيح أشخاص فاسدين : هناك بعض المنتخبين، الذي تورطوا في جرائم نهب المال العام، وجرائم خيانة الأمانة، ومنهم من عزل بقرارات قضائية أو إدارية، وبالرغم من ذلك تم قبول ترشيحاتهم، ومنهم من لازال القضاء لم يصدر أحكاما في ملفاتهم، ومنهم من بث وصدر الحكم في حقهم، لكن بالنظر لاعتبارات قانونية وغيرها، توفرت لهم فرصة خوض غمار الانتخابات، وهؤلاء لا يمكن أن نحاسب الناس على انتخابهم، لأنهم، دخلوا من الباب الواسع، بعدما ثم طردهم من النافذة، وسيستعملوا بلطجيتهم والبسطاء من الناس، الذين سيؤمنون لهم حتما فرصة الظفر بالمقعد. استغلال موظفي الجماعات من قبل مسيريها : ، هناك موظفون جماعيون ممن سيتولون الإضراف على مكاتب الاقتراع، أضحوا، بإرادتهم أو قسرا، في خدمة رؤساءها، الذين انتهت ولايتهم، وبالمناسبة، أود أن ألفت انتباه وزارة الداخلية بضرورة تغيير مكاتب الاقتراع خارج دائرة نفوذ الجماعة التي يشتغل بها الموظفون الجماعيون ليشرفوا عليها بحياد،ويرفع عنهم الحرج والضغط، حيث بلغ إلى علمي بأن بعض رؤساء الجماعات، يمارسون ضغوطا هائلة على موظفين، يعرفون بأنهم سيشرفون على تدبير مكاتب اقتراع معينة، خاصة في المناطق البعيدة عن أعين المراقبة، مما يجعلهم عرضة للاستغلال، وترجيح كفة هذا المرشح أو ذاك، وهو ما سيذهب بكل محاولات تخليق العملية الانتخابية أدراج الرياح. استعمال البلطجية والشماكرية لنسف اللقاءات الخطابية للخصوم السياسيين : هناك من المرشحين من يشتغل بمنطق العصابة، ويعتبر بعض المناطق قلعة وعرين خاص به، كما يعتبر أصوات ساكنته في ملكيته الخاصة، حيث يعمل على استهداف خصومه السياسيين باستخدام البلطجية و''الشماكرية''، وهناك تهديدات وصراعات على الترشيحات، بلغت حد الاعتداء بالسلاح الأبيض، كما تسببت الخلافات في التزكية على فضح بعض عمليات الابتزاز والارتشاء ، وبعض هذه القضايا قد وجد طريقه إلى القضا. تورط بعض مسؤولي السلطات العمومية في دعم احد المرشحين : وقد سجل مناضلونا عددا من الحالات، التي تهم تورط بعض المسؤولين بمستوى أعوان سلطة وقياد وباشوات و(حالة لعامل) في دعم بعض المرشحين، وقد قام مناضلونا بفضح هذه الحالات، كما أن وزارة الداخلية اتخذت في حق العديد منهم قرارات عقابية، لاقت استحسانا من لدن المترشحين المتنافسين. كما أن بعض قيادات الأحزاب لا زالت تعيش على إيقاع تبادل الاتهامات، والسب الشتم، وكلها ظواهر تعكس بؤس الواقع السياسي الذي نعيشه، وتؤكد بأن الحملة الانتخابية للأحزاب لا زالت لم ترقى بعد إلى المستوى الحضاري المطلوب. لكن يبدو أننا بحاجة إلى مزيد من الفضح وكشف الخروقات التي ترتكب خلال الانتخابات، وسيكون لهذه المهمة دورا هاما في تشويه المتورطين في مثل هذه الجرائم، والتي تحتاج لتدخل السلطات العمومية، الداخلية والقضاء، موقفنا من المقاطعين للانتخابات، ورأينا إزاء تعنيفهم من قبل القوات العمومية : من حق كل شخص يعبر عن رأيه أو هيئة أن تعبر عن موقفها، حتى وإن كان ذلك يتمثل في مقاطعة الانتخابات، ونحن، في المركز المغربي لحقوق الإنسان، ندين بقوة التعنيف والاعتقال الذي تعرض له مناضلون، يدعون إلى مقاطعة للانتخابات، لكن موقفنا في المركز المغربي لحقوق الإنسان واضح وجلي، فنحن ضد المقاطعة، ومع المشاركة، لأن مقاطعة الانتخابات وسيلة غير مباشرة بيد الفساد والاستبداد، فالذين يقاطعون يبدو أنهم يراهنون على تأزم الوضع لمستوى ربما قد يحتمل التفجير في اعتقادهم، وهي مراهنة غير سليمة ولا يقبل بها إنسان عاقل ومسؤول على أية حال، خاصة وأن الأنظمة والشعوب في العالم، أخذت الدرس جيدا من تبعات الربيع العربي، الذي جرت رياحه بما لا تشتهي سفن الشعوب وحتى سفن الأنظمة، وفضلا عن ذلك، باتت القوى العالمية تشتغل بمنطق تحالف إقليمي آخذ في التعقيد، ولن تترك أي دولة تعيش على إيقاع التحولات الذاتية، وبالتالي مصلحة الجميع يتجلى في خيار الانخراط المسؤول في مشروع الإصلاح من داخل المؤسسات ومن داخل المجتمع المدني، الذي بات يتمتع بهامش كبير للعمل، لأن هذا الخيار هو الخيار الديمقراطي الوحيد، الذي يعكس ثقافة التعايش مع الآخر وتدبير الاختلاف، ويلغي شعور العداء، سواء إزاء الدولة أو الأحزاب أو الشعب، وهو الشعور الذي يغذي ثقافة العدمية، علما أن إمكانية الإصلاح واردة جدا، ما دمنا لم نستنفذ بعد كل ما في جعبتنا من سبل الإصلاح المتاحة، خاصة وأن المخاطر المحدقة بالسلم والأمن الاجتماعيين ما فتئت تتكاثر وتتناسل، في ظل وضع دولي وإقليمي وحتى داخلي محفوف بالهشاشة، وعلينا أن نعترف بأنه إذا ما فقد الشعب هذين الخصلتين، مع ما يعيشه المجتمع من فسيفساء إيديولوجي وعرقي وديني مركب ومتناقض، فلن يبقى للديمقراطية ولا لحقوق الإنسان، ولا للتنمية ولا لفرص العيش الكريم مكانة للحديث أو التفكير أو التطلع. 3. توقعاتنا بخصوص مستقبل الحراك السياسي المغربي؟ إن المشهد السياسي المغربي آخذ في التطور بطعم الحلحة، وقد خطى خطوات كبيرة في هذا المضمار، من خلال كشف السوءات السياسية التي كانت مستترة، واليوم لم تعد الأحزاب قادرة على طبخ أهدافها ومراميها وخططها بعيدا عن أعين الرأي العام، مثلما هو الشأن بالنسبة للدولة ولأجهزتها، والتي باتت في وضعية تدبير الفعل السياسي بدل توجيهه قسرا، خلافا لما كانت عليه العادة سابقا، وبالتالي نحن نعيش محطة حيوية وحساسة جدا في مسار الانتقال الديمقراطي، وهي بحاجة إلى المصداقية ممزوجة بالجد والفعالية، أو كما نقول بالعامية ''المعقول''، خاصة وأن وسائل التواصل باتت اليوم لاعبا رئيسيا في تدوير المعلومة، مما ساهم في خلق حركة إصلاحية حقيقية، من شأنها أن تساعدنا في تحقيق الإقلاع الحقيقي المنشود نحو الديمقراطية والإصلاح، ولا أريد أن أعقب على أداء الحكومة أو المعارضة، لأنني لست بحاجة لخدمة حزب على حساب آخر، كل ما يهم اليوم، أن تلتزم الأحزاب المتنافسة على الكعكة الجماعية بروح التنافس الحر والشريف، وعليهم أن يستوعبوا حجم التحديات التي تنتظرهم، لأن تسيير الجماعات لن يكون بنفس الإيقاع السابق، وربما غياب هذا الاستيعاب هو ما يفسر بقاء عقلية التهافت على قيادة الجماعات قائما، حيث ينتظر رؤساء الجماعات، في تقديري، عمل كثير ونوعي ومراقبة لصيقة ومشوشة، في مقابل مزايا لا تسمن ولا تغني من جوع، وهذا ما نتمنى أن نحققه، لأنه حين يصبح الفعل السياسي ببلادنا غير ضامن لأصحاب المنافع الريعية مصالحهم، ولا للخارجين على القانون أو المتهربين من واجباتهم حصانتهم، فإن النزاهة ستفرض نفسها، وأصحاب النوايا الصادقة والحسنة سيتم دفعهم للمسؤولية السياسية، حيث أن عامل الاستحقاق على أساس معيار العطاء لخدمة الصالح العام هو معيار الاختيار، وهذا الوضع هو الوضع السليم الذي ستسود فيه قيم العدالة الاجتماعية بشكل تلقائي... عبد الإله الخضري رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان منظمة غير حكومية ديمقراطية مستقلة