لا يختلف إثنان على أن ما وقع صباح اليوم بين طانطان والعيون فاجعة بكل المقايس، كيف لا وقد راح ضحيتها 34 شخصا جلهم أطفال. أطفال ماتوا بأسوأ طريقة يمكن لعقل تخيلها، ماتوا حرقا وعلى نار هادئة حتى تفحمت أجسادهم الصغيرة وتحولت رمادا إستعصى معه التعرف على هوياتهم،. منذ الساعات الأولى من صباح اليوم والنار تلتهم ابدان ابنائنا في ضل غياب تام وكلي للوقاية المدنية وجميع الأجهزة الوصية وكأن الحادث وقع في الربع الخالي وليس بين مدينتين كبيرتين..!!! في مكان الحادث كان هناك أناس إكتفى جلهم بالتصوير وتوثيق ما حدث وأخرون إكتفو بترديد الشهادتين وما بينهما أطفال تحترق وأهات لا تجد من يخفف حدتها. في وطني الجميل أجمل بلد في العالم، إختفى 3 اسبان ليومين فانقلبت الدنيا رأسا على عقب وتجندت الدولة بكل أجهزتها فالمعنيون ابناء عيسى ولابد من ايجادهم باسرع وقت، تجند العشرات من الدرك والاطباء والطائرات وفي زمن قياسي وجدوهوم وأنقدوا من استطاعو انقاذه، وفي طانطان مكان لا يبعد عن المدينة الا كيلوميترات مهما طالت فهي اقرب للوقاية من حبل الوريد ورغم ذلك ضل اابناؤنا يتفحمون ويتحولون إلا أشلاء سوداء يستحيل معها معرفتهم، فمن المسؤول ومن المعني.؟ لن نتهم سائق الشاحنة ولن نتهم سائق الحافلة، فالموت اسبابها متعددة واللهم لا اعتراض على قدرك، ولكن كان بالامكان انقاذ الكثيرين لو تدخلت الوقاية والاجهزة المعنية في الوقت المناسب، عوضا عن ذلك اتبثوا لنا المقولة السائدة مجددا والتي تقضي بأن الوقاية والدرك وغيرها من اجهزة الدولة لا تحضر الا لتحمل الجتث لا لتنقد أصحابها وهم على قيد الحياة، هل نحن حقا مواطنون مغاربة ام فقط يهيأ لنا؟ فلا شيء هاهنا يتبث ذلك ما عدا تلك البطاقة المهترئة التي نحملها في جيوبنا.! مات ابناؤنا والقناة الثانية تبث مسلسلاتها الماجنة ولها موعد مع سهرة الليلة وسهرة غدا، والاولى كذلك على موعد مع سهرة الليلة واخرى غداً فالمعنيون هنا أطفال لا حول ولهم ولا قوة، المعنيون هنا لم يكن لهم رصيدا بنكيا ضخما يشفع لهم، بل كان لهم فقط حلم من اجله ماتوا وهو حلم رفع راية الوطن عاليا، وطن لا يعترف بهم الا عندما يتكلف بمصاريف عزائهم وغير ذلك فهم مجرد اطفال رمى بهم القدر في بلد لا يفيهم حقهم. نريد حدادا على اطفالنا فقد سئمنا من اسطواناتكم المكررة، لا نريد برقيات تعازي فالشعب كله حزين والحزن لا يقتصر على السدة العالية فقط، فترجموا حزن الشعب باعلان حداد وطني على ارواح اطفالنا، فطفل من الذين قضوا خير الف مرة عندنا من عجوز مات منذ اشهر في اخر الدنيا ونكست الاعلام واعلن الحداد من أجله ثلاثة ايام بلياليها. اليوم مات 34 طفلا والله أعلم بالقادم، وكعادتنا لنا ثلاثة ايام من النحيب ها هنا وستنتهي الحكاية ويسدل الستار، وننسى اطفالنا كما نسينا من ماتوا قبلهم فقد صدق حقا من قال شعب لا يحزن على جدران الفيس بووك وما عداها فحزنه رهين نفسه. حزننا على شهدائنا الصغار كبير وكبير جداً وقبلهم كان الحزن على ضحايا الفياضانات وضحايا روزامور وضحايا تشكا وهلم جرا، وكل هؤلاء مرت مصائبهم كمر السحاب، لا حداد أعلن، ولا تعويضا قُدّم. أفتخر بمغربيتي وأعشق وطني ولكن هل يفتخر بي وطني يا ترى؟ هل يقدسني وطني كما أقدسه.؟ أم ان قداستي مشترطة بأن يكون لي رصيد في الإتش بي سي، وبأن أحمل لقبا يبد ب آل؟. سيشهد عليكم التاريخ مجددا وسيدون في صفحاته الكثيرة أنكم إستصغرتم ابناءكم واتبثم أنهم مجرد قطيع لديكم كيف لا وموتهم لم يحرك فيكم ساكنا كما حركه شيخ هرم مات بعد ان استوفى كل شروط السعادة. لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، واكرر لنا وطن نحبه ونعشقه ومقابل حبنا له يذمنا ويبغضنا ويحيل حياتنا عليه سوادا، لنا وطن نجهر بعشقه وحبه ويضمر لنا كرها وبغضا ورغم هذا وداك دمت لنا وطنا به نفتخر.. رحم الله أطفالنا وألهم ذويهم الصبر والسلوان وحقا إن العين لتدمع والقلب لحزين لفراقهم فلا حول ولا قوة الا بالله.