مازال المواطن المغربي في القرن 21 هو نفسه مواطن السبعينيات , لأن الحال هو الحال رغم الاختلاف البسيط الذي أفرزته سياسة التصحيح التي يرعاها ملك البلاد . فإذا كانت حكومة أحزاب الأغلبية ترى بأم عينها أن الحال تغير وأفضل ما كان عليه المغرب فيما قبل فذلك يرجع بالأساس لكون حكومة ألأغلبية برجالاتها ونسائها ومكاتبها السياسية لا تنظر لأحوال الأمة إلا عند قرب الانتخابات , ولا يهمها من ولايتها إلا خدمة مصالحها وحمايتها من خلال تعديل القوانين وفرضها بأغلبية مطلقة من خلال نوابها داخل قبة البرلمان . فالنائب البرلماني لا دور له إلا قولة " نعم " عند الحاجة والتصفيق للوزراء بعد كل رد على الأسئلة الشفوية والمقابل 30 ألف درهم كراتب شهري وتقاعد لا ينزل عن سبعة آلاف درهم والله إنها فوضى لا توجد في موريتانيا . فعندما يصبح العمل السياسي نصب واحتيال على المواطنين من قبل أغلب الأحزاب المغربية وأسماء تفوح روائحها بالفساد الأخلاقي والإداري حيث تستمر سياسة المحسوبية والزبونية وإعادة تعيينها وتنصيبها او تغيير الحقيبة فهذه مهزلة تزيد في توسيع الهوة بين العمل السياسي والمواطن ما عدا إذا كانت تلك رغبة الدولة دون الإفصاح عن اللعبة سواء في تخطيطها الثلاثي أو الخماسي أو الأبدي أو إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها (...) فجل الأحزاب لا تتوفر على تاريخ نظيف حسب المعطيات الحقيقية التي طفت على الساحة وعراها مفهوم العهد الجديد خاصة ما دار من اعترافات أمام هيئة الإنصاف والمصالحة واستنتجنا أن الحزب الوطني الوحيد هو حزب الأمة أي الشعب المغربي ولا يمكن لأي حزب سياسي أن يقود مشعل الوطنية بمفرده وحياة المغاربة الضنكا بسبب سياسة الأحزاب التي شاركت في الحكومات السالفة وكانت السبب المباشر في تعطيل المسار التنموي والحقوقي وخلقت المغرب الغير النافع وهمشت الثقافة المغربية الأصيلة مستغلة المناصب الحساسة ورفع تقارير مغلوطة ضد المواطنين من أجل كسب عطف القصر باسم المواطنة الحقة والغيرة الوطنية والباقي تعرفونه . فأمام فشل الأحزاب , وفشل سياستها أصبح المواطن لا يؤمن باليمين ولا باليسار ولا بالروح الوطنية التي تلوكها ألسنة الوزراء وأمناء الأحزاب لأنه لا يعقل أن يعين وزير له مشاكل مع المواطنين وقضايا تطرح في الصحافة الدولية كما لا يعقل تغيير حقيبته فقط أو تنصيبه مسؤولا بدلا من وزير والديمقراطية تقتضي احترام كرامة المواطنين واستفتاء الشعب في كل أمور الشأن العام لكن ما يلاحظ أن الوجوه التي تمكنت من الاستقواء واستحوذت على مناصب هي التي تتواجد اليوم على كراسي المسؤوليات بمعنى أن سياسة السبعينات هي القائمة مع التغيير في الشكل وحتى لا تلحق التهم بالأحزاب التي فقدت المصداقية التاريخية والسياسية وبدا ضعفها قائما أمام صحوة الشباب لجأت قيادة الأحزاب نحو سياسة التحالفات أي كسب أصوات النواب وتذويب أحزاب في روح واحدة والخطأ الفادح أن سياسة " كور واعطي اللعور " بدت مع طلوع فجر جديد فبعض التحالفات وصلت إلى المحاكم المغربية وأحزاب استقطبت نوابا كقطيع أغنام وتحالف اليمين واليسار والشيوعي مع الإسلامي مع الاشتراكي وأمام هذه الخلطة يحافظ كل الأمناء على زعامتهم رغم الخروقات التي اقترفها البعض ويبقى أملنا أن يكشفها قضاة المجلس الأعلى للحسابات بعد حين . فإذا كانت سياسة الكتلة فاشلة والوفاق الوطني الذي مات رضيعا بعد يومين وكلاهما معا يضم أحزابا قوية في اعتقادهم فما أعلنوا عنه من أهداف منشودة لم تجد نفسها على ارض الواقع لكون التحالفات يبقى هدفها الأول والأخير المشاركة في الحكومة ونيل الكراسي والاغتناء ولا علاقة لهم بالإصلاحات الدستورية والسياسية وأغلب مكونات النخبة السياسية التي بني عليها المواطن مشروعه المستقبلي كانت منغمسة ومتورطة من رأسها حتى الرجليها . إجمالا يمكننا أن نقول أن التحالفات التي عاشتها السياسة المغربية منذ التاريخ كانت فاشلة ولم تخدم الأمة المغربية أكثر ما خدمت أهداف المصلحة الخاصة للأحزاب واليوم نرى ملك البلاد يصحح أخطاء الحكومات السالفة تكريما للشعب المغربي من خلال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وإقالة المسؤولين المتلاعبين محاربا النفاق الإداري والوقوف شخصيا على الأوراش الكبرى ودور الأحزاب قادما , ويبقى أمل المواطنين حسب استقراء الرأي المطالبة بالتحكيم الملكي وحل الأحزاب المغربية التي لا تحترم نفسها وخاصة التي رفعت شعار المقايضة وهي خارج الحكومة ونصبت واحتالت على الشعب المغربي من خلال برامج انتخابية واهية وسمحت لنوابها بالترحال إلى أحزاب أخرى دون استشارة الناخبين.