شاءت الأقدار هذه السنة أن يتم إجراء الإنتخابات الجماعية في المغرب بعد أسبوع بالضبط من احتفال العالم بيوم البيئة، في وقت تعاني فيه بيئتنا الانتخابية من تلوث وكارثة حقيقية، وهو ما يستدعي بصورة عاجلة تفعيل مقتضيات التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية بشأن المحافظة على البيئة. وفي حقيقة الأمر لا ندري إن كان من بين أجندة الجهات المسؤولة وفعاليات المجتمع المدني التي اعتادت تنظيم النشاطات واللقاءات وعمليات تنظيف الشوارع وتشجير الفضاءات (الخضراء) في مدننا، القيام بنفس الشيء لتطهير الساحات الانتخابية التي تفوح منها روائح الرشوة والفساد الكريهة. فمن المعلوم أن الإنسان النقي والنظيف بفطرته ينفر من كل ما هو نجس ووسخ، تماما مثلما يصنع المواطنون الشرفاء مع هذه الإنتخابات التي تزكم عفونتها الأنوف، وبالتالي ينصرفون نحو الفضاءات التي يرتاحون فيها ذهنيا وفكريا، وما ذالك هنا إلا حياة العزوف والإعراض عن كل ما يمت بالسياسة بصلة. التلوث الانتخابي ينعكس سلبا على البيئة الطبيعية بصورة مباشرة، وليس فقط على الحياة السياسية. فتنصل المستشارين عن وعودهم وواجباتهم ومكوثهم في أبراجهم العاجية في انتظار محطة انتخابية أخرى لينفثوا نفاياتهم مجددا، يترك شوارعنا وأزقتنا بطبيعة الحال عرضة للأزبال والنفايات وغير ذالك، مما يجعل من الأحرى بجمعيات المحافظة على البيئة والجهات المسؤولة في الدولة بمحاربة منابع التلوث من أساسه، لان تلوث الفكر يؤدي تلقائيا إلى تلوث البيئة، وكثير من السياسيين والمرشحين من ذوي فكر ملوث. وهكذا فإن إقناع المواطنين بجدوى المشاركة في الإنتخابات والحياة السياسية لن يجدي ما دام التلوث الانتخابي مستشريا بين أوصال هذه الحياة السياسية. فعندما يتم تطهير الساحة من سماسرة الأصوات، وعندما يتوقف التلاعب بالانتخابات، عند ذالك فقط سترى الناس أفواجا نحو صناديق الاقتراع قاصدين وفي الحياة السياسية مشاركين، وعند ذالك فبشرهم بحياة سياسية وبيئية نظيفة. [email protected]