لعل الجميع يدرك معنى القيادة ، وان تعلقت بقيادة السيارات ، لكن أظن ، وأظن أن ظني مخطئ القليل من يدرك معنى القرادة . وهو معنى ينسحب على صاحب القرد الذي يتخذ من القرد أداة للاسترزاق بتعليمه مجموعة من الفنون البهلوانية يعرضها أمام حشد من الناس ، وبعد كل عرض او حركة يطلب منهم التصفيق ، وفي النهاية له حق طلب بعض العطايا المالية . فقد قاد القراد باقتدار قرده وحشده في مدة زمنية معينة الى الترفيه وممارسة بعض الحركات التنشيطية للدماغ بالنسبة للمتفرجين وأدخل عليهم بعض التهوية النفسية بعدما أرهقتهم شروط الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية القاسية . لا يختلف وضع قرادنا بوضع قادة أحزابنا ، غير أن القراد الفرجوي يستعين بقرد من الغابة ، والقراد السياسي يستعين بقدرته الهائلة على التحول الذاتي الى قرد . فيصبح الزعيم الهمام قردا لايلام ، لأن ظروف الاشتغال السياسي في المغرب تفرض عليه التحول الى قرد من نوع آخر ، يضحك ويبكي في آن ، عكس قرد القراد الذي يختص بوظيفة واحدة هي الاضحاك وادخال بعض الراحة على نفس مكلومة ومهضومة تئن من معاناة هي أحيانا بفعل غياب الوعي السياسي تصبح حيرة سلبية . لم أتابع يوما واحدا سياسيا مغربيا من ساسة الحكومة يتحدث الى الشعب ، وان الى طائفته وعشيرته الحزبية لغة سياسية راقية ، تضبط موضوعها وتشرحه وفق المعطيات العلمية والمنطقية، وتربطه بشبكة المعلومات المتعلقة به ، وتقف على الأسباب الحقيقية التي أفرزت توليد الاهتمام بهذا الموضوع والأهداف المتوخاة من عرضه ، والاستراتيجيات الممكن تركيبها على ضوء الحقائق المعروضة امام الجميع والاضافات الممكنة من الحاضرين . جميعهم دخلوا منذ تنصيب حكومة البيجيدي المرقعة باليسار واليمين وأقصى اليسار وأقصى اليمين ، تجاوزا طبعا ،فهذا التقسيم لا يستقيم ، فهنا وما أدراك ما هنا ، قد يصبح الشيوعي حاجا لبيت الله الحرام ، والزاهد لقيط حانات خمسة نجوم . أما عن الايديولوجيا فقد تتحول "قليبولوجيا " . قلب شقلب ، والله ينصر الغالب . قلت جميعهم دخلوا سوق الجوطية ، المختصة ببيع الأقمشة ومختلف الأمتعة البالية ، ولم يتعلموا من فن السياسة الا الديماغوجية المهترئة ، الى درجة أن أمينا عاما لحزب ما يصف رئيس الحكومة بأقذع النعوت ، لكن حزبه ووزراءه يستمتعون بامتيازات المسؤولية الحكومية وما يترتب عنها ، بل ان الحزب القائد ينتقد أداء الحكومة ، وكأن قادته مصابون بداء الانفصام ، او الوسواس القهري . ووزير لايرضى الركوب في الأوتوبيسات ، لأنه لا يعيش في زمن فيه رئيس حكومة احدى أكبر دول العالم وهو " دايفد كاميرون " يستقل الترامواي ،والآخر يذهب الى مبنى رئاسة الحكومة بالدارجة الهوائية وهو رئيس الحكومة الهولندية السيد "مارك روته " ، أما رئيس ثاني أكبر دولة في العالم روسيا الفيدرالية ، فهو لايركب الا سيارة من صنع محلي لايتجاوز سعرها ثلاثين مليون سنتيم ، ورئيس حكومة الهند ، يستقل سيارة هندية لا يتجاوز سعرها ثلاثين مليون سنتيم ، أما اذا قفزنا الى رئيس جمهورية الاوروغواي فسوف نصاب بالخجل ، وهو رئيس دولة وليس مجرد وزير قفز الى الحكومة عن طريق التوريث والتعويض عن الخدمات الجليلة التي قدمها الوالد للنظام . هذا بعض من واقع القرادة بالمغرب ، لغة السوس وسلوك اليبوس ، وفي الهواء وعبر الجرائد حرب البسوس .