نظمت حركة التوحيد والاصلاح يوم السبت 9 أبريل على الساعة الخامسة والنصف مساءا بقاعة الندوات بقصر البلدية بطنجة محاضرة تحت عنوان "الاصلاح السياسي والوضع الراهن بالمغرب" من تأطير الأستاذ مصطفى الخلفي رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة ومدير يومية التجديد وعضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح. تم افتتاح المحاضرة بآيات بينات من الذكر الحكيم ليقوم الأستاذ محمد عليلو رئيس حركة التوحيد والاصلاح بجهة الشمال الغربي بالتقديم للمحاضرة مرحبا بالحضور ومبرزا الظروف التي جاءت فيها هذه المحاضرة والمتمثلة في التحولات السياسية التي يشهدها المغرب من خلال الحراك الشعبي وموازاة مع الخطاب الملكي الداعي لإصلاحات سياسية ودستورية،دون أن يتم تجاهل التحولات الحاصلة في العالم العربي منذ ثورة البوعزيزي والتي لم تستثني حتى دول الخليج.وأبرز الأستاذ عليلو أن الشعوب العربية ليست لها مطالب اقتصادية واجتماعية فقط ،بل هناك حضورا قويا لمطالب الاصلاح السياسي والدستوري.فبعد تنحي بنعلي ومبارك ما زال التدافع مستمرا في ليبيا واليمن وسوريا.وأكد الأستاذ عليلو أن المغرب لا يمثل استثناءا فقد خرج المجتمع المغربي بكل مكوناته وتلويناته السياسية،مطالبا بالاصلاح.ورغم تباين مواقف الأحزاب والمنظمات والنقابات حول الاصلاح،جاء الخطاب الملكي 9 مارس ليضع أرضية ومنطلقا للإصلاح المنشود بالمغرب. بعدها أعطيت الكلمة للأستاذ عبد الخالق الغربي ليقوم بتلاوة "نداء الاصلاح الديمقراطي" هذا النداء الذي أصدرته ست هيئات وطنية في تفاعل مع الخطاب الملكي 9 مارس 2011. قدم الدكتور مصطفى الخلفي لمحاضرته بالتساؤل حول حضور الانسان العربي الذي يقف في حيرة أمام التطورات الحاصلة والمتتالية والتي تصيبه بالخيبة.فبقدر ما يحتاج الانسان العربي للتغيير بقدر ما يحتاج للفهم.فحسب الدكتور الخلفي يصطدم الانسان العربي بواقع موضوعي متمثل في القمع والاستبداد والتسلط بمختلف أشكاله. أوضح الدكتور الخلفي أن فكرة المحاضرة كانت حاضرة قبل هذا الوقت وبالضبط منذ أحداث العيون"اكديم إيزيك" غير أن مستجدات الساحة المغربية فرضتها في هذا الوقت.خصوصا وأن المغرب يسير في مسار انحداري بهدف بناء النموذج التونسي والمصري من خلال نظام حاكم محاط بأحزاب شكلية وحزب وحيد تابع للنظام يستعمل القمع السياسي لإفراغ التعددية الحزبية من محتواها وجعل مشاركة الاسلاميين مشاركة شكلية الهدف الوحيد من اشراكهم في العمل السياسي هو اضعافهم.ويستند الحزب القمعي في أعماله على الثروة بتفويت الملك العموي والامتيازات،والسلطة عن طريق نسج شبكة من العلاقات النافذة.والقيم عن طريق الهاء المجتمع بالمهرجانات والاعلام والفن الرديء.وتمثلت أبرز النتائج السلبية لهذا التسلط في أحداث" اكديم ايزيك".فإلى غاية الثورة التونسية كان السير نحو تكريس النموذج التونسي. واعتبر مصطفى الخلفي أن احراق البوعزيزي لنفسه يشكل عاملا محفزا ،أما العوامل التي أنتجته فهي القمع والتسلط في أعلى درجاتهما، وفي حالة المغرب بين الدكتور أن "متتالية" الاصلاح بدأت،وأن أي طرف كيفما كانت توجهاته في حالة تراجعه يصبح فاقدا للمصداقية.والسؤال الكبير الذي يطرح حاليا هو ،ما تأثير كل هذا على المغرب؟ وقد أوضح الكتور أن المغرب في مرحلة مفصلية مفترق الطرق،وهو مخير ما بين ثلاث مسارات. المسار الأول:يتمثل في الذين يقولون بأن ما يقع مجرد موجة،وأنه يمكن شغل الشعب بإصلاح الدستور إلى حين مرورها.كما يرون أن الخطاب الملكي جاء استباقيا إلى حين مرور موجة الإصلاحات، ويبنى هذا الموقف جيوب المقاومة المستعدة للقيام بكل ما يلزم للمحافظة على مصالحها وامتيازاتها،عن طريق التكييف والاحتواء والالتفاف. - المسار الثاني :مسار الاصلاح الديمقراطي،وهو يجمع بين مجموعة من الفاعلين والحركات الاحتجاجية وبرز من خلال حركة 20 فبراير إضافة إلى مجموعة من النداءات التي تفاعلت مع الخطاب الملكي الذي ربط المسؤولية بالمحاسبة. - المسار الثالث : يؤمن بفكرة عدم وضع سقف للحركة الإصلاحية. بعد ذلك بين الخلفي أن العمل السياسي في المغرب في مأزق كبير جدا.وللحسم في المسار الثاني يجب الحسم في ثلاث إشكاليات وهي "الدستور – العملية الانتخابية – الحقوق السياسية والعامة " وللحسم في المسار الثاني يجب الحسم في الإشكاليات الآنفة الذكر ،إضافة إلى تفكيك إرث السلطوية وتوسيع هامش الحريات وضرورة التخلي عن منطق الجرعات الصغيرة للمشروع الاصلاحي والذي يفقده مصداقيته ونجاحه. وقال الدكتور مصطفى الخلفي أنه متفائل تفاؤلا ناقصا نظرا لوجود عدة تحديات أمام المشروع الدستوري،وخصوصا جيوب المقاومة،والغموض .غير أن ما يحتاج إليه الاصلاح بالمغرب هو دستور ديمقراطي يفصل بين السلط وبرلمان قوي يمارس مهاما تشريعية ورقابية . وفي الختام بين الدكتور مصطفى الخلفي أن المغرب يشهد حاليا معركة حقيقية حول الإصلاح الدستوري غير أن جيوب المقاومة والممانعة تبذل كل ما في وسعها لإفشال الإصلاح. و السؤال المطروح هو: ما هو دور حركة التوحيد والإصلاح في الدفع بمسار الإصلاح وقطع الطريق أمام كل من يريد الإفشال، ومن هنا جاء نداء الإصلاح الديمقراطي كأرضية لمغرب الدستور الديمقراطي والحريات.