توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    وضعية السوق العشوائي لبيع السمك بالجملة بالجديدة: تحديات صحية وبيئية تهدد المستهلك    منتدى الصحافيين والإعلاميين الشباب يجتمع بمندوب الصحة بإقليم الجديدة    تلميذ يرسل مدير مؤسسة تعليمية إلى المستشفى بأولاد افرج    معرض القاهرة الدولي للكتاب .. حضور وازن للشاعر والإعلامي المغربي سعيد كوبريت في أمسية شعرية دولية    لقاء ينبش في ذاكرة ابن الموقت    الولايات المتحدة.. طائرات عسكرية لنقل المهاجرين المرحلين    الخارجية الأمريكية تقرر حظر رفع علم المثليين في السفارات والمباني الحكومية    طنجة.. حفل توزيع الشواهد التقديرية بثانوية طارق بن زياد    إسرائيل تفرج عن محمد الطوس أقدم معتقل فلسطيني في سجونها ضمن صفقة التبادل مع حماس    بطولة إيطاليا لكرة القدم .. نابولي يفوز على ضيفه يوفنتوس (2-1)    تدشين وإطلاق عدة مشاريع للتنمية الفلاحية والقروية بإقليمي تطوان وشفشاون    الكشف عن شعار "كان المغرب 2025"    تفكيك شبكة تزوير.. توقيف شخصين وحجز أختام ووثائق مزورة بطنجة    الدفاع الحسني الجديدي يتعاقد مع المدرب البرتغالي روي ألميدا    ملفات التعليم العالقة.. لقاءات مكثفة بين النقابات ووزارة التربية الوطنية    أغنية "Mani Ngwa" للرابور الناظوري A-JEY تسلط الضوء على معاناة الشباب في ظل الأزمات المعاصرة    "الحُلم صار حقيقة".. هتافات وزغاريد وألعاب نارية تستقبل أسرى فلسطينيين    أوروبا تأمل اتفاقا جديدا مع المغرب    استمرار الأجواء الباردة واحتمال عودة الأمطار للمملكة الأسبوع المقبل    القنصلية العامة للمملكة بمدريد تحتفل برأس السنة الامازيغية    هوية بصرية جديدة و برنامج ثقافي و فني لشهر فبراير 2025    حصار بوحمرون: هذه حصيلة حملة مواجهة تفشي الوباء بإقليم الناظور    أيوب الحومي يعود بقوة ويغني للصحراء المغربية    هذه خلاصات لقاء النقابات مع وزارة التربية الوطنية    ملتقى الدراسة في إسبانيا 2025: وجهة تعليمية جديدة للطلبة المغاربة    الجمعية المغربية للإغاثة المدنية تزور قنصليتي السنغال وغينيا بيساو في الداخلة لتعزيز التعاون    إفران: استفادة أزيد من 4000 أسرة من عملية واسعة النطاق لمواجهة آثار موجة البرد    جبهة "لاسامير" تنتقد فشل مجلس المنافسة في ضبط سوق المحروقات وتجدد المطالبة بإلغاء التحرير    أداء الأسبوع سلبي ببورصة البيضاء    فريدجي: الجهود الملكية تخدم إفريقيا    وزارة الصحة تعلن عن الإجراءات الصحية الجديدة لأداء مناسك العمرة    كيف كان ملك المغرب الوحيد من بين القادة العالميين الذي قرر تكريم ترامب بأرفع وسام قبل مغادرته البيت الأبيض بيوم واحد    من العروي إلى مصر :كتاب "العناد" في معرض القاهرة الدولي    "مرض غامض" يثير القلق في الهند    الأميرة للا حسناء تترأس حفل عشاء خيري لدعم العمل الإنساني والتعاون الدبلوماسي    فعاليات فنية وثقافية في بني عمارت تحتفل بمناسبة السنة الأمازيغية 2975    وزارة الصحة تعلن أمرا هاما للراغبين في أداء مناسك العمرة    إطلاق أول مدرسة لكرة السلة (إن بي أي) في المغرب    السياحة الصينية المغربية على موعد مع دينامية غير مسبوقة    إس.رائ..يل تطلق سراح أقدم أسير فل.سط..يني    حماس تسلم الصليب الأحمر 4 محتجزات إسرائيليات    المغرب يفرض تلقيحاً إلزاميًا للمسافرين إلى السعودية لأداء العمرة    مونديال 2026: ملاعب المملكة تفتح أبوابها أمام منتخبات إفريقيا لإجراء لقاءات التصفيات    لقجع.. استيراد اللحوم غير كافي ولولا هذا الأمر لكانت الأسعار أغلى بكثير    تيرغالين: الوداد وبركان لم يفاوضاني    الربط المائي بين "وادي المخازن ودار خروفة" يصل إلى مرحلة التجريب    "حادث خلال تدريب" يسلب حياة رياضية شابة في إيطاليا    ريال مدريد أكثر فريق تم إلغاء أهدافه في الليغا بتقنية "الفار"    نوفاكو فاشن: احتجاجات العمال غير مبررة وتسببت في خسائر فادحة    اثنان بجهة طنجة.. وزارة السياحة تُخصص 188 مليون درهم لتثمين قرى سياحية    أرقام فظيعة .. لا تخيف أحدا!    بالصدى .. بايتاس .. وزارة الصحة .. والحصبة    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بكالوريا 2020 .. الاستثناء في زمن الوباء
نشر في تطوان بلوس يوم 02 - 07 - 2020

تنطلق اختبارات الدورة العادية للامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة البكالوريا -دورة يوليوز 2020-في ظرفية خاصة واستثنائية مرتبطة بجائحة وباء كورونا المستجد "كوفيد 19″، بشكل يجعل منها دورة استثنائية بكل المقاييس، في ظل عام دراسي حمل "طابع الاستثناء" ميزه تبني تجربة "التعليم عن بعد" لضمان الاستمرارية البيداغوجية، عقب التوقيف الاضطراري للدروس الحضورية منذ أواسط شهر مارس الماضي، بعد فرض حالة الطوارئ الصحية وما ارتبط بها من حجر صحي ومن إجراءات وقائية وتدابير احترازيةذات صلة بالتصدي للفيروس التاجي والحيلولة دون تفشي العدوى.

على مستوى المواعيد، تجري الدورة في شهر يوليوز بدل شهر يونيو كما جرت العادة منذ سنوات، وفق برمجة غير مألوفة اعتمد فيها على خيار "الأقطاب" في محاولة للتقليص من حدة الاكتظاظ، الذي قد يتعذر معه تحقيق الإجراءات الحاجزية من تباعد جسدي واحترام مسافة الأمان وتفادي التجمعات بين المترشحات والمترشحين، وفي هذا الصدد، ولأول مرة في تاريخ نظام البكالوريا المغربية، ستجرى امتحانات البكالوريا في مرحلتين:

– مرحلة أولى تهم قطب الآداب والعلوم الإنسانية بمسلكيها (مسلك الآداب ومسلك العلوم الإنسانية) وشعبة التعليم الأصيل بمسلكيها (مسلك اللغة العربية ومسلك العلوم الشرعية) يومي الجمعة 3 والسبت 4 يوليوز 2020.

– مرحلة ثانية تهم قطبالعلوم : شعبة العلوم التجريبية بمسالكها (علوم الحياة والأرض والعلوم الفيزيائية والعلوم الزراعية) وكذا شعبة العلوم الرياضية بمسلكيها (العلوم الرياضية "أ" والعلوم الرياضية "ب") وشعبة علوم الاقتصاد والتدبير بمسلكيها (العلوم الاقتصادية وعلوم التدبير المحاسباتي) وشعبة العلوم والتكنولوجيات بمسلكيها( العلوم والتكنولوجيات الكهربائية والعلوم والتكنولوجيات الميكانيكية وشعبة الفنون التطبيقية وجميع مسالك البكالوريا المهنية، والتي ستجري امتحاناتها ابتداء من يوم الاثنين 6 وإلى غاية يوم الخميس 9 يوليوز 2020.

ولم تتوقف عجلة التغيير عند الامتحان الوطني الموحد للبكالوريا، بل امتدت حتى للامتحان الجهوي الموحد للبكالوريا، والذي سيجري بدوره في مرحلتين، مرحلة أولى تخص "المترشحين الأحرار" بالنسبة لجميع الشعب، والتي أجريت يومي 1و2 من شهر يوليوز الجاري، بينما المرحلة الثانية، ستهم "المترشحين المتمدرسين"، ويرتقب إجراء الامتحانات المرتبطة بها، غضون الأسبوع الأول من شهر شتنبر القادم، وهذه البرمجة، ستترتب عنها، تغييرات على مستوى مواعيد الإعلان عن نتائج الدورة العادية (يوم 15 يوليوز) والدورة الاستدراكية (من 22 إلى 24 يوليوز 2020) ونتائج الدورة الاستدراكية (29 يوليوز).

وإذا كان العام الدراسي قد ميزه اعتماد تجربة "التعليم عن بعد"، فإن هذا النمط من التعليم "غير المألوف" في الأدبيات التربوية المغربية وفي واقع الممارسة التعليمية، قد أثار زوبعة من الجدل على مستوى النجاعة والفاعلية والقدرة على تحقيق العدالة والمساواة وتأمين الحق في التعلم، في ظل الفوارق السوسيومجالية، وفي هذا الإطار، وحرصا على مبدأ "تكافؤ الفرص" بين جميع المتعلمات والمتعلمين، لم تجد الوزارة الوصية بدا، من الإعلان في بلاغ لها (صادر يوم الثلاثاء 12 ماي 2020) أن مواضيع امتحان البكالوريا بالنسبة للسنة الأولى والثانية، ستشمل "حصريا الدروس التي تم إنجازها حضوريا، قبل تعليق الدراسة"، الأمر الذي فرض استعجال تنزيل "أطر مرجعية مكيفة" تحدد خارطة طريق المضامين المبرمجة في الامتحانات وما يرتبط بها من كفايات، مما شكل "زحزحة" خفيفة للأطر المرجعية التي ظلت راكدة وصامدة منذ سنوات، ورغم أن الزحزحة، غير مؤثرة ولم تتجاوز حدود حذف الدروس التي تمت في إطار "التعليم عن بعد"، فهي مناسبة للمطالبة بالتحرك في اتجاه نفض الغبار عن الأطر المرجعية التي شاخت بفعل الزمن، في إطار رؤية شمولية، تؤسس لمنظومة جديدة للبكالوريا على مستوى المناهج والبرامج والأطر المرجعية وأشكال التقويم، بشكل يقطع مع مفردات تجاوزها الزمن مرتبطة بالحفظ والتخزين والذاكرة والشحن، ويطلق العنان للمناهج والفكر النقدي والمواقف والمهارات وما تتيحه "الرقمنة" من فرص بيداغوجية وتواصلية محفزة على التعلم الذاتي والتعلم مدى الحياة ..

وقد اتسعت دائرة الاستثناء لتشمل باقي المستويات الدراسية الأخرى، بعدما أكدت الوزارة الوصية في ذات البلاغ، "عدم استئناف الدراسة الحضورية بالنسبة لجميع التلاميذ إلى غاية شهر شتنبر المقبل" ما عدا "الإجراء الحضوري"على التوالي للامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة البكالوريا – دورة 2020- (شهر يوليوز) والامتحان الجهوي الموحد للسنة الأولى بكالوريا – دورة 2020- بالنسبة للمترشحين المتمدرسين (شهر شتنبر)، والإعلان عن "عدم خضوع تلاميذ باقي المستويات الدراسية للأسلاك الثلاثة (ابتدائي، إعدادي،ثانوي) لامتحانات آخر السنة، بما في ذلك الامتحان الخاص بالمستوى السادس ابتدائي وامتحان السنة الثالثة إعدادي، والاكتفاء في إقرار النجاح والمرور إلى المستوى الموالي، بالاعتماد على نقط الامتحانات وفروض المراقبة المستمرة "المنجزة حضوريا" إلى حدود تاريخ تعليق الدراسة (أي 14 مارس 2020)".

وهي قرارات شجاعة، حررت نفسية الكثير من التلاميذ والأسر في ظل حجر صحي ترتبت عنه تداعيات جانبية متعددة المستويات، ازدادت تعقيدا أمام "تعليم عن بعد" أرهق التلاميذ والأسر والأطر التربوية والإدارية على حد سواء، ما عدا "مقاولات التعليم الخصوصي" (مع وجود الاستثناء طبعا) التي لم يرضيها ما صدر من قرارات "غير مسبوقة"، ليس حبا في سواد عيون التلاميذ وأولياء أمورهم، ولكن حرصا على "المصلحة العمياء" التي لا تنتصر إلا للأنانية المفرطة والجشع، ولا تحتكم إلا لسلطة "الربح" و"الكسب" دون اعتبار للجائحة ولا للأزمة ولا لتأثيراتها الاجتماعية والاقتصادية على أولياء الأمور، ولا للظرفية "الاستثنائية" التي تقتضي تملك قيم "الصبر" و"التضحية" و"التضامن" و"التعاضد"، وهي فرصة، لفتح ملف هذه المؤسسات "الخصوصية" التي أبانت "الجائحة الكورونية" أنها "مقاولات اقتصادية" تتحكم فيها هواجس "الربح" و"الخسارة" أكثر ما هي "مؤسسات تربوية" حاملة لرسالة تربوية وقيمية ومجتمعية وتنموية، بما يضمن إخضاعها لسلطة القانون وما تفرضه من افتحاص محاسباتي ورقابة إدارية وتربوية، ومن المخجل أن يخرج بعض أربابها لتهديد أولياء الأمور ممن يرغبون في تنقيل أبنائهم لمؤسسات خصوصية أخرى، والبعض الآخر، لم يجد حرجا في الإعلان أنه "مقاول" وغايته هي "الربح"، ومن المؤسف، أن تظل النزاعات قائمة إلى اليوم بين أرباب بعض المؤسسات الخصوصية وأولياء الأمور في أكثر من مدينة، في غياب أية "سلطة إدارية وقانونية" تتيح للوزارة الوصية، التدخل لفض نزاعات حضرت فيها "الأنانية" و"المصلحة" و"المادة" على حساب "التربية" و"القيم" والمصلحة الفضلى للتلاميذ، مع التنويه بمجموعة من "المؤسسات المواطنة" التي كانت في الموعد واتخذت مواقف مسؤولة مراعاة لمصلحة الأسر، في ظرفية خاصة واستثنائية، سيسجل بعدها التاريخ "من أصاب" و "من خاب".. من كان للوطن دعما وسندا ومن عبث بجسد الوطن بدون خجل أو حياء، مفضلا لغة التهديد والوعد والوعيد …

وبما أن هذا الاستحقاق الوطني سيجري في زمن الوباء، فقد حضر هاجس الوقاية والسلامة في جميع مراحل الإعداد والتنظيم، حفاظا على صحة جميع المترشحات والمترشحين وكافة المتدخلين في العملية من أطر إدارية وتربوية، عبر تنزيل "بروتوكول صحي"، لم تتوقف عجلته عند حدود "التعقيم" و"الكمامات" و"أغطية الرأس" و"قياس درجات الحرارة" و"تهيئ غرف للعزل" في حالة اكتشاف أية إصابة مؤكدة، بل وامتدت نحو خيارات أخرى "غير مسبوقة" في تاريخ البكالوريا المغربية، تجسدت في التقليص من عدد المترشحات والمترشحين داخل القاعات منعشرين (20) مترشحا كما جرت العادة، إلىعشرة(10) مترشحين، والانفتاح على القاعات الرياضية ومدرجات الجامعات، وهي فضاءات كان من الضروري اللجوء إليها، حرصا على الإجراءات الوقائية والاحترازية، ويرتقب أن تحضر نفس الهواجس الوقائية والاحترازية داخل مراكز التصحيح والمداولات على غرار مراكز الامتحانات.

معطيات أخرى ذات "طابع استثنائي" تميز الامتحان الوطني الموحد -دورة 2020- ارتبطت بالتعبئة الجماعية المتعددة المستويات، التي عكستها جملة من المبادرات "المواطنة" الصادرة عن عدد من الجهات، في إطار الإسهام الجماعي في إنجاح هذا الاستحقاق الوطني، بدءا بانخراط قنوات القطب العمومي (الثقافية، العيون الجهوية، الأمازيغية، الرياضية) في دعم عملية "التعليم عن بعد" عبر بث دروس ومحاضرات مصورة موجهة لجميع المستويات الدراسية من التعليم الأولي إلى العالي، وحصص للتربية البدنية والمهارات الحياتية والتوجيه المدرسي والمهني والجامعي ودروس الدعم والتقوية والتحضير للامتحانات، مرورا بانخراط "جمعية جهات المغرب" في تعزيز ودعم التدابير الوقائية والاحترازية، بمنحها ما مجموعه "560" ألف قناع واقي للرأس، لفائدة المترشحين والأطر التربوية والإدارية المشاركة في الامتحان، بما يضمن تأمين سلامتهم وصحتهم وتمكينهم من ظروف اشتغال مواتية وآمنة (بلاغ مشترك بين "وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي" و"جمعية جهات المغرب" بتاريخ 24 يونيو 2020)، وانتهاء بمبادرة "المجالس المنتخبة" – بتنسيق مع السلطات المحلية و شركات النقل الحضري – التي انخرطت في "توفير خدمة النقل المجاني" لفائدة المترشحات والمترشحين لنيل شهادة البكالوريا ببعض الجهات على امتداد فترة إجراء الاختبارات، بشكل يسمح بتمكينهم من الوصول إلى مراكز الامتحانات في الوقت المحدد وفي ظروف جيدة ولائقة، ويتعلق الأمر بشركات النقل "فوغال باص"، "ألزا باص"، "سيتي باص فاس"، "ايكوينوكس للنقل" و"موبيليس ديف"، إضافة إلى كافة الشركاء الذين أطلقوا مبادرات مماثلة من أجل توفير النقل للمترشحين في هذه الظرفية الاستثنائية. (بلاغ إخباري للوزارة الوصية صادر بتاريخ 30 يونيو 2020)، وكذا الانخراط الفعلي لمختلف السلطات الصحية والأمنية والترابية، دون إغفال الدور المحوري لنساء ورجال التعليم في إنجاح تجربة "التعليم عن بعد" لما عبروا عنه من حس تضامني "مواطن" في إنتاج المضامين الرقمية والحرص على الاستمرارية البيداغوجية، باستعمال وسائلهم التقنية والمادية الخاصة، في غياب أي دعم أو تحفيز.

بلغة الأرقام، ستجري أطوار الدورة العادية للامتحان الوطني الموحد للبكالوريا – دورة 2020- ما بين 3 إلى 9 يوليوز الجاري، بعدد مترشحات و مترشحين بلغ "441" ألف و238 مترشحة ومترشحا، بعدد "ممدرسين" بلغ "318" ألف و"917″ مترشح(ة)، منهم "282" ألف و"48″ بالتعليم العمومي (64 في المائة من مجموع المترشحات والمترشحين) و "36" ألف و"869″ مترشح(ة) بالتعليم الخصوصي (8 في المائة من مجموع المترشحات والمترشحين)، أي ما نسبته 72 في المائة من "المترشحين الممدرسين"، مقابل ذلك، بلغ عدد "المترشحين الأحرار" ما مجموعه "122" ألف و"321″ مترشح(ة)، بما نسبته "28" في المائة من مجموع المترشحين، مقابل ذلك، ناهزت نسبة الإناث "49" في المائة" من مجموع المترشحين.

وسيتولى الإشراف على حراستها ما مجموعه "91" ألف و143 من الأطر التربوية، مقابل "31" ألف و281 مكلفا بتصحيح إنجازات المترشحات والمترشحين، وعلى مستوى مراكز الامتحان، فقد انتقلت من "1500" مركزا سنة 2019 إلى "2155" مركزا خلال هذه الدورة الجارية، موزعة بين قاعات مغطاة (100 قاعة مغطاة) ومدرجات جامعية (145 مدرجا) ومؤسسات تعليمية (1910 مؤسسة تعليمية) ومؤسسات سجنية (46) تضم ما مجموعه "107" قاعة، سيمتحن فيها نحو "856" مترشحة ومترشحا، مقابل تخصيص ما مجموعه "371" مركزا للتصحيح بمختلف المديريات الإقليمية، وتوسيع وعاء مراكز الامتحانات هذه الدورة، ارتبط بالأساس بتقليص عدد المترشحين داخل القاعات ("10" مترشحين داخل كل قاعة، وهو رقم قد يمكن الرهان عليه لكسر شوكة "الغش المدرسي بمناسبة الامتحانات الإشهادية) والحرص على التدابير الوقائية والاحترازية بالانفتاح على القاعات الرياضية ومدرجات الجامعات، مما استلزم تعبئة عدد قياسي من الأطر التربوية والإدارية لتأمين مختلف العمليات المرتبطة بهذا الاستحقاق الوطني (بلاغ صحفي صادر يوم 18 يونيو 2020).

وهي مناسبة لدعوة الوزارة الوصية على القطاع، إلى استحضار حجم المسؤوليات الجسام التي يتحملها نساء ورجال التعليم كل سنة بمناسبة استحقاقات البكالوريا بشقيها الوطني والجهوي (الحراسة، التصحيح، مسك النقط ضمن منظومة مسار..)، باستعجال تنزيل منظومة للتحفيز(تعويضات مادية) تسمح ليس فقط بكسب رهان الجودة والفاعلية والنجاعة، بل وتتيح للأطر التربوية والإدارية الإقبال على هذه المهمات "الشاقة" بكل ما يلزم من أريحية وقابلية واستعداد، ومن غير المقبول أن يتمتع مجموعة من الموظفين في عدد من القطاعات بكل شروط الدعم والتحفيز، بينما نساء ورجال التعليم تتقاطر عليهم المهمات تباعا بالمجان، وفي غياب أدنى شروط "التحفيز" و"الاعتراف"، مما يقوي أحاسيس اليأس والإحباط وفقدان الثقة، ويكبح جماح المردودية وروح المبادرة .

هي إذن "بكالوريا" استثنائية ستجري أطوارها في "طقوس استثنائية" مرتبطة بالجائحة التي أربكت العالم وبعثرت كل الأوراق واختبرت قدرات العديد من المنظومات التربوية عبر العالم، وما تم اتخاذه على المستوى الوطني من قرارات "غير مسبوقة"، قد نضعه في "خانة الاستثناء" بعد رحيل الجائحة والعودة التدريجية للحياة الطبيعية وللدروس الحضورية التي لا يمكن قطعا تعويضها بالتعليم "عن بعد"، لكن داخل "الاستثناء"، برزت جملة من القضايا التربوية التي ما كان لها أن تبرز بهذه الحدة والدرجة لولا الجائحة "الكورونية"، وهي قضايا تتقاطع في شموليتها، في ضرورة استعجال إحداث "ثورة ناعمة" تطال المناهج والبرامج وأشكال التقويم وطرائق التدريس والحياة المدرسية، بشكل يؤسس لتعليم عصري ناجع وفعال، له من القدرات ما يسمح بالتكيف مع الثورة الرقمية الهائلة وما تتيحه من إمكانيات بيداغوجية وتواصلية متعددة الزوايا، وبمواجهة كل الأزمات والحوادث الفجائية، والظرفية الاستثنائية، تقتضي تشريح واقع حال المنظومة التربوية على ضوء "اختبار كورونا" بموضوعية وتجرد وحياد وتبصر، في إطار "مقاربة تشاركية"، بعيدا كل البعد عن القرارات "الفجائية" أو "الفوقية" التي تمرر في صمت، والتي لاتزيد الرؤية إلا غموضا والإصلاح إلا ارتباكا، وبعيدا عن المناهج والبرامج، برزت الحاجة الماسة، لتأطير عمل "مؤسسات التعليم الخصوصي" بما يضمن إخضاعها لسلطة القانون، كما برزت الحاجة، لجعل "التعليم" شأنا مجتمعيا تنخرط فيه كل المؤسسات والفعاليات المجتمعية، كما حدث مع انخراط قنوات القطب العمومي في دعم "التعليم عن بعد"، ودور "جمعية جهات المغرب" في دعم التدابير الوقائية والاحترازية بمنح الآلاف من الأغطية الواقية للرأس، وما قامت به بعض المجالس المنتخبة والسلطات المحلية وشركات النقل الحضري، من مبادرات "مواطنة" لدعم نقل المترشحين مجانا إلى مراكز الامتحان، وكلها تدخلات تستحق الشكر والثناء، تفرض على الوزارة الوصية والأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية، الرهان على اتفاقيات الشراكة والتعاون، بما من شأنه دعم المدرسة العمومية والارتقاء بمستوى قدراتها، وما دام الأمر يحيل على "الإصلاح"، فهي دعوة للجنة الخاصة بالنموذج التنموي، من أجل استخلاص ما أبانت عنه الجائحة من نواقص وثغرات في المنظومة التربوية بكل مستوياتها، من أجل بلورة رؤية رصينة، قادرة على إرساء دعامات تعليم عصري، يعول عليه لكسب رهانات التنمية الشاملة التي لا يمكن تصورها، إلا في ظل "تعليم" يقطع مع "الارتباك"، يحظى فيه رجل التعليم بما يستحق من عناية واحترام وتحفيز وتقدير، ونختم بأن نتمنى التوفيق والنجاح والسداد، لمترشحين "استثنائيين" في زمن "استثنائي"…
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.