نظمت مكتبة بيت الحكمة وجمعية تطاون أسمير يوم الجمعة 20 رمضان 1435ه الموافق ل 18يوليوز 2014م حفل تقديم بعض إصدارات جمعية تطاون أسمير، وذلك بفضاء مكتبة بيت الحكمة. الحفل كان من تسيير الأستاذ الدكتور جعفر بن الحاج السلمي الذي قدم لهذا الحفل القرائي كونه يأتي في زمن انتكاس الثقافة والقراءة ببلدنا خاصة وبالوطن العربي عامة، واختيار مكتبة بيت الحكمة للشراكة لكونها تحمل مشروعا ثقافيا وتساهم بالرجوع بالقراءة إلى زمنها البهي، بعدها قدم الكلمة للدكتور حسن السمان من طنجة وقراءة في كتاب (العقود الإبريزية على طرر الصلاة المشيشية) لمؤلفه العلامة محمد المرير وتحقيق نجله أحمد المرير حيث عرض الدكتور لفصول وأبواب الكتاب، ووقف عند المقدمة الطويلة التي تتحدث عن الظروف التاريخية التي صحبت الصدور، ليأكد أن الكتاب يحمل نفسا صوفيا يكشف فيه مؤلفه عن حقيقة العلم الباطني واحترام أهله، مع كون الفقيه العالم محمد المرير محافظا في ذلك على مقومات العقيدة الصحيحة، وأن الكتاب يحمل قيمة مضافة تكمن في ما اشتمل عليه من أجوبة شافية لمسائل صوفية وأوضاع ثقافية واجتماعية دقيقة كل ذلك بأسلوب ممتع وسلس. أما القراءة الثانية فكانت مع كتاب (الصحافة الإسبانية بالمغرب -الصحفيون والمتعاونون-) لمؤلفه الأستاذ مصطفى اعديلة والتي قام بها الدكتور شكيب الشعايري حيث تطرق في قراءته للكتاب لثلاثة محاور وهي: الكاتب، والكتاب من الناحية الشكلية، والكتاب من الناحية المضمونية، عارضا في المحور الأول ورقة تعريفية بالكاتب الدكتور مصطفى اعديلة والمهام التي شغلها ولا زال يشغلها وهي على كثرتها أبانت حسب القارئ عن تراكم رصيد معرفي واسع في الدراسات والثقافة الإسبانية المهتمة بالشمال المغربي، مكناه من مبازة حتى الأكاديميين الإسبان، وأن سيرة الدكتور العلمية كأستاذ وباحث جامعي مكناه من تكوين جيل من التلاميذ في الاشتغال بالدراسات والثقافة الإسبانية فهو حسب قول الدكتور جعفر بن الحاج السلمي حجة في الدراسة الأندلسية والإسبانية. بعدها انتقل القارئ إلى عرض الكتاب من حيث الشكل مركزا على الألوان التي يحملها معتبرا إياها ترميزا لجسور التواصل بين المغرب وإسبانيا وأن مصممته هي زوجة المؤلف وهي فنانة تشكيلية موهوبة، والكتاب مع صفحة الإهداء إلى مصممة غلافه، في 250 صفحة، وهو لا يحمل فهرسا للموضوعات وعزا القارئ ذلك إلى كونه مقدما بطريقة خاصة حيث يشير المؤلف أنه وضع كتابه على شكل دليل (كاتالوك)، أما من حيث المضمون فقد رتب المؤلف أسماء الصحافيين الإسبان والمتعاونين في الكتاب حسب الأبجدية الإسبانية، ومضمون الكتاب يبرز أن المؤلف قد قام ببحث دقيق في الأرشيفات سواء المغربية أو الإسبانية لفترة حرب تطوان وفترة الحماية وما بعدها كما أنه قد قام باستجواب العديد من المهتمين. وكانت القراءة الثالثة مع الكتاب التاريخي الموسوعي عن تاريخ تطوان (عمدة الراوين في تاريخ تطاوين) لمؤلفه أبي العباس أحمد الرهوني ومحققه الدكتور جعفر ابن الحاج السلمي، حيث قام بهذه القراءة الأستاذ الأديب الدكتور حسن الغشتول مستهلا في بدايتها بالتنويه بالجهد المبذول في هذه الموسوعة من قبل المحقق والذي يتمثل في الصبر والأناة في إخراج النص مضبوطا ومشكولا بحرف واضح يقرأه الأكاديمي المتخصص و القارئ العادي، وبما أنه يصعب الحديث عن كل ما جاء في الموسوعة فقد انتخب القارئ جزءا منها هو الجزء السابع المتعلق بكرامات الأولياء وسجاياهم ومناقبهم ومركزا حديثه عن الرحلة في هذا الجزء، مشيرا إلى أن ما أثاره فيه هو السمة الغرائبية والطرافة في السرد ومتحدثا عن الانعطاف الأسلوبي وما يتفتق عنه من إمرة الوعي في السرد التاريخي الممتزج بالأدب، مشيرا إلى أن الأدب لا يمكن أن يكون أدبا إلا إذا كان تاريخيا ومن ثم تبقى الرحلة هي القادرة على نقل الحالة اللحظية إلى لحظة تاريخية، والرهوني في هذا الجزء المشمول بالقراءة قد أعطانا حسب القارئ ملمحا رحليا وهذه هي السمة الثانية بالإضافة إلى الغرائبية واللتان تشكلان نثرا فنيا يثير جملة من الإشكالات التي سيجيب عنها الزمان لاحقا. والسمة الثالثة التي تحدث عنها القارئ هي ملمح الفناء في الطريقة التيجانية(صوت الأنا في الجماعة المؤنسة) والتي تستوقفنا عند الغوص في عالم الرحلة عند أبي العباس الرهوني، وهي رحلة بوعي تيجياني وتجربة صوفية ومن ثم عقد القارئ مقارنة بين البنية الاستهلالية لكل من رحلة الرهوني ورحلة محمد بنونة ورحلة محمد داوود باعتبارها كاشفة عن الدواعي والانسياقات التي تسمح بالدخول إلى عالم الرحلة وهو دخول يكشف عن الوصف الرحلي بطابع تاريخي وبالرغم من هذا فتبقى رحلة الرهوني رغم مميزاتها الأدبية مسيجة بسياج التاريخ. وكانت القراءة الرابعة للدكتور محمد رضى بودشار مع كتاب(تاريخ ثورة وعقاب أندلسيي مملكة غرناطة) تأليف لويس دي المرمول كربخال وترجمة الدكتور جعفر ابن الحاج السلمي، نشر الجمعية المغربية للدراسات الأندلسية وجمعية تطاوين أسمير لسنة 2013م، حيث عرض القارئ لمميزات الترجمة كونها تختلف عن الترجمات المشرقية، حيث حافظ فيها المترجم على رونق اللغة الأصل، مع تدقيق الأسماء الإسبانية بالعودة إلى المصادر الأصلية وإلى المنقوشات من أجل تدقيق الأشعار، كما اعتمد على مجموعة من المعاجم العربية والإسبانية، وكذا الرجوع إلى المتخصصين في الدراسات الإسبانية من مثل الأستاذ مصطفى اعديلة وغيره للترجيح والتصويب. بعدها قام بقراءة في غلاف الكتاب من خلال ترجمة العنوان معتبرا إياها ترجمة مفهومية تنتصر للأندلسيين، لينتقل إلى عرض مضمون الكتاب وما تضمنه من الصراع الإسلامي المسيحي بغرناطة خصوصا وما ألف في هذا الموضوع إلى جانب هذا الكتاب مثل كتاب (حرب غرناطة) و(الحرب الأهلية بغرناطة)، معرجا على شخصية المؤلف وما اختلف فيه من أصله كونه إسبانيا مسيحيا أو يهوديا... ليعرض بعد ذلك لأهداف الكتاب في تصوير الصراع الإسلامي المسيحي ووصف المسلمين بالأشرار والكفار ومن ثم وجب نقلهم إلى النور المسيحي، وأن الإسلام هو دين شبقي يعتمد على تعدد الزوجات وامتلاك الإماء والعبيد، وأن المميز في الكتاب من غير هذا هو عرضه للمظاهر العمرانية بغرناطة والمعطى المجالي الاجتماعي والاقتصادي بها. كانت هذه مجمل القراءات التي قدمت، وقد أعقبها تدخلات ومناقشة من الحضور الأكاديمي المميز وكذا الحضور المهتم والتي أجاب عن بعضها الأستاذ مصطفى اعديلة وامحمد بنعبود من غير المنصة كما كانت للدكتور جعفر ابن الحاج السلمي كلمته في ذلك ليختم الحفل القرائي، ولتضرب لنا مكتبة بيت الحكمة موعدا ثقافيا آخر يوم الجمعة المقبل عبارة عن لقاء مفتوح مع المبدع خالد أقلعي يشارك فيه كل من الدكتور نجيب العوفي وعبد السلام ناس عبد الكريم وعبد الرحيم الشاهد