2013 ستكون سنة الزيادة في أسعار العقار وقنينات الغاز «إن عثرنا على البترول فلا حاجة لنا حينها في الزيادة في الأسعار على المواطنين»، و«الزيادة في أسعار المحروقات قرار مر لكن لا بد منه»، و«سأرفع دعم الدولة عن المحروقات والمواد الأساسية طال الزمن أو قصر»... هذه تصريحات لرئيس الحكومة خلال سنة 2012 التي عرفت موجة من الزيادات في الأسعار مست بشكل مباشر القدرة الشرائية للمواطنين، وهو ما أكده تقرير حديث للمندوبية السامية للتخطيط، الذي أفاد بأن تسع أسر من كل عشر أسر تؤكد أن أثمنة المواد الغذائية عرفت ارتفاعا، وتتوقع ثلاث أسر من كل أربع ارتفاعها في المستقبل، حيث يبدو أن سنة 2013 لا تبشر بخير لأنها ستزيد من ضغوط الأسر المغربية، وخصوصا منها الطبقة المتوسطة. اعتبرت الزيادات على أسعار المحروقات، التي طبقتها الحكومة دون سابق إنذار خلال شهر يونيو المنصرم، من أهم الارتفاعات التي عرفتها المواد الطاقية بالمغرب منذ عدة سنوات، حيث أعلنت الحكومة رفع أسعار المحروقات بنسبة 20 بالمائة للبنزين و10 بالمائة للغازول ابتداء من منتصف هذه السنة، وقالت الحكومة إن هذه الزيادة جاءت نتيجة ارتفاع سعر برميل النفط على الصعيد العالمي، الذي بلغ 118 دولارا، بينما ميزانية الدولة استندت في القانون المالي على سعر 100 دولار لبرميل البرنت. لكن رغم تبريرات الحكومة فإن هذه الزيادة كان لها تأثير كبير على القدرة الشرائية للمواطن العادي. أسعار المحروقات تلهب الأسواق عبرت العديد من جمعيات حماية المستهلك والنقابات المهنية لقطاع النقل الطرقي عن استيائها وامتعاضها من الزيادة التي أعلنت عنها حكومة بنكيران بخصوص أسعار استهلاك مواد البنزين والغازوال والفيول الصناعي، وعبر الغاضبون عن رفضهم لهذه الزيادات التي طالت القدرة الشرائية للمواطنين.إذ قال بوعزة الخراطي٬ رئيس الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك٬ إن» المستهلك سيكون الضحية الأولى والأخيرة لهذا القرار٬ مضيفا «لأول مرة في تاريخ المغرب نعيش هذه الزيادة المهولة في أسعار البنزين والمازوط». وأوضح الخراطي أن الحكومة رفعت شعار الدفاع عن القدرة الشرائية للمواطن٬ «في حين نكتشف أن العكس هو الذي يقع٬ فقد تمت الزيادة في أسعار المحروقات ولم تتم الزيادة في الرواتب». من جانبه٬ قال محمد الحراق٬ الكاتب الوطني للنقابة الوطنية لسائقي السيارات٬ إن نقابته «ستحدد الإجراءات التي يجب عليها اتخاذها في مواجهة الزيادة الصاروخية في أسعار المحروقات التي أقرتها الحكومة»، وهو ما كان بالفعل، حيث شهدت أسعار التنقل عبر الطاكسيات في مختلف المدن ارتفاعات متباينة نتيجة هذه الزيادة غير المنتظرة من قبل حكومة بنكيران. وفي السياق ذاته٬ تحدث محمد بلماحي، رئيس العصبة الوطنية لحماية المستهلك ،عن تراجع الحكومة عن الوعد الذي قطعته على نفسها من قبل٬ وقال إنها «كانت قد أكدت أنها لن تزيد في سعر المحروقات حتى السنة القادمة٬ والآن اتخذت قرارها بهذه الزيادة الصاروخية في أسعار البنزين والكازوال٬ في توقيت غير ملائم وصعب٬ مما سيكون له تأثير سلبي على المواد الاستهلاكية والغذائية والنقل الطرقي ونقل البضائع والخضر٬ وتبعا لذلك الاستهلاك اليومي للمواطن. قريبا.. قنينة الغاز بأكثر من 94 درهما اقترح مجلس المنافسة على الحكومة سيناريوهين لإصلاح صندوق المقاصة، حيث يتمثل السيناريو الأول، وفق دراسة كشف عنها مؤخرا تقرير لمجلس المنافسة، في التحرير الكامل لأسعار المواد التي يشملها نظام الدعم. وتفيد الدراسة بأن هذا الإجراء سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد المدعمة في الأسواق المحلية، واعتماد هذا السيناريو سيرفع سعر القمح اللين من درهمين إلى 3.93 دراهم للكيلوغرام، وهو ما يعادل ارتفاعا بنسبة تناهز 96 في المائة. كما أنه سيفرز زيادة في سعر مادة السكر بنسبة تزيد عن 28 في المائة، حيث سينتقل من 5.008 دراهم إلى 9.11 دراهم للكيلوغرام. ومع ذلك، تبقى هذه الارتفاعات ضعيفة مقارنة بالزيادات الصاروخية التي ستعرفها أسعار غاز البوتان في حالة ما اختارت الحكومة نهج هذا الأسلوب لإصلاح صندوق المقاصة. إذ ينتظر أن ينتقل سعر قنينة غاز البوتان من فئة 12 كيلوغراما في حالة التحرير الكلي للأسعار من 40 إلى 123 درهما بنسبة زيادة قياسية تصل إلى 210 في المائة. وإذا كان ممكنا تطبيق هذا السيناريو في ظرف وجيز بقرار من الحكومة، فإن الدراسة اقترحت سيناريو آخر يقضي باعتماد نهج التحرير التدريجي لأسعار المواد المدعمة مع اتخاذ إجراءات وتدابير ذات طبيعة جبائية بالأساس، كأن ينتقل سعر قنينة غاز البوتان من فئة 12 كيلوغراما من 40 درهما إلى 94.54 درهما، في الوقت الذي سيحصر سعر كيلوغرام من السكر في 7.14 دراهم بدل 9.11 دراهم المتوقعة في حالة تطبيق السيناريو الأول، بالإضافة إلى ارتفاع سعر كيلوغرام من الدقيق من درهمين إلى 3.93 دراهم. ويبدو أن رئيس الحكومة سيأخذ بالسيناريو الثاني الذي جاء به تقرير مجلس المنافسة، حيث صرح عبد الإله بنكيران في جلسة المساءلة الشهرية بمجلس النواب مؤخرا بأنه يعتزم توجيه مساعدات إلى الأشخاص الفقراء تتراوح بين 250 درهما و300 درهم، مما سيمكن أسرة تتكون من 5 أفراد من الحصول على 1500 درهم من الإعانات في الشهر. وأوضح رئيس الحكومة أن هذه الإعانات ستشمل 8 ملايين مغربي وستصل قيمتها الإجمالية إلى 24 مليار درهم، بدل أكثر من 40 مليار درهم التي تخصص سنويا لصندوق المقاصة، لكن ماذا عن فئات واسعة لن يشملها دعم الحكومة، والمتمثلة في الطبقة الوسطى التي لا يزيد راتبها الشهري عن 5000 أو 6000 دهم وتقطن بمدينة كالدار البيضاء؟ أسعار العقار تواصل ارتفاعها الجنوني رغم الارتفاع الصاروخي لأسعار العقار بالمغرب منذ عدة سنوات، والتي وصلت في بعض المدن إلى حد لا يطاق، فإن الحكومة ارتأت في مشروع القانون المالي لسنة 2013 الزيادة في الضريبة على الرمال وحديد البناء، وهو ما سينعكس سلبا على الزبون المغربي، الذي سيقتني مسكنا خلال 2013، حيث أغضب هذا القرار المهنيين، ومنهم الجمعية المغربية لصناعة الإسمنت المسلح «أميب»، التي انتقدت الرسوم الضريبية التي تضمنها مشروع قانون مالية 2013، والتي همت بالخصوص الرسم الجديد المفروض على الرمال والرسم المفروض على حديد البناء، حيث اعتبرتها الجمعية «مؤذية ومتعسفة». وأشارت مصادر متطابقة إلى أن بعض الشركات ربما هددت بالانسحاب من فدرالية صناعات مواد البناء، التي تستحوذ عليها شركات الإسمنت. وبينما نفت «الجمعية المهنية للإسمنتيين» أي خبر عن ارتفاع أسعار مادة الإسمنت بالسوق المغربي، أكدت شركة «إسمنت المغرب –سيمار» مؤخرا أنها بدأت في الرفع من سعر منتجاتها من الإسمنت بمقدار 2 إلى 2.5 في المائة، أي بارتفاع يقارب 25 درهما في الطن. وكان يوسف بنمنصور، رئيس الفدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين، قد صرح ل»المساء»، مؤخرا، بأن فرض الرسوم جديدة على الرمال وحديد البناء، والتي تقدر ب30 درهما للطن بالنسبة للرمال و0.10 درهم للكيلوغرام بالنسبة للحديد، سيدفع منتجي هذه المواد الأساسية في قطاع العقار إلى الزيادة في الأسعار، وهو ما يعني ارتفاعا ملموسا في كلفة البناء سيؤثر لا محالة على الأسعار النهائية للشقق والمنتوجات السكنية .وأضاف بنمنصور أن الفدرالية أنجزت دراسة أكدت أن العمل بالرسمين الجديدين على الرمال وحديد البناء سيرفع كلفة الأشغال الكبرى في الوحدات السكنية بحوالي 5 في المائة، مشيرا إلى أن ذلك سيقلص هامش الربح لدى عدد كبير من المنعشين، خاصة على مستوى السكن الاقتصادي والسكن منخفض التكلفة. واعتبر رئيس فدرالية المنعشين العقاريين أن تدخل الدولة في تحديد أسعار السكن الاقتصادي ومنخفض التكلفة يفرض عدم الزيادة في أسعار المواد الأولية التي تدخل في عملية بناء الوحدات السكنية، مؤكدا أنه في حالة تشبث الدولة بالحفاظ على سعر السكن الاقتصادي في حدود 250 ألف درهم والسكن منخفض التكلفة في حدود 140 ألف درهم، والذي يعني مباشرة تقلصا كبيرا لهامش الربح، سيضطر المنعشون إلى عكس هذه الزيادات على السكن المتوسط. تشاؤم صندوق النقد الدولي توقع صندوق النقد الدولي في تقرير جديد أصدره قبل أسابيع أن يشهد المغرب نسبة تضخم مرتفعة وبطالة متزايدة بسبب استمرار ضعف الطلب الخارجي وأسعار الغذاء والوقود المرتفعة.ووضع التقرير المغرب في قائمة الدول الضعيفة اقتصاديا، وعلى رأسها أفغانستان وجيبوتي وموريتانيا وباكستان والسودان، والتي قال إنها ستواجه تحديات اقتصادية داخلية، ومشكلات تحد من دفع معدل النمو. وأكد تقرير صندوق النقد الدولي أن ضعف الطلب في أوروبا ومناطق أخرى سيؤثر على صادرات المغرب ودول أخرى من شمال إفريقيا. كما توقع أن يستمر النمو أقل من الاتجاهات طويلة الأمد.كما أكد أنه يتعين على الدول المعنية بارتفاع نسبة التضخم دراسة السماح بمرونة أكبر في أسعار الصرف وخفض قيمة عملته من أجل تحفيز الصادرات. وأفاد تقرير صندوق النقد الدولي أنه يتوقع ارتفاع نسبة التضخم بالمغرب في خضم محاولات خفض العجز الكبير في الميزانية من خلال تقليص دعم الغذاء والوقود. وجاء في التقرير «من المتوقع أن يستمر النمو أقل من الاتجاهات طويلة الأمد، وينتظر أن ترتفع نسبة البطالة بسبب استمرار ضعف الطلب الخارجي وأسعار الغذاء والوقود المرتفعة والتوترات الإقليمية وضبابية السياسات». وتوقع الصندوق أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي في الدول الخمس بنسبة 3,6 في المائة في العام المقبل مقارنة بنسبة 2 في المائة في العام الجاري . 2013 لا تبشر بخير كشف تقرير حديث صادر عن المندوبية السامية للتخطيط أن 75 في المائة من الأسر المغربية تتوقع ارتفاعا في أثمنة المواد الغذائية خلال العام المقبل، و63.3 في المائة ترى أن عدد العاطلين سيعرف ارتفاعا خلال الاثني عشر شهرا المقبلة، مقابل 12.6 في المائة توقعت عكس ذلك. أما مؤشر الثقة لدى الأسر المغربية فقد عرف انخفاضا آخر هو الرابع له على التوالي، أي منذ تنصيب الحكومة الجديدة، حيث انتقل المؤشر من 86.5 نقطة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2011 إلى 80.7 خلال الفصل الثاني من العام الحالي إلى 77.6 منذ ثلاثة أشهر الأخيرة. وعزت المندوبية أسباب هذا التطور «السلبي» في مؤشر ثقة الأسر المغربية إلى الانخفاض شبه العام لمختلف مكوناته المرتكزة أساسا على مستوى المعيشة والبطالة وأسعار المواد الغذائية والوضعية المالية الخاصة بالأسر وقدرتها على الادخار. وحسب تقرير المندوبية السامية٬ فقد عرفت آراء الأسر حول تطور المستوى العام للمعيشة بالمغرب تدهورا خلال الفصل الثالث من سنة 2012، سواء بالمقارنة مع الفصل السابق أو مع نفس الفترة من السنة الماضية. وهكذا عرف الرصيد الخاص بالتطور السابق لمستوى المعيشة انخفاضا قدر ب6,1 نقاط بالمقارنة مع الفصل السابق وب 14,5 نقطة مقارنة بالفصل الثالث من 2011. وفي ما يخص التطور المستقبلي لمستوى المعيشة٬ فقد تدهور رصيده ب 12,2 نقطة منذ ثلاثة أشهر وب 15,1 نقطة منذ سنة. وسجلت آراء الأسر خلال الفصل الثالث من سنة 2012 تدهورا فيما يخص وضعيتها المالية الحالية وكذا تطورها السابق والمستقبلي، سواء بالمقارنة مع الفصل السابق أو مع نفس الفترة من السنة الفارطة.وبخصوص وضعيتها المالية الحالية٬ صرحت 56,1 في المائة من الأسر أنها تتعايش مع مدخولها٬ فيما قالت 37,4 في المائة إنها تستنزف من مدخراتها أو تلجأ إلى الاستدانة، وبخصوص أثمنة المواد الغذائية٬ ترى الأسر بأن أسعارها ارتفعت وسوف ترتفع خلال الاثني عشر شهرا القادمة، حيث تعتقد تسع أسر من كل عشر أسر (92,2 في المائة مقابل 91,6 في المائة خلال الفصل السابق و91,4 في المائة خلال نفس الفترة من 2011) أن أثمنة المواد الغذائية عرفت ارتفاعا في السابق. كما تتوقع أكثر من ثلاث أسر من كل أربع (75,5 في المائة مقابل 73,4 في المائة و75,8 في المائة على التوالي) ارتفاعها في المستقبل. سعيد الطواف