انتظار وترقب يسود جل العاملين ونزلاء السجن المحلي بتطوان إلى جانب المهتمين والمتتبعين لشؤونه بعد تعيين المدير الجديد الأسبوع المنصرم عن الإجراءات التي يمكن اتخاذها لانتشال هذه المؤسسة السجنية من براثن الفساد الإداري والمالي والأخلاقي والذي بلغ أوجه إبان عهد الإدارة السابقة، ولعل أبرز مثال على ذلك، ما شهدته هذه المؤسسة شهر فبراير 2012، حين حلت بها لجنة تفتيش من طرف المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بناء على شكايات وتقارير موجهة من طرف بعض موظفي السجن إلى المندوب السامي لإدارة السجون والجهات المسؤولة عن القطاع، يطلعونهم فيها على معاناتهم مع مدير السجن كاشفين فيها عن عدد من الاختلالات المالية... ليتفاجؤوا باللجنة المنتدبة للتفتيش يقودها رئيس قسم التموين واللوجستيك ورئيس قسم الموظفين إلى جانب ثلاثة أشخاص آخرين، في الوقت الذي وجهوا فيه تهما ثقيلة لهؤلاء المسؤولين في شكاياتهم، وقد تم التطرق لهذا الأمر بالتفصيل في حينه عبر وسائل الإعلام الوطنية والمحلية. كما سبق لمقتصد السجن أن وجه بدوره شكاية إلى المندوبية العامة يسرد فيها الضغوطات الكبيرة التي تعرض لها من طرف المدير والمتمثلة أساسا، حسب شكايته، في الضغط عليه من أجل منح مبلغ 3000 درهم للمدير تهم مصاريف مأدبة عشاء تناولها المسؤولين الذين حلوا بالمؤسسة في إطار لجنة تفتيش، كما يضيف أحد التقارير المرفوعة إلى الجهات المركزية أنه تم الضغط على المقتصد من طرف المدير من أجل توقيع مبلغ 75000 درهم لشخصين تفقدا محولا للكهرباء بالسجن لمدة ساعتين، كما تم الضغط عليه من أجل اقتسام مبلغ 120000 درهم المتبقية من التموين من طرف المدير، إضافة إلى كتشاف اختلاس مبلغ 90000 درهم تخص مؤونة الخبز ودكان المؤسسة السجنية. وفي نفس الإطار كشفت بعض المصادر من داخل السجن عن صرف مبالغ خيالية في إصلاحات وهمية، مثل صرف مبلغ 500000 درهم على بعض الترميمات الداخلية والصباغة خلال الزيارة الملكية للسجن شهر غشت 2011... ومن بين مظاهر التسيب التي تعيشها هذه المؤسسة، كشف تواطؤات كبيرة بين بعض المسؤولين والسجناء في ترويج المخدرات الصلبة والقوية داخل السجن، حيث كشفت مصادرنا أن المبالغ المتحصل عليها من هذه التجارة السوداء تصل في بعض الأحيان إلى أزيد من 20000 درهم يوميا يتم اقتسامها بالتساوي بين الإدارة والأباطرة، خصوصا نزلاء حي أ 1 أو ما يسمى بحي "دبي"، وهو حي يأوي فقط المعتقلين من أباطرة المخدرات، حيث يتوفر على أجهزة تلفزية كبيرة وأجهزة (دي في دي) وهواتف محمولة من الجيل الأخير التي تتوفر على الربط بشبكة الإنترنيت.. ويعيش سجن تطوان، فوضى عارمة ومحسوبية بخصوص التعامل مع بعض السجناء البسطاء وعملية بيع الأماكن لبعض المعتقلين بسبب ارتفاع عددهم عن الطاقة الاستيعابية للسجن، إذ يبلغ عدد السجناء حاليا أزيد من 2300 سجين، فيما لا تتجاوز طاقته الاستيعابية 1700 سجين.. ومن أبرز عمليات النهب والتحايل التي عرفتها هذه المؤسسة أيضا، بناء مركز التكوين المهني الخاص بالمؤسسة الذي دشنه الملك يوم 28 غشت 2011، حيث تم التصريح للملك بكون المبلغ الذي كلفه إنجاز هذا المركز هو 11 مليون و500 ألف درهم، فيما أكدت مصادر وثيقة ومطلعة على المشروع، أن المبلغ الذي تم صرفه لا يتجاوز 6 ملايين درهم، ليتحول حاليا إلى مركز شبه مهجور لافتقاده إلى جل التجهيزات الأساسية، والتي تم استقدامها خلال الزيارة الملكية من مركز الرعاية اللاحقة بطنجة، ليتم إرجاعها في نفس اليوم فور مغادرة الملك للمؤسسة، ولم يتم لحد الساعة فتح أي تحقيق في هذا الموضوع.. هذا، وقد قامت إحدى الهيئات الحقوقية بإنجاز تقرير شامل عن أوضاع هذه المؤسسة السجنية في الفترة الممتدة من أبريل 2011 إلى مارس 2012، رصدت خلاله جل الخروقات والاختلالات التي تسود هذه المؤسسة، ومن المنتظر أن ترفعه إلى الجهات المعنية في غضون الأيام القليلة المقبلة وتنشر أهم نتائجه على صفحات وسائل الإعلام. محمد مرابط