فارقنا، وإلى الأبد، الصديق والأخ عبد الرحمن بلحمر، إنه ابن هذه المدينة البار، ترعرع في أحضانها وتعلم في مؤسساتها، حيث درس في ثانوية جابر بن حيان، وبعدها تخرج، من كلية الآداب بالرباط، حاصلا على الإجازة في الفلسفة. أصبح أستاذا لهذه المادة. انشغل كثيرا بطرق وسبل تدريس الفلسفة أي ما يسمى بيداغوجيا بديداكتيك الفلسفة. نشر محاولات عديدة لتلامذته في مجال الإنشاء الفلسفي، وكانت فعلا نصوصا لتلاميذ مبدعين، استطاعوا أن يمسكوا إلى حد بعيد بناصية الكتابة الفلسفية من حيث هي كتابة إشكالية تساؤلية، ومن حيث هي كتابة تنفتح على ما وراء الواقع، وتشكك في ما يبدو ويظهر. من خلال الاطلاع على تلك الكتابات التلاميذية يبدو جليا وبارزا المجهود الجبار الذي بذله معهم الفقيد الأستاذ عبد الرحمن بلحمر. انشغل أيضا الأستاذ عبد الرحمن بالترجمة، وخاصة النصوص الأدبية للكاتب المرموق والمتميز "غويتيصولو" الذي اهتم بالمنسي واللامفكر فيه العربي في الثقافة الإسبانية، محاولا فضح كل ادعاء حول إسبانيا ذات الهوية الخالصة، ومبرزا إسبانيا المتعددة المسكونة بثقافة "الآخر". لقد كان الفقيد عبد الرحمن بلحمر ناشطا، أيضا، في مجال العمل الجمعوي المدني وشارك في تنظيم العديد من التظاهرات الثقافية، واكتسب خبرة مهمة في مجال التنظيم اللوجستيكي لهذه التظاهرات. كما عمل في مجلة "الشمال" التي نشر فيها ترجماته، واهتماماته في مجال فلسفة الجمال، خاصة قراءاته لأعمال الفنان التشكيلي المبدع "محمد شبعة". لقد مات عبد الرحمن بلحمر، لكنه سيستمر في الحياة، من خلال كتاباته وإبداعاته وعلاقاته وأثره في تلاميذه، ذلك الأثر الذي جعل العديد منهم يتذوق الفكر الفلسفي ويعبر عنه بنصوص فلسفية جميلة تستحق الانتباه....... وداعا عبد الرحمن.... وأهلا بك حيا فينا وبيننا. مصطفى بودغية