وقفت قيادات الأحزاب السياسية في الجزائر، عاجزة عن تحليل ظروف وخلفيات "عاصفة" التغيرات التي مست كبار المسؤولين في الجيش، قبيل 7 أشهر على رئاسيات أبريل 2019، في أكبر عملية إقالة تشهدها المؤسسة العسكرية منذ عقود. واكتفت الأحزاب ومثلها المحللون السياسيون ووسائل الإعلام هذه الأيام ، يضيف موقع "TSA" في مقال من توقيع الصاحفية إيمان عويمر، بمتابعة تنقلات نائب وزير الدفاع الوطني، قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد قايد صالح إلى مختلف النواحي العسكرية، لتنصيب القادة العسكريين الجدّد الذين عُيِنوا في مناصب من تم عزلهم. وسينتقل اليوم السبت، الفريق أحمد قايد إلى الناحية العسكرية الثالثة ببشار جنوب البلاد، في زيارة عمل يُشرف من خلالها على مراسيم تنصيب قائدها اللواء مصطفى سماعلي خلفًا للواء سعيد شنقريحة، الذي عُين قائدًا للقوات البرية. ووفقًا لما أورده بيان لوزارة الدفاع الجزائرية، فإن عملية تنصيب القائد الجديد تأتي استكمالاً لعمليات مماثلة أشرف عليها الفريق أحمد قايد صالح "بتعليمات من وزير الدفاع وقائد القوات المسلحة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة". وربط رؤساء الأحزاب السياسية، بين التغيرات التي مست قادة الجيش والموعد الانتخابي المرتقب تنظيمه شهر أفريل من العام المقبل، حيث عبّر بعضهم عن تخوفاتهم من "إنحياز" المؤسسة العسكرية، لمترشح رئاسي على حساب آخرين. مع العلم أن أربع شخصيات أعلنت نيتها خوض غمار الرئاسيات فقط ويتعلق الأمر، بفتحي غراس، ناصر بوضياف، الطاهر ميسوم، بالإضافة إلى رمضان حملات. وصدرت أولى تلك المخاوف على لسان رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (RCD)، محسن بلعباس، الذي يعتقد أن "حملة الإقالات التي شهدتها المؤسسة العسكرية تندرج ضمن مساعي تمهيد الطريق أمام الرئيس بوتفليقة لخلافة نفسه على رأس عهدة رئاسية خامسة". وجزم بلعباس، خلال نشاط حزبي نظمه أمس الجمعة 21 شتنبر 2018 بالجزائر العاصمة، "بترشح بوتفليقة في انتخابات ربيع 2019، إلاّ في حال وقوع طارئ صحيّ. ويبّني المسؤول السياسي توقعاته على أساس أن الرئيس يريد توجيه رسالة مزدوجة من خلال التغيرات التي شهدها الجيش الوطني الشعبي، "أولاً باتجاه القيادات العسكرية نفسها لصدّ أي محاولات للخروج عن الصف، مثلما جرى عام 2004، في حين يوجه الرسالة الثانية لكل من تسوّل له نفسه تنظيم احتجاجات في الشارع عشية الموعد الانتخابي". وما يعزّز تلك المخاوف، تحذيرات حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية من إمكانية تدخل المؤسسة العسكرية في المشهد السياسي، وهو الأمر الذي يصفه الحزب ب "الخطأ الفادح والخطر على مستقبل البلد، وعلى الجيش نفسه". وإذا كان "الأرسيدي" قد عبّر عن توجساته المبكرة من الدور القادم للمؤسسة العسكرية وموقعها في رئاسيات 2019، يضيف ذات الموقع، فإن رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري يؤكد من جهة أخرى، أن التغيرات التي تشهدها المؤسسة العسكرية غير واضحة المعالم، ولا يستطيع أحد القطع بأن لها علاقة بانتخاب الرئيس القادم للجزائر كما لا يمكن نفي ذلك أيضًا. ويَبرزُ موقف مقري، في حوار أجراه مع موقع"TSA" الجزائري ، عندما أوضح أن الأهم بالنسبة لتشكيلته السياسية في الوقت الراهن، يكمن في كسب ضمانات من طرف المؤسسة العسكرية أو من يصفها ب"صانعة الرؤساء" بعدم الانحياز لأي طرف في الانتخابات القادمة، "أشخاص كانوا أم أحزاب". ومع إستمرار حالة الغموض التي تكتنف الوضع العام في الجزائر، يبدو أن المؤسسة العسكرية إستشعرت تخوفات الساسة، وهو ما جعلها تؤكد في إفتتاحية العدد الأخير من مجلة الجيش أن التغيرات "هي تقليد يكرس مبدأ التداول على الوظائف والمناصب وفق معايير الجدارة والاستحقاق"، في محاولة منها لإبعاد كل القراءات التي تصب خارج هذا الإطار، إلا أن هذه التأويلات، التي قد تحتمل الصدق والخطأ في آن واحد، تكتسب نوعا من المشروعية بالنظر إلى تاريخ المؤسسة العسكرية ودورها في صناعة الرؤساء على مقاسها ووفقا لمصالح المتنفذين داخلها..