بعض الأمراض الوراثية تكون قاتلة وغير قابلة للشفاء، ولمواجهة هذه المعضلة، طور العلماء تقنية خاصة من التخصيب في المختبر تتطلب ثلاثة آباء لطفل واحد: أب، نواة البويضة من الأم والبيضة منزوعة النواة من متبرعة. لتوضيح ذلك أكثر يشار إلى أن الخلايا "حقيقية النواة" eucaryotes للكائنات الحية (مثل الرجال) تحتوي على العديد من العضيات Organites، أو الهياكل الداخلية لها وظائف محددة. فجهاز "غولجي" على سبيل المثال يسمح بإنضاج ونقل البروتينات داخل الخلية، في حين "الميتوكوندريا" توفر الطاقة.. هذه الأخيرة هي في الحقيقة بكتيريا قديمة اندمجت مع خلايا النواة وفقا لنظرية التعايش الجواني l'endosymbiose، وبالتالي، لديها ADN خاصة بها، وهي جزء صغير من الموروث الجيني للفرد، عن طريق الأم فقط. لأن الحيوانات المنوية لا تحملها معها في سباقها نحو البويضة، فالميتوكوندريا هي في الواقع موروثة من الأم دائما.
وبالنظر إلى ما لها من دور بالغ الأهمية، فإن أي ضعف أو خلل في هذه العضيات يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، وأحيانا قاتلة، وبالخصوص مستعصية على العلاج، فمثلا تكون سببا في أمراض مثل التصلب المتعدد Sclérose en plaquesأو مرض باركنسون.
لمواجهة مثل هذه الأمراض (بما أن الطب يعجز عن علاجها)، فإن العلماء في ولاية أوريغون بالمركز الوطني للبحوث NPRC بالولايات المتحدةالأمريكية قرروا التدخل لحظة الإخصاب. فكرتهم: نزع نواة البويضة من الأم التي تضم الحمض الجيني الكامل واستبدال الميتوكوندريا المريضة بالمتوفرة في بويضة المرأة المانحة. وهكذا، يتم الحصول على بويضة هجينة من امرأتين. لها حمضها النووي الكامل و ميتوكوندريا في صحة جيدة، فلا يبقى سوى تلقيحها اصطناعيا لتؤدي إلى ولادة جنين.
تم اختبار هذه التقنية بنجاح على القرود في عام 2009. ومؤخرا (بداية هذا الشهر)، نشرت نتائج تطبيق هذه الطريقة على الأجنة البشرية في موقع Nature تحت عنوان "نحو شفاء الأمراض الوراثية"، وينتظر أن يرى النور أول رضيع من ثلاثة آباء في غضون السنوات الثلاثة القادمة.
هذه التقنية الثورية في محاربة الأمراض الوراثية، ورغم منفعتها فإنها بدأت بالفعل تثير نقاشا أخلاقيا خصوصا في بريطانيا، بين متحمس لهذه الخطوة الطبية الجبارة وبين معترض عليها بحجة عدم وضوح كيفية التعامل مع إنسان له ثلاثة آباء !