كان معروفا عن دعاة الدفاع عن حقوق الإنسان ببلدنا أنهم يلتقطون كل صيحة مهما كانت ضد المغرب ليقيموا الدنيا ولا يقعدوها عن شهادات المنظمات الحقوقية، واليوم خرست كل الألسنة بعد الشهادة التي قدمها إيريك غُولدشتَاين، مدير الأبحاث بمنظّمة "هْيُومْنْ رَايْتْسْ وُوتْشْ" عن منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، بخصوص ما يسمى معتقل تمارة حيث نفى أن يوجد به التعذيب، ورغم أن اللجنة البرلمانية التي زارت الموقع المذكور وزيارة الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بالرباط أكدت أنه لا وجود لشيء اسمه معتقل وإنما يتعلق الأمر بمقر إداري للإدارة العامة لمراقبة التراب الوطني ورغم ذلك حتى لو تواضعنا على تسميته معتقلا فإن منظمة ظلت مرجعا لمجموعة من دعاة حقوق الإنسان شهدت بأن لا وجود للتعذيب فيه. ففي كل مرة يصدر تقرير عن منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش) إلا وترتفع عقيرة هؤلاء الحقوقيين لتشويه صورة المغرب وينبري بعض الإعلام المغرض لرسم صورة قاتمة عن وضعية حقوق الإنسان بالمغرب، ومن باب الموضوعية والمعايير الدولية المعتمدة لديهم في تبني حقوق الإنسان والدفاع عنها كان عليهم أن يحتفلوا بهذه الشهادة لأنها مفتاح التعاطي الحقيقي والموضوعي مع حقوق الإنسان.
وقال غولدشتاين في حوار صحفي إن الشكايات التي كان يتم التوصل بها تفيد بوجود معتقل سري للتعذيب بضواحي مدينة تمارة، ويبدو أن الأمر لم يعد كما كان، لا يذكر هذا المكان حاليا ضمن ما نتوصل به، ونتمنّى أن تكون هذه المرحلة قد انمحت.. طبعا نحتاج لمزيد من الوقت ليتأكّد لنا ذلك، وأنا شخصيا لم أقتنع بعد، نراقب تعاطي المغرب مع المراحل المقبلة وما إذا كان تعامله مع مستجدّاتها سيختلف عن تدابير سيئة كانت ذروة تفعيلها مقترنة بتفجيرات الدّار البيضاء قبل 9 سنوات".
وهنا نقف على نقطتين مهمتين، الأولى تتعلق بكون تقارير المنظمة التي كانت تهاجم المغرب كانت تعتمد على رسائل منظمات حقوقية معروفة بمواقفها المتطرفة تجاه المغرب، وهو اعتراف ضمني بأن المنظمة لم تلتزم الموضوعية والحياد تجاه قضية حقوق الإنسان بالمغرب إذ كانت تكتفي بوجهة نظر واحدة ولم تطرق باب الدولة المغربية لمعرفة حقيقة الموضوع. وثانيها هو اقتناع تلك المنظمات نفسها بأنها كانت تزايد على المغرب فقط وخشية من الانفضاح لم تعد تذكر الموضوع لأن الدولة فتحت الباب أمام زيارات البرلمانيين الذين عاينوا الموقع وجاءت شهادتهم متطابقة، المنتمي للأغلبية كالمعارض، والذين أكدوا جميعا أن الأمر يتعلق بمقر إداري وأنهم كانوا يتوفرون على كامل الوسائل لفحص المكان وتفتيشه.
ورغم اعتراف المنظمة المتأخر فإنها ظلت ممسكة بالحبل لمعاودة ابتزاز المغرب في اللحظة التي ترتئيها مناسبة، فبدل أن تقول إنه لا وجود لمعتقل سري قالت لا وجود للتعذيب وقد ارتبط في قاموس دعاة حقوق الإنسان المكان المذكور بالتعذيب فعدم وجود التعذيب هو دليل على عدم وجود معتقل أصلا، لكن من الصعب الاعتراف التام لهذا تكتفي المنظمة بنصف الاعتراف.