اشتدت المنافسة بين حزب العدالة والتنمية بزعامة عبد الإله بنكيران وحزب الأمة، غير المرخص له، بزعامة محمد المرواني، الذي خرج حديثا من السجن بعفو ملكي، على استقطاب عناصر السلفية الجهادية سواء الذين خرجوا من السجن في إطار العفو الملكي الأخير، الذي جاء بطلب من المجلس الوطني لحقوق الإنسان أو الذين ما زالوا في السجن ينتظرون خروج لوائح أخرى حسب تصريح أحمد الصبار الأمين العام للمجلس المذكور. ولا يستهدف الحزبان ضم كل السلفيين، البالغ عددهم ثمانية مائة معتقل الموجودة حاليا في السجن، ولكن يستهدفان من يرتبط بهم وهم مجموعات كثيرة ومجموعة من عوائل المعتقلين، قد تفيد بنكيران في الانتخابات التشريعية المقبلة بما يعني أنها مجموعة أصوات تدخل الصناديق، وتنضاف إلى الأرقام التي سيحصل عليها حزب العدالة والتنمية وتفيد حزب الأمة في تكوين تنظيم سياسي يضمن له الوجود، في المشهد السياسي بعد التآكل الذي عرفه رفاق المرواني سواء بعد الانشقاق الذي قاد مصطفى المعتصم إلى تأسيس البديل الحضاري أو بعد مرحلة السجن فيما يعرف بخلية بلعيرج. وكان عبد الإله بنكيران قد شرع منذ مدة في تهيئ بنية الاستقبال لمن سيخرج من السلفية الجهادية من السجن حيث اقترح الأمين العام لحزب العدالة والتنمية على المجلس الوطني للحزب في دورته الأخيرة إضافة أحمد الشقيري الديني إلى الأمانة العامة خارج المؤتمر المؤهل لانتخاب الهياكل. ويعتبر أحمد الشقيري الديني أحد الوجوه السلفية المعروفة، وقد تأثر خلال وجوده في باريس لدراسة الرياضيات بالتيارات الوهابية ويعترف هو نفسه في كتاب ذاكرة الحركة الإسلامية أن عكف على قراءة الكتب السلفية لتقي الدين بن تيمية وإبن القيم الجوزية والشوكاني والعقيدة الطحاوية، وابن أبي العز الحنفي وابن عبد الوهاب وهو أيضا من مؤسسي جمعية ابن عبد البر ذات التوجه السلفي وقد انتمى إلى جمعية الجماعة الإسلامية التي كان يرأسها عبد الاله بنكيران أواخر الثمانينات بعد نقاشات مع عبد الملك زعزاع زعيم أول مجموعة سلفية تنتسب إلى جماعة بنكيران ومحمد العربي بلقايد الكاتب الجهوي لحزب العدالة والتنمية حاليا وهو ذي توجه سلفي. ومما يميز الشقيري الديني ورفاقه عن باقي السلفيين سواء التقليديين أو الجهاديين هو أنه ينتمي إلى سلفية الصحوات التي تؤمن بالعمل الحزبي والسياسي مما يجعله مؤهلا لمناقشة الخارجين من السلفية الجهادية من السجن وضمهم إلى حزب العدالة والتنمية. أما فيما يتعلق بالمرواني فقد أظهر منذ بداية التسعينات ميله للتيارات السلفية، وكان قد دخل في حوارات مطولة مع محمد الفيزازي سنة 1992 قصد ضمه إلى حركة الاختيار الإسلامي التي كان يتزعمها بعد فشل تأسيس حزب الوحدة والتنمية بزعامة لحسن الداودي سنة 1992 القيادي حاليا في حزب العدالة والتنمية ولم ينجح المرواني في مسعاه لأنه لقي معارضة من المعتصم مما عجل بانفصال الإثنين. وكان أول عمل قام به المرواني حينها، هو إصدار جريدة النبأ سنة 1996 تمهيدا لتأسيس الحركة من أجل الأمة وقد صدرها بدراسة على امتداد 18 عدد حول الدولة الإسلامية جاءت حاملة لنبرة سلفية واضحة. وقد وطد علاقته بالسلفيين بعد دخوله السجن، وكان أول عمل قام به بعد خروجه هو تأسيس لجنة لإطلاق سراح ما تبقى من السجناء السلفيين كما شرع في دعم عائلات ما تبقى من خلية بلعيرج. يبدو أن المنافسة بين الطرفين حول استقطاب السلفيين شرسة وستطول ما دام تيار السلفية بمختلف تياراتها موجودا.