تحت شعار "سلامات يا مصر" شهدت القاهرة الشهر الماضي أول مهرجان للرقص الشرقي في عهد الإخوان المسلمين. مهرجان لم يكن على ذوق الكثير من الإسلاميين الذين يرفضون أن يمر إنعاش قطاع السياحة عبر خصور النساء، فيما يتردد منذ وصولهم إلى السلطة أن نيتهم هي الحد من حرية الفن وشراء عدد كبير من الصالات والكباريهات لسد الباب أمام إحدى أقدم المهن التي احترفتها النساء المصريات وهي الرقص الشرقي. شارع الهرم، أحد أقدم أحياء القاهرة وأكثرها شعبية، يمكنك أن تجد بين أزقته الضيقة أي شيء "خاص" تبحث عنه في منتصف الليل حينما تنام باقي شوارع القاهرة... شيشة حشيش، طبق كشري أو راقصة بطن من اللواتي "يحليّن" منذ سنوات ليالي المصريين .
ربما لن يطول تواجد الراقصات في الشارع كثيرا، حيث نقلت وسائل إعلام مصرية كثيرة عن أثرياء من الإخوان المسلمين رغبتهم في شراء فنادق و"كباريهات" وصالات صنعت شهرة شارع الهرم بالداخل والخارج ب "رقاصاته" و "عوالمه" كما يتردد في العامية المصرية، اللواتي يقصدهن الرجال والسياح، خاصة الخليجيون منهم، على مدار السنة للاستمتاع بتموجات أجسادهن الخاصة والتي اشتهرن بها منذ عهد الفراعنة.
"الرقص الشرقي هو جزء من ثقافة مصر وتاريخها، فهو يعود لأيام الفراعنة، فلا الإخوان ولا غيرهم من الإسلاميين يمكنهم القضاء عليه وعلى راقصاته، فهو فن عظيم متجذر في المجتمع المصري، وجزء من سياحته وصورته في الخارج" تقول راقية حسن مديرة مهرجان الرقص الشعبي الذي يقام سنويا بالقاهرة، وشهدت دورته هذا العام مشاركة كبيرة ونوعية، من مصر ومن خارجها وإقبال كبير للجمهور طيلة أيامه السبعة، وذلك في أول دورة له في عهد الإسلاميين والإخوان.
كريمان، واحدة من الراقصات اللواتي شاركن في المهرجان، لا تبدي تخوفا كثيرا على تأثر مهنتها التي تمارسها منذ نحو عشر سنوات باعتلاء الإسلاميين الحكم بمصر حيث تقول "في البداية كنت قلقة أنا والكثير من الزميلات في المهنة على مصيرنا بعد وصول الإخوان للحكم، لكن بعد تأكيد الرئيس محمد مرسي شخصيا بأنه سيحترم الفن ويترك للفنانين باختلاف مواهبهم كامل الحرية في ممارسة مواهبهم تغيرت مشاعرنا، لذلك فلا شيء تغير بالنسبة لنا".
وتؤكد كريمان (29 سنة) التي تخرج كل ليلة للرقص في الصالات والفنادق بأنها هي وعلى الأقل صديقاتها اللواتي على اتصال معهن لم يتعرضن لأي تهديد من أي جهة كانت منذ تغير نظام الحكم في مصر.
وتضيف كريمان بأن الراقصات في مصر"شغالات ومتمتعات بكامل الحرية التي كانت لديهن في عهد مبارك"، "فالدين والدولة للجميع، وقد نختلف في الدين لكننا نجتمع في وطن واحد، يشارك كل واحد منا في إنعاش سياحته وتحسين صورته بالخارج، فمصر كانت دوما هوليود الشرق في الفن والغناء والرقص والإخوان دماغهم أكبر من أنهم يوقفون مصدرا للدخل القومي للبلد".
وحسب إحصائيات غير رسمية فإنه توجد في مصر آلاف الراقصات، حيث يقصدها ملايين السياح سنويا، لحضارتها وأهراماتها ...وراقصاتها الشرقيات كذلك. وتضيف السيدة راقية حسن، "لكن للأسف بغياب نقابة خاصة بهن رغم مساعي أشهر راقصات مصر كفيفي عبده وزيزي بدراوي وشريهان فإن حقوقهن غير مضمونة خاصة اللواتي يشتغلن في الحانات والكباريهات" حسب كريمان.
ورغم شدة انتقادات الإسلاميين ورجال الدين للفنانين المصريين منذ وصول مرسي للحكم، والتي كان آخرها اتهام الفنانة إلهام شاهين بالفجور والعري والزنا من قبل رجل دين، يبقى الإخوان يدافعون في خطابهم الرسمي عن الفن وحرية الفنانين، حيث قال أحمد أبو تركة المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة المنبثق عن الإخوان المسلمين في اتصال مع فرانس24 "نحن ندعم الفن والإبداع ما دام هذا الفن يحمل رسالة اجتماعية ويعكس واقع المجتمع والحقيقة التي يعيش فيها بطريقة جمالية سواء عن طريق الغناء أو المسرح أو الرقص أو التمثيل، فهذا لا يتناقض أبدا مع الدين والإسلام، لكن بشرط أن لا يخرج هؤلاء الفنانين عن قواعد وآداب المجتمع المصري الذي يعيشون فيه".