أثار حجب مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر لتفادي تسريب اسئلة البكالوريا، موجة غضب بين الجزائريين الذين اضطروا للالتفاف على هذا المنع باستخدام شبكات من خارج الجزائر، في انتظار رفع الحجب اليوم الخميس، آخر يوم في الامتحانات. وفي مرحلة اولى، لم يتم الاعلان بشكل رسمي عن قطع مواقع التواصل الاجتماعي وحتى قطع الانترنت كاملا في اليوم الاول من الامتحانات التي جرت بين الاحد والخميس.
واكتفى المفتش العام لوزارة التربية نجادي مسقم بالحديث عن "اتخاذ اقصى الإحتياطات لضمان بكالوريا عادية بمعدل تسريب صفر بالمئة". وهو ما اكدته وزيرة التربية الاربعاء بالتعبير عن ارتياحها "لعدم تسريب اي موضوع من اسئلة الامتحانات".
وانتطرت وزيرة البريد وتكنولوجيا الاعلام والاتصال إيمان هدى فرعون اليوم الثالث من الامتحانات لتعلن ان مصالحها "قامت بحجب أهم مواقع التواصل الاجتماعي خلال فترات معينة بهدف وضع مترشحي البكالوريا في منأى عن محاولات التشويش عبر نشر مواضيع زائفة".
وطلبت الوزيرة في حوار مع وكالة الانباء الرسمية من الجزائريين "التضحية برفاهيتهم الشخصية" من اجل مستقبل آلاف الطلاب، موضحة انه لم يتم قطع الانترنت وانما "تقليص نسبة التدفق خلال النصف الاول من توقيت أول امتحان".
واثار الاعلان غضب العديد من الجزائريين الذين لجأوا الى مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن غضبهم واستهزائهم بالحكومة "العاجزة عن منع التسريب، فلجأت الى منع نشر الأسئلة المسربة بقطع الانترنت علينا"، كما قال ناشط على موقع فيسبوك. بينما قال آخر "قطع الانترنت انتهاك للحريات الشخصية ووصاية على الشعب".
وتمكن هؤلاء وغيرهم من الولوج الى حساباتهم عن طريق استعمال "في بي أن" (شبكة خاصة افتراضية تسمح بالاتصال بالانترنت عبر بلد آخر). وهي تقنية لم تكن معروفة على نطاق واسع.
وعلق احد الناشطين على موقع "تويتر" على ذلك ساخرا "شعب ناكر خير. تشتمون الحكومة لقطعها الانترنت، لكن بفضلها اليوم تعلمتم "في بي ان" وسافرتم عبر العالم دون الحاجة لتأشيرة".
وتضم الجزائر 18 مليون مستخدم للانترنت من اصل 40 مليون نسمة هو عدد السكان.
وتحدث رئيس الحزب الاسلامي "حركة مجتمع السلم" عبد الرزاق مقري عن "عقاب جماعي لحماية (وزيرة التربية نورية) بن غبريط" التي طالب حزبه باقالتها بعد "فضيحة تسريب أسئلة البكالوريا".
وكان اكثر من 800 الف طالب خضعوا بين 29 مايو و2 يونيو لامتحانات شهادة الثانوية العامة، لكن أكثر من 555 الف اعادوا الامتحان بين الاحد والخميس بسبب عمليات تسريب "ضخمة" حصلت لأسئلة الامتحان وتم نشرها عن طريق الانترنت.
وأظهرت التحقيقات القضائية ان تسريب الأسئلة تم من مركز طبعها قبل أيام من بداية الامتحانات، وتم توقيف عشرات الاشخاص بينهم مدير ديوان المسابقات والامتحانات المشرف الاول على تنظيم البكالوريا، بحسب النيابة العامة.
وشارك في التحقيقات ضباط من مركز مكافحة جرائم الاعلام الآلي تمكنوا من "كشف هوية المشتبه في تداولهم للمواضيع ونشرها على مواقع التواصل الإجتماعي، فضلا عن الكشف عن وجود أشخاص كان لهم دور الوسيط في عملية التسريب"، بحسب المصدر نفسه.
وتحولت قضية تسريب اسئلة الثانوية العامة عبر مواقع التواصل الاجتماعي الى قضية سياسية وامنية، بعد مطالبة نواب اسلاميين باستقالة وزيرة التربية. ووصف رئيس الوزراء عبد المالك سلال التسريبات بانها "تمس بالامن القومي".
ويتم تنظيم امتحانات البكالوريا، الشهادة التي تسبق الانتساب الى الجامعة، وفق اجراءات امنية مشددة تشارك فيها قوات الجيش والشرطة والدرك.
كما ان الاساتذة الذين يعدون الاسئلة يظلون منقطعين عن العالم الخارجي شهرا كاملا حتى نهاية الامتحانات، مع منعهم من استخدام الهاتف والانترنت.
ولم يقتصر انقطاع الانترنت على مواقع التواصل، بل شملت ايضا محرك البحث "غوغل".
وقال موظفون في مصرف لوكالة فرانس برس ان التعاملات المصرفية بطيئة بسبب انقطاع الانترنت.
وتحدثت الوزيرة هدى فرعون عن قدرة الحكومة على حجب الشبكات الافتراضية، مشيرة الى انها فضلت عدم فعل ذلك لتفادي "أضرار جسيمة تلحق بالتبادلات غير المحظورة على الشبكة لا سيما البريد الإلكتروني".
وأكدت الوزيرة في هذا السياق أنه "سيتم اتخاذ إجراءات صارمة ضد الغشاشين الذين يلجؤون إلى مثل هذه التقنيات إضافة إلى الأطراف التي تقف وراء هذا التلاعب".
وسخر احد مستعملي الشبكة الافتراضية من تصريح الوزيرة قائلا "انا متصل بالانترنت واستخدم فايسبوك نكاية في هدى فرعون وبن غبريط والحكومة".
وقال آخر "ما زال هذا النظام يمارس الأبوية على الجزائريين ويعتقد انه يمكنه التحكم في تصرفاتهم وأعمالهم. لم يفهموا بعد ان المجتمع الجزائري تغير كثيرا".