تشكل القمة المغربية الخليجية، التي تمت بحضور جلالة الملك محمد السادس، منعطفا سياسيا حاسما في تاريخ الدول العربية والتي من شأنها أن ان تدعم وتعزز العلاقات بين الأطراف المشاركة فيها، وتؤكد هذه القمة ميلاد وعي جديد بضرورة بناء علاقات عربية متينة من شأنها المساهمة في دعم القضايا العربية والإسلامية. وأبرزت القمة أن التهديدات والأخطار لا تستثني أحدا ولهذا عبر القادة عن التزامهم بالدفاع المشترك عن أمن بلدانهم واستقرارها واحترام سيادة الدول ووحدة أراضيها وتوابيتها الوطنية، ورفض أي محاولة تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ونشر نزعة الانفصال والتفرقة لإعادة رسم خريطة الدول أو تقسيمها، بما يهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي.
وستساهم هذه الشراكة في خلق جبهة قوية وموحدة، وذلك إيمانا بوحدة المصير والاهداف، والتمسك بقيم التضامن الفاعل والاخوة الصادقة، التي تقوم عليها العلاقات التاريخية الاستثنائية بين دول مجلس التعاون والمملكة المغربية . وشكلت القمة مناسبة لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون والمملكة المغربية، ولتنسيق المواقف في مواجهة التحديات والتهديدات التي تواجهها المنطقة العربية وتبادل وجهات النظر بشأن القضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. ومن شأن هذه الشراك دعم الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية.
هذا الدعم بين المغرب ودول الخليج من شأنه أن يساعد المغرب على إيجاد موقع قوي ومريح على مستوى القضايا الاستراتيجية والديبلوماسية، وخصوصا ما يتعلق بقضية وحدتنا الترابية حيث أبرز البيان الختامي أن قادة هذه الدول يؤكدون موقفهم الداعم لمغربية الصحراء، ومساندتهم لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب، كأساس لأي حل لهذا النزاع الإقليمي المفتعل. ويمكن القول إن اهم ما يميز العلاقة المغربية الخليجية هو ارتكازها على التكافؤ بين الدول المكونة لها، وهو ما أكد عليه البيان الختامي، لن العلاقات إن لم تكن مبنية على التوازن فإنها تصبح مجرد تبعية غير مثمرة.
أما من الناحية الاقتصادية فإن القمة ومشاركة المغرب فيها تؤكد أن هذا البلد أصبح يتميز بخصائص من النضج والتقدم التي تخول له التموقع كشريك أساسي بالنسبة لاقتصادات مجلس التعاون الخليجي. ولقد استطاع المغرب أن يتطور ويصبح بمثابة ملتقى بين القارات وسوف يستفيد من هذه الشراكة كي ينجح في مشاريعه الكبيرة والتي ستعود بالنفع على الطرفين.
وستتيح هذه الشراكة للمغرب أن يسفيد من الهيكلة المتكاملة بين اقتصاداته واقتصادات الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، قصد تدعيم التبادل التجاري وجذب الاستثمار الواردة من الخليج. وهذا سيمكن القطاع الخاص في المغرب من أجل تموقع جديد قصد دخول أسواق دول الخليج والشرق الأوسط.
إن دعم دول الخليج للشراكة مع المغرب يعتبر شهادة أخرى على أن المغرب قوي ومتيمز، كما تمكن هذه الشراكة المغرب من تحصين موقعه الديبلوماسي وتقوية توجهه كقاعدة جيو استراتيجية بين مختلف الفضاءات الجيوسياسية.
وتدخل هذه الشراكة في إطار توجهات المغرب جنوب جنوب حيث يركز جلالة الملك على العلاقة بين بلدان الجنوب الذي لا محيد له من التكتل قصد تحقيق إمكانات البقاء والفاعلية في العالم، ومن هنا يأتي توجهه الإفريقي والآسيوي والشراكة مع دول الخليج.