ما الجديد فيما قاله محمد عبادي، الأمين العام لجماعة العدل والإحسان؟ هل ما قاله بخصوص الخلافة غريب عن الجماعة؟ ألا تؤمن الجماعة، التي أسسها عبد السلام ياسين مرشدها حيا وميتا، بالخلافة التاريخية؟ أليس فيما اجتره ياسين من كتابات التاريخ وحتى كتابات المعاصرين ما يدعو لقتل المتخلفين عن البيعة؟ لقد قال عبادي إن المسلمين لا ينبغي أن يبيتوا أكثر من ثلاث ليال دون خليفة ومن تخلف عن ذلك ينبغي ضرب عنقه بالسيف، كما أوضح في شريط فيديو على قناة الشاهد الرقمية التابعة للجماعة أن الخلافة فريضة دينية.
هذا الكلام نقله عبادي عن عبد السلام ياسين من كتابه المنهاج النبوي وكتاب الخلافة والملك وهو يكرره مرارا، وهو أيضا منقول عن كتب التاريخ وخصوصا كتاب شذرات الذهب للمسعودي، الذي كان زعيم الجماعة مغرما به، وهو كلام يخص مجلس الستة الذي عينه الخليفة عمر بن الخطاب بعد طعنه لاختيار الخليفة من بعده، وكيفما كان فهم هذه القضية، حيث أمر الخليفة بقتل الستة إن انقضت ثلاثة أيام دون اختيار خليفة وقتل المتخلفين عن البيعة، فإن الأمر يتعلق بمرحلة تاريخية ذهب أصحابها لهم ما كسبوا وعليهم ما اكتسبوا.
ليس جديدا أن يقول عبادي كلامه عن الخلافة لأن ياسين بنا فكره كاملا على حديث حول الخلافة على منهاج النبوة من خلاله ينظر لتاريخ المسلمين وماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم.
إذن لماذا استغرب المتتبعون ورجال السياسة هذه الخرجة الإعلامية لزعيم العدل والإحسان؟ لأنهم انخدعوا بكلام الجماعة، حيث قال فتح الله أرسلان عقب الإعلان عن انخراط الجماعة في حركة 20 فبراير إن مفهوم الخلافة عندهم هو مفهوم الدولة المدنية، وذلك إرضاء لشباب الحراك الاجتماعي المتأثرين بالأفكار المنتشرة في التواصل الاجتماعي حيث يدعون إلى الحريات الفردية.
فالجماعة أعلنت أن الخلافة هي نفسها الدولة المدنية كي تستدرج الشباب وتهيمن عليهم، ولكن بعد نهاية أسطورة الربيع العربي وتبين للجماعة أن رهانها على الشباب خاسر، عادت لتعلن عن أطروحاتها الأولى التي أسس عليها المرشد أفكاره.
الخلافة كما ينظر إليها عبد السلام ياسين ليس فيها موقع للمختلفين ولا للمعارضة بل مصيرها ضرب الأعناق مثلما يفعل الخليفة أبو بكر البغدادي زعيم داعش في سوريا والعراق، ولا فرق بين الاثنين بل هناك منافسة حيث فاجأ البغدادي الجميع بإعلان الخلافة فسقط في يد الجماعة وفي يد الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة.