من النظرة الأولى يخيل للمرء أن الصورة لموكب السلطان في طريقه إلى المسجد، لكن عندما نركز على التفاصيل الدقيقة فالصورة تعود إلى بدايات القرن الماضي وتؤرخ لمراسيم خروج موكب سلطان الطلبة المهيب وسط حشود شعبية كبيرة في مهرجان غاية في الأبهة الملوكية والنفاسة والعراقة الفرجوية . يقام حفل سلطان الطلبة في مدينة فاس في فصل الربيع. ويحف بالتعظيم والإجلال وتهيء له الدولة جميع مظاهر السلطنة المعروفة في البروتكول المخزني المغربي من اللباس الخاص اللكسة، والهيئة الحكومية التي يعينها بنفسه. ومن الخروج لصلاة الجمعة راكبا فرسا تظله المظلة ويحيط به وزراؤه وأعوانه وخواصه.
ويحظى سلطان الطلبة بزيارة ملك البلاد والإنعام عليه بالهدايا وبقبول مطالبه بالعفو عن سجين أو طلب حظوة. ويحاط سلطان الطلبة طيلة أيام الاحتفال بكل الأبهة حتى يتراءى للمرء أن الأمر جدّ، ويزيد ذلك جدية موضوع الاحتفال بهذه السلطنة الذي هو الاحتفال بالعلم وأهله، فلا ينقصها من الحقيقة إلا الاستمرار، غير أن الهزل يمنعها أن تبقى أكثر من أسبوع واحد، ويعتمد من أجل ذلك مزجها بلقطات وأدوار هزلية تذكر بطبيعة هذه الاحتفالات على حقيقتها، وبعد أسبوع يسدل الستار على هذا الحدث السنوي الذي يمزج بين الجد والمرح.
ويعود تاريخ هذا الإحتفال إلى عهد السلطان العلوي المولى رشيد بن الشريف الذي أنعم به على طلبة زاوية الشيخ "اللواتي" بناحية تازة، الذين ناصروه للقضاء على ابن مشعل ومآزرته لتمكينه من ملك المغرب، فكان هذا الإحتفال مكافأة لهم وعرفانا لهم على وفائهم له حيث يتقمص أحد الطلبة النجباء من جامع القرويين دور السلطان، بعد أن يشتري تاج العرش في المزاد العلني، ويرسو عليه البيع وتقام الولائم (والزردة ) إكراما للطلبة في جو من المرح والصفاء وبه جرت العادة منذ ذلك التاريخ إلى عهد قريب.