فجرت المجزرة، التي ارتكبها إرهابيون بحق مدير وكاريكاتيرست جريدة "شارلي إيبدو" الساخرة، الأسئلة الراقدة، التي لم يعد مسؤولو فرنسا وعقلاؤها يطرحونها، وخصوصا ما يتعلق بالتعاون الأمني بين المغرب وفرنسا، وفي هذا الصدد قالت صحيفة "لوفيغارو"، المحسوبة على اليمين الليبرالي الفرنسي، إن تجميد التعاون الأمني بين المغرب وفرنسا أضعف القدرات الاستخباراتية الفرنسية. وأوضحت الصحيفة في مقال تحت عنوان "أزمة ديبلوماسية بين الرباطوباريس: جمود التعاون في مكافحة الإرهاب بين فرنسا والمغرب"، إنه منذ عشرة أشهر، تتفاعل الأزمة الديبلوماسية بين الرباطوباريس التي غيبت التعاون القضائي وتبادل المعلومات حول الجهاديين، وأشارت "لوفيغارو" إلى أن المغرب يتلقى معلومات مهمة من جنوب الصحراء، وخصوصا من موريتانيا ودول الساحل حيث تنشط الجماعات المتطرفة بشكل لافت، بالإضافة إلى حوالي 1500 مغربي يقاتلون في صفوف التنظيمات الإرهابية مقابل 1200 فرنسي أو يحملون الجنسية الفرنسية.
"لوفيغارو" نقلت عن مسؤول فرنسي رفيع المستوى، أن البرودة التي اجتاحت العلاقات بين المغرب وفرنسا دامت أكثر من المعتاد، أصبحت تهدد التنسيق الأمني الذي تم تمتينه بعد الهجوم الإرهابي على فندق "أطلس أسني" بمراكش سنة 1994، مضيفا أنه "منذ أشهر وكل أنشطة سفارتنا بالرباط تزداد بطء".
وتحدث المسؤول الفرنسي عن الطريقة التي تعاملت بها فرنسا مع مسؤولين مغاربة، حيث أقدمت على إرسال سبعة رجال شرطة إلى مقر السفارة المغربية بباريس قصد استدعاء المدير العام لمراقبة التراب الوطني، عقب شكايات كيدية تقدم بها أحد الأشخاص يزعم فيها تعرضه للتعذيب.
واعتبر المسؤول الفرنسي أن التفتيش المهين الذي تعرض له وزير الشؤون الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار، منتصف مارس الماضي، حين كان في عبور لمطار "رواسي شارل ديغول"، رغم توفره على جواز سفر ديبلوماسي، أن هذا الأمر فسره الرباط على أنه إهانة جديدة.
وجانب المصدر المذكور الصواب عندما قال إنه من التفسيرات لاستمرار الأزمة مع فرنسا أن المغرب لا يعرض عن باريس بسبب استدعاء المدير العام لمراقبة التراب الوطني وتفتيش مزوار، وإنما لكون المغرب يخشى التقارب مع فرنسا، ويحرص على مجافاتها خشية من ردود أفعال لدى جماعات لدى الإسلاميين المتطرفين في البلاد.
وبحسب خبير تحدث لجريدة "لوفيغارو"، فإن أهمية التنسيق الأمني بين المغرب وفرنسا، تأتي من حاجة البلدين إلى تبادل المعلومات حول المنتمين للدولة الإسلامية في العراق والشام، الذين قد يعود الكثير منهم من ساحات القتال ليقدموا على تنفيذ هجمات إرهابية.