تعيش الحكومة الجزائرية هذه الايام على اعصابها بسبب التراجع المهول لأسعار النفط في السوق الدولية، وهو ما يهدد الاقتصاد بالإفلاس الذي سيعصف بالبلاد في دوامة من الاضطرابات والقلاقل لن يعرف احدا نهايتها.. وفي هذا الاطار استدعى أمس، الوزير الأول الجزائري عبد المالك سلال، وزراء القطاعات المعنية بالملف الاقتصادي، يتقدمهم وزير المالية محمد جلاب، وجمعهم في مجلس وزاري مشترك، فتح خلاله ملف تمويل الاقتصاد ورفع الصعوبات التي تعترض سيرورته، في ظل تراجع غير مسبوق لأسعار النفط في السوق الدولية وخطر أصبح يهدد مداخيل الجزائر واحتياطاتها من الصرف.
وأوردت جريدة "الشروق" الجزائرية، استنادا إلى مصادر حكومية، أن القلق من تراجع أسعار النفط في السوق الدولية وانهيارها إلى مستويات لم يعرفها منذ 5 سنوات، بدأ يتسرب إلى الجهاز التنفيذي، وتجسد في أول خطوة أقدم فيها الوزير الأول أمس، على استدعاء وزراء القطاعات المعنية بالاقتصاد الوطني إلى مجلس وزاري مشترك حمل عنوان "الهام جدا والمستعجل"، استمع خلاله حسب ذات المصادر إلى وجهات نظر الوزراء بخصوص كيفية ضمان تمويل الاقتصاد، ورسم خطة استباقية لمواجهة أي تقلبات في مداخيل الدولة بسبب تهاوي أسعار البترول في بورصة النفط.
وتضيف الجريدة، وفقا لمصادر حضرت الاجتماع، ان وزير المالية قدم عرضا مفصلا حمل تطمينات صريحة للحكومة بخصوص التوازنات المالية للجزائر، وقدم مجموعة من المعطيات القائلة بأن التوازنات المالية في منأى عن التأثر بتراجع أسعار النفط وكشف لزملائه في الحكومة الآليات التي تحملها حقيبة وزارته لمواجهة مثل هذه الصدمات والتصدي إليها من دون إحداث اختلالات، خاصة فيما يتعلق بالقدرة الشرائية للمواطن، وظروف معيشته.
وبعيدا عن تطمينات الحكومة، فإن اجواء من الخوف والهلع تسود الاوساط الجزائريين، بسبب التدهور الكبير في أسعار النفط بالأسواق الدولية، بينما تتنامى مطالبات من قبل الطبقة السياسية، تدعو الحكومة إلى "مصارحة" الشعب بحقيقة الأوضاع بعيدا عن خطاب رسمي يتجاهل آثار تراجع إيرادات البلاد من النفط.
وتعتمد الجزائر على إيرادات النفط في تغطية ما نسبته 98% تقريبا من حاجاتها من مواد غذائية وتجهيزات، في موازناتها السنوية منذ عشر سنوات، فيما لا تتعدى صادراتها الأخرى 3%.
وحذر الوزير الأسبق لقطاع النفط بالجزائر، سيد أحمد غزالي، من عواقب اجتماعية وخيمة، في المستقبل القريب إن استمر تدهور أسعار النفط، وما ينجم عنه من ارتفاع أسعار المواد الغذائية وخاصة منها الأساسية بالنسبة للجزائريين..
وفي الثاني من ديسمبر الجاري، دق تحالف "قطب التغيير" المكون من ستة أحزاب معارضة، ناقوس الخطر، وقال علي بن فليس، الناطق الرسمي للقطب، ببيان له، :"نحن منشغلون تجاه التدهور المستمر لأسعار المحروقات الذي لم يحسب له حساب من طرف السلطات الحكومية التي تتمادى في التقليل من آثاره".
وقال بن فليس، رئيس الحكومة الأسبق ومرشح انتخابات الرئاسة الماضية، إن الوضعية التي تمر بها البلاد "تنبئ بشبح أزمة مالية خانقة تلوح في الأفق"، منتقدا ما وصفه "السياسات الاقتصادية المنتهجة التي أثبتت فشلها".