بموازاة اتقانهم دور المعلمين والأساتذة الذين لا يشق لهم غبار في مجال إعطاء الدروس وتبيان الحقائق وتقديم المحاضرات في القانون والأخلاق عبر افتتاحيات جرائدهم ومقالاتهم النارية ومن وراء الميكروفون، يتقن هؤلاء الصحافيون ويبرعون في ارتكاب جرائم النصب والاحتيال وانتحال الصفات والقتل وهلمّ جنحا وجرائم يعاقب عليها القانون، ورغم ذلك فهم لايزالون يتربعون على عروشهم، بل منهم من زادت ثروته وأصبح يحسب له الف حساب في عالم المال والاعمال.. وسنحاول من خلال هذه الحلقات تقديم بعض القصص التي سارت بذكرها ركبان الصحافة والإعلام وكان ابطالها هؤلاء الجهابذة..
وسنبدأ اليوم بسرد قصة كبيرهم الذي علمهم السحر(سحر النصب والاحتيال) الذي بفضله صار بعضهم اغنياء وذوو نفوذ، رغم ان زادهم "العلمي" و"المعرفي" لا يتجاوز مستوى العامة من الناس ووعيهم لا يعدو ان يكون وعي الجموع الذي لا يمكن بحال من الاحوال ان يرقى إلى مصاف ذاك الذي يكتسبه اهل الرأي السديد والتحليل المتراص الذي يستند إلى اواليات البحث والمعرفة...
ونعني بكبيرهم هنا، توفيق بوعشرين، المدان في قضية نصب واحتيال(ملف جنحي تلبسي رقم: 22/757/10)، والذي اعتبر الحكم الصادر ضده "حكما سياسيا في غلاف قضائي"، متهما القضاة بتلقي التعليمات من جهات لم يذكر اسمها، كما فعل ويفعل العديد من الذين يريدون التملص من المسؤولية بجرة قلم. إلا ان ادعاءه هذا أثار ردود أفعال غاضبة في أوساط القضاة، الذين طالبوا وزير العدل والحريات بفتح تحقيق بشأن تلك الاتهامات لمعرفة الجهات التي تدخلت لإصدار الحكم في حق هذا الصحفي، من أجل تهمة "النصب والاحتيال" (ملف جنحي تلبسي رقم: 22/757/10).
وفي هذا الاطار، علق القاضي محمد عنبر على اتهامات كبير الصحفيين بالقول ان "بوعشرين اكتوى بنار الحب للرميد"، مضيفا أن بوعشرين "كان يطالب ببقاء النيابة العامة تحت وصاية وزارة العدل والحريات مخافة أن تتغول"، وإنه "انقلب على مواقفه هاته 190 درجة"، فيما استغرب نادي القضاة صمت الرميد أمام الاتهامات التي كالها بوعشرين للقضاة، في وقت قرر فيه محاكمة أعضاء في نادي القضاة على آراء نشروها في الفايس بوك لا ترقى للاتهامات التي وجهها هذا الصحافي للقضاء الجالس والواقف.
وقد اشتهر بو20 بافتتاحياته في جريدته اليومية، حيث كان يظهر ولايزال من خلالها في صورة الواعظ والمحاضر في القانون والأخلاق، مهادنا الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية وأرباب الشركات الكبرى التي تغدق على جريدته الإعلانات، كما كان يظهر هجوما شرسا للمعارضة والوزراء ورجال الأعمال الذين يسيرون مجموعات مالية ناجحة لا توافق هواه، ويقدم النصائح يوميا لتفعيل القانون قبل ان يجد نفسه في آخر المطاف متورطا في قضية نصب واحتيال في قضية عقارية(ملف جنحي تلبسي رقم: 22/757/10)، زعزعت قناعات القراء بخصوص مضامين "محاضراته" كل صباح.
وتعود فصول القضية إلى 2007، عندما قام توفيق بو20 بشراء عقار عبارة عن "فيلا"، من صاحبها، الذي تقدم بشكواه في أبريل من ذات السنة، متهما بو20 بالاحتيال عليه، حيث لم يسدد له قسطا من ثمن العقار كان الطرفان اتفقا على أن لا يتم التصريح به، وهو احتيال آخر على القانون.
وتقدم المدعي بشكاية لدى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط، مفادها أن توفيق بو20 وأحد السماسرة، الذي يتواجد منذ سنتين في سجن الزاكي على ذمة قضية نصب واحتيال أخرى، قاما بالنصب عليه واستوليا على عقاره المتواجد بحي النهضة بالرباط.
ويقول الضحية، وهو مغربي مقيم بالديار الهولندية منذ أزيد من 25 سنة، حسب ما اوردته جريدة "الاخبار" في ملف لها خلال شهر يوليو الماضي حول ظاهرة النصب والاحتيال، إن عملية النصب التي تعرض لها تمت بتواطؤ بين توفيق بو20 وثلاثة سماسرة، للاستيلاء على عقاره، مؤكدا أن الموثق كتب في عقد البيع ثمنا أقل من السعر المتفق عليه في الأصل باتفاق مع بو20. وقضت المحكمة الابتدائية بالرباط في 2010 بإدانة توفيق بوعشرين بستة أشهر حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 500 درهم، بعد مؤاخذته من أجل جنحتي النصب والاحتيال(ملف جنحي تلبسي رقم: 22/757/10).
ورغم أن بو20 استأنف الحكم، إلا أن محكمة الاستئناف بالرباط، قضت في حقه بستة أشهر حبسا موقوف التنفيذ، وغرامة مالية قدرها 10 آلاف درهم.
ورغم كل هذا فإن بو20 لايزال يصول ويجول في افتتاحياته بين دروس الوعظ وتقديم النصح والاستشارة لكل من رأى فيه "المرقة" او مشروع صنبور للأموال والاشهار، والهجوم على كل من يقض مضجعه ومن يراه خطرا على اقطاعيته التي اصبحت تذر عليه دخلا لم يكن يحلم به في يوم من الايام..