قال الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الحبيب شوباني، اليوم الثلاثاء بالرباط، إن الحوار الوطني حول المجتمع المدني أسفر عن إعداد مشروع مدونة متكاملة تتناول الحياة الجمعوية بكل تفاصيلها. وأوضح شوباني، الذي حل ضيفا على ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء تحدث خلاله عن موضوع "أي آفاق عملية للمجتمع المدني المنظم بالمغرب؟"، إن هذه المدونة ستتناول في 10 أبواب وأزيد من 100 مادة الحياة الجمعوية بكل تفاصيلها المتعلقة بالتأسيس والديمقراطية الداخلية والشفافية والتعاقد مع مؤسسات الدولة والجماعات الترابية، من أجل جعل المواطن شريكا حقيقيا في اتخاذ القرار وفق مسار تنظمه عدد من القواعد القانونية والمؤسسات.
وأضاف أن المدونة، التي ستأخذ مسارها التشريعي في أسرع وقت ممكن، " سترتقي بالجمعيات إلى مرتبة موازية للإدارة العمومية والمقاولة على مستوى التشغيل والاعتراف بالعمل التطوعي واحتساب الكسب الجمعوي ضمن الناتج الداخلي الخام للبلاد ".
كما تعد المدونة المرتقبة، بحسب الوزير، "تحولا كبيرا" في علاقة الدولة بالجمعيات على اعتبار أن جميع مؤسسات الدولة ستصبح ملزمة ، بدرجات متفاوتة وفق طبيعة عملها، بالاستشارة مع المجتمع المدني، مما سيشكل "قطيعة مع المرحلة السابقة التي نشأت فيها الأزمات بسبب غياب الثقة بين الإدارة والمواطن ويجعل الاحتجاج منظما بطريقة قانونية وحضارية من خلال تقديم العرائض والملتمسات ".
ويندرج هذا النص ضمن منظومة قانونية متكاملة أسفر عنها الحوار الوطني حول المجتمع المدني، بالموازاة مع التوصيات، وتضم عدة مشاريع قوانين تنظيمية متعلقة بالجمعيات في ما يخص، بالخصوص، تقديم العرائض والملتمسات التشريعية والتشاور العمومي .
وأكد الوزير أن المرحلة المقبلة، بعد تقديم خلاصات الحوار للحكومة، تتمثل في تنظيم استشارة عمومية الكترونية تفتح المجال لمن لم يشارك بعد للإدلاء برأيه وإغناء مشاريع القوانين، قبل أن تعرض للنقاش داخل البرلمان، وذلك لتكون خلاصة هذا المسلسل التشاوري محل قبول مجتمعي وتنزيل جماعي.
وبخصوص تمويل الدولة للجمعيات الذي يبلغ حوالي 3 ملايير درهم سنويا، أشار شوباني إلى أن توصيات الحوار تتجه نحو إحلال قواعد واضحة للحكامة بالنسبة للدولة والجمعيات، لسد الخلل القائم في علاقة المال العمومي بالجمعيات نتيجة غياب ثقافة لتقديم الحساب والتقارير سواء من قبل الحكومة أو الجمعيات.
وأضاف أن هذه العلاقة سيحكمها منطق التعاقد والمحاسبة من خلال دفتر للتحملات بين الدولة والجمعيات وانتقاء ملفات الاستفادة من الدعم العمومي بواسطة لجان تضم تمثيلية للمجتمع المدني، مشيرا إلى وجود توصية تتعلق بإحداث مؤسسة وطنية مكلفة بتتبع هذه التعاقدات لضمان الولوج العادل للدعم واحترام الشفافية والقطع مع منطق الريع والزبونية.
وبخصوص النسيج الجمعوي لمغاربة العالم، أكد الوزير أن الحوار الوطني حول المجتمع المدني، الذي حرص منذ البداية على إشراك هذه الفئة، خرج بتوصيات نوعية خاصة تؤكد الطابع المشترك مع عموم الجمعيات المغربية، بما في ذلك الحق في تقديم العرائض، قائلا "بدل لغة الشكاية والاستعطاف والطلب السائدة في علاقة المواطن المغربي بالإدارة داخل المغرب وخارجه ستكون هناك لغة القانون الذي يلزم الإدارة بتقديم جواب للمواطن".
وأضاف أن مغاربة العالم يتمتعون في علاقتهم بالقنصليات والسفارات بنفس حقوق مغاربة الداخل في التعاطي مع الإدارة، مبرزا أن نخبة كبيرة من مغاربة العالم تعيش في مناخات قانونية متقدمة ومتطورة تجعلها مستأنسة بثقافة تقديم العرائض والملتمسات، مما سيعطي دفعة قوية ونوعية في تفعيل القوانين المرتقبة في هذا الشأن في المغرب.
كما أشار إلى أن المنظومة الإصلاحية اليوم في شموليتها ستحدث قطيعة مع صورة مغاربة العالم التي يحكمها فقط البعد الاقتصادي وسترتقي بهم من خلال الحضور في مؤسسات الدولة وجمعيات المجتمع المدني كشركاء في صناعة القرار.
تحدث شوباني خلال الملتقى عن موضوع "أي آفاق عملية للمجتمع المدني المنظم بالمغرب؟"