تنطلق بعد غد الجمعة الدورة الربيعية البرلمانية التي تدشن النصف الثاني من الولاية التشريعية التاسعة 2011 - 2016 ، مما يجعل أجندتها محط متابعة سواء على المستوى التشريعي، في أفق استكمال الالتزامات الحكومية، أو على مستوى الدور الرقابي للبرلمان، على ضوء الملفات المتعلقة بحكامة تدبير الشأن العام. وإلى جانب الرهانات التشريعية والرقابية، ستتميز دورة أبريل المقبلة بتجديد هياكل مجلس النواب، بدءا من الرئاسة والمكتب، تفعيلا للمادة ال 62 من الدستور التي تلزم بانتخاب رئيس للمجلس عند دورة أبريل لما تبقى من الولاية التشريعية .
وستعرف هذه المحطة منافسة بين مرشحين اثنين، هما كريم غلاب المنتمي لحزب الاستقلال، مرشح فرق المعارضة الذي قضى نصف الولاية التي امتدت من نونبر 2011 الى أبريل 2014 ، ورشيد الطالبي العلمي ممثل حزب التجمع الوطني للأحرار الذي التحق بالحكومة خلفا لحزب الاستقلال الذي انسحب منها.
ويرتكز الطالبي العلمي في ترشيحه على القوة العددية لفرق الاغلبية داخل مجلس النواب وعلى تراجع زميله في الحزب التجمعي مصطفى المنصوري عن تقديم ترشيحه لرئاسة المجلس، مما يحد من إمكانية اقتسام الأصوات، في حين يتطلع كريم غلاب، المدعوم من قبل أحزاب المعارضة التي أصدرت بلاغا مساندا له، الى خلق المفاجأة عن طريق القيام بمحاولة اختراق في معسكر الاغلبية.
كما ستعرف الدورة الربيعية إعادة هيكلة بعض اللجان ورئاسة الفرق، مما قد يفرز حسب بعض المراقبين، أجواء تنافسية من شأنها أن تؤثر ولو نسبيا على التحالفات، وخصوصا الصراع الذي يمكن ان تعرفه رئاسة لجنة مراقبة الانفاق العام التي أحدثت بمقتضى النظام الداخلي للمجلس الذي تم التصويت عليه في اكتوبر من السنة الماضية.
وفضلا عن ذلك، تأتي الدورة الربيعية متزامنة مع تجدد الجدل بشأن بعض النقط الخلافية بين الحكومة والمعارضة خصوصا بالغرفة الثانية وتحديدا في ما يتعلق بالبث التلفزي لطلبات الاحاطة التي كان رئيس الحكومة قد أصدر قرارا بعدم بثها تلفزيا "لأنها غير مطابقة للدستور".
وفي علاقة بالأجندة التشريعية، فإن هذه الدورة الربيعية التي ستعرف تطبيق النظام الداخلي الجديد لمجلس النواب بعد المرحلة الانتقالية التي عاشتها الدورة الخريفية السابقة ،ستتميز باستكمال تنزيل المخطط التشريعي الذي كانت قد اعلنت عنه الحكومة.
وفي هذا السياق يبرز الحبيب الشوباني الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الذي وصف هذه الدورة بكونها مفصلية في الحياة التشريعية الحالية، أن الدورة الربيعية ستشكل بداية منتصف الولاية التشريعية الحالية وبالتالي فإيقاع تنفيذ جميع الالتزامات الحكومية على مستوى التشريع والتي تطلبت وقتا للتحضير، سيعرف وتيرة تصاعدية .
وأشار في حوار مع وكالة المغرب العربي أنه فضلا عن مشاريع القوانين التي توجد في طور المصادقة، ومنها مشروع القانون التنظيمي للمالية، ومشروع قانون اللجان النيابية لتقصي الحقائق، ومشروع قانون المحكمة الدستورية، وهي مشاريع قوانين "تكتسي قيمة كبرى"، ستتم إحالة مجموعة من المشاريع القوانين التنظيمية المهمة كذلك، والمتعلقة بالحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة ومن ضمنها مشروع القانون المتعلق بالمجلس الاعلى للقضاء، ومشروع القانون المنظم لوضعية القضاة.
وأضاف الشوباني أنه ستتم أيضا خلال هذه الدورة إحالة مشاريع القوانين المتعلقة بالحوار الوطني حول المجتمع المدني الذي استكمل ورشه، مضيفا أن هذا الحوار سينتج مشروعي قانون تنظيمين مهمين يتعلقان بتفعيل الديمقراطية التشاركية، ويتعلق الاول بقانون العرائض في ما يهم الثاني مشروع قانون الملتمسات التشريعية.
وبما أن السنة ستكون سنة تحضيرية للانتخابات المقبلة -يضيف السيد الشوباني - فإن المنظومة القانونية المتعلقة بها ستجد طريقها للبرلمان بعد استكمال المقاربة التشاركية تنفيذا للمقتضيات الواردة في الدستور، مضيفا أن هذا الكم من مشاريع القوانين سيجعل من الدورة الربيعية دورة وازنة ومؤسسة لهذه الحقبة الاصلاحية للشأن العام بالمغرب.
وأكد من جهة أخرى انه يرتقب أن تساهم الآلية التي نتجت عن تفعيل التعاون بين البرلمان والمجلس الاعلى للحسابات حول وضعية صندوق المقاصة، في الرفع من مستوى النقاش داخل البرلمان، وأن تمتد الى قطاعات أخرى وملفات أخرى لا تقل اهمية ولها علاقة بالاقتصاد الوطني وبحكامة الشأن العام بالمغرب.
من جانبه يرى الشاوي بلعسال رئيس الفريق الدستوري بالغرفة الاولى في تصريح للوكالة أن مسؤولية الرفع من مردودية المؤسسة التشريعية تبقى من مسؤولية الحكومة خاصة بالنسبة لمشاريع القوانين، مضيفا أن ما سيميز هذه الدورة هو كونها ستعرف تفعيل النظام الجديد الداخلي .
واعتبر أن أهم الإنتظارات تتمثل في ضرورة إفراج الحكومة على أولوياتها، وقال إنه "لم نعد نتكلم عن برنامج بل على اولويات خاصة بعد مرور نصف الولاية التشريعية " مضيفا أنه "يتعين على رئيس الحكومة تقديم حصيلة العمل بالنسبة للنصف الاول ليكشف عما تحقق وليكسر صمت الحكومة خاصة في ظل تزايد الرهانات".
وكان وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة السيد مصطفى الخلفي قد اشار إلى أن رئيس الحكومة سيقدم حصيلة عمل الحكومة للنصف الاول من الولاية وأولويات البرنامج الحكومي في عملية تواصلية صرفة كما اكد على ذلك السيد الخلفي.
من جهته، اعتبر رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، السيد نبيل بلخياط، في تصريح مماثل أن ما يثار بشأن اتهام الحكومة بالتأخر في تنزيل مشاريع القوانين التنظيمية المرتبطة باستكمال كتابة الدستور مجانب للصواب، على اعتبار الكم الهائل للمشاريع المدرجة ضمن المخطط التشريعي والتي تحتاج وقتا تنفيذا للمقاربة التشاركية.
وأكد أنه يتعين الافراج عن مشروع القانون التنظيمي للأمازيغية ومشروع القانون المتعلق بالمجلس الاعلى للقضاء لما لذلك من مساهمة كبيرة في ضمان استقلال السلطة القضائية وبالنظر لدور العدالة في تكريس دولة الحق والقانون .
وشدد بلخياط على أن البرلمان مدعو لاتخاذ إجراءات مهمة ذات طابع اجتماعي واقتصادي بما يمكن من تحريك عجلة الاقتصاد .