مكنت الزيارة التي قام بها لبولونيا من ثامن إلى 11 يناير، وفد عن مجلس المستشارين يرأسه رئيس المجلس محمد الشيخ بيد الله، وذلك بدعوة من رئيس مجلس الشيوخ البولوني ا بوغدان بورسويكس، ممثلي المؤسستين من تبادل معمق لوجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، إلى جانب آفاق الشراكة الاقتصادية الثنائية، وذلك باعتبار المغرب وبولونيا قوتين صاعدتين الأولى بإفريقيا والثانية بأوروبا الشرقية. وأجمعت المشاورات بين الجانبين سواء في مجلس الشيوخ أو الغرفة السفلى أو وزارة الشؤون الخارجية أو وزارة الاقتصاد على أن المغرب، بفضل الإصلاحات السياسية والاقتصادية الذكية التي تم اعتمادها خلال السنوات الأخيرة، يحظى بتقدير بولونيا، والتي أشاد مسؤولوها سواء على المستوى الحكومي أو التشريعي باستقرار المملكة والجهود التي تبذلها لإرساء الديمقراطية على أسس صلبة وترسيخ ثقافة الديمقراطية كخيار لا رجعة فيه.
ومن جانبه، أشار رئيس مجلس الشيوخ بالجهود التي يبذلها المغرب الذي اختار طريق الديمقراطية لمباشرة الإصلاحات التي تربط ما بين الحداثة والتشبث بالأصالة، مؤكدا أنه يتابع عن كثب ما يجري في المغرب، البلد الذي قام باختيار واضح من أجل الديمقراطية من خلال القيام بإصلاحات سياسية مناسبة.
نفس الأمر تم تسجيله بالغرفة السفلى للبرلمان وبوزارة الشؤون الخارجية حيث أكد مساعد وزير الخارجية أرتور نوك عن تقاسمه انشغال المغرب بخصوص مكافحة الإرهاب بمنطقة الصحراء والساحل والجريمة العابرة للحدود والاتجار بالبشر بالمنطقة والتهريب بكافة أنواعه.
وبعدما تابع عرضا قدمه بيد الله حول الوضع بالمنطقة ولاسيما الإرهاب الذي تتوسع رقعته من الصومال إلى الأطلسي مرورا بموريتانيا والجنوب الجزائري ومالي ونيجيريا، تطرق المسؤول البولوني، الذي أكد أن بلاده تتقاسم نفس انشغالات المغرب، إلى الوضع في شمال غرب إفريقيا مشددا على ضرورة إيجاد حل لقضية الصحراء تحت إشراف الأممالمتحدة.
وبهذه المناسبة، قدم بيد الله الذي كان مرفوقا بسفير المغرب ببولونيا السيد يونس التيجاني، عرضا مفصلا حول قضية الصحراء قبل المسيرة الخضراء سنة 1975 مبرزا أنه لم تكن فوق ذلك التراب أبدا أي دولة، لأن الأمر يتعلق بساكنة مغربية لها نفس الثقافة وتتحدث بنفس اللغة.
وفي هذا الصدد، ندد رئيس مجلس المستشارين بالحصار المفروض من قبل "البوليساريو" والجزائر على الساكنة المحتجزة بتندوف، معبرا عن أسفه كون هذه الساكنة مقيدة في تحركاتها.
كما أن الشراكة الاقتصادية بين البلدين استأثرت بحيز كبير من المباحثات المغربية البولونية، حيث يعتبر المغرب الشريك الأول لبولونيا بالمنطقة بحجم مبادلات تجارية سنوية يصل إلى 300 مليون أورو.
وفي هذا الصدد قال عضو مجلس الشيوخ مارك زيولكوسكي إن النواب الأوربيين، حوالي أربعين نائبا، صوتوا بشكل مكثف لصالح اتفاق الصيد بين المغرب الاتحاد الأوربي، موضحا "لقد صوتنا لصالح الاتفاق لمعرفتنا بمصالح الاتحاد والمغرب اللذين تربطهما شراكة استراتيجية".
وأعرب مسؤولون مغاربة وبولونيون في هذا الصدد عن عزمهم مضاعفة حجم المبادلات التجارية خلال السنوات الثلاثة المقبلة.
ولبلوغ هذا الهدف، دعا نائب الوزير الأول ووزير الاقتصاد البولوني جانوس بيتشوشينكي إلى تنظيم أيام مغربية بوارسو للتعريف أكثر بالثقافة والحضارة والمؤهلات الاقتصادية للمغرب، مبرزا أن هذه الأيام ستشكل مناسبة لرجال الأعمال ورؤساء المقاولات والصحفيين للتعرف أكثر على المملكة بمختلف أوجهها على مستوى فرص الاستثمار والسياحة والثقافة والفن.
وتتوفر بولونيا، بصفتها عضوا في الاتحاد الأوروبي، والمغرب الذي يستفيد من الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوروبي وصفة شريك من أجل الديمقراطية التي منحتها له الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، على جميع المؤهلات الاقتصادية التي من شأنها فتح أسواق جديدة في إفريقيا التي تتواجد فيها المملكة في مجالات البنوك والتأمينات والبناء والاتصالات فضلا عن الحضور القوي لشركة الخطوط الملكية المغربية.
وستشكل بعض المقترحات للعمل في هذا الاتجاه موضوع لقاءات جديدة بين القطاع الخاص بالبلدين في إطار شراكة مربحة للطرفين، يثق سفير المغرب في وارسو في تعزيزها.
وقال الدبلوماسي إن المغرب جذب اهتمام البولونيين باستمرار، مذكرا أن أول بولوني زار المغرب هو بوتوشكي ما بين ثاني يوليوز وسابع شتنبر 1791 وألف كتابا بعنوان "رحلة في إمبراطورية المغرب في عام 1791".
وأوضح التيجاني خلال مأدبة عشاء نظمت بإقامة المغرب بوارسو بحضور الوفد المغربي وأعضاء مجلس الشيوخ، ونواب ورجال سياسة بولونيين، أن هذا الإعجاب يستمر اليوم من خلال تدفق السياح البولونيين الذين بلغ عددهم 50 ألف زائر، والذين "نرغب"، يضيف السفير، في رفعه في سياق فتح تمثيلية جديدة للمكتب الوطني المغربي للسياحة بوارسو قريبا، ليصل إلى 100 ألف سائح.
يذكر أن الوفد البرلماني المغربي الذي زار بولونيا ضم أيضا السادة محمد الأنصاري رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية ومحمد العلمي رئيس الفريق الاشتراكي والعربي خربوش رئيس فريق التحالف الاشتراكي وعبد الله عطاش عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بالإضافة إلى عمر شيبان رئيس ديوان رئيس مجلس المستشارين ومصطفى عنترة مستشار في الاتصال.