تحبس مصر أنفاسها بانتظار بدء محاكمة قادة جماعة الإخوان المسلمين غدا الأحد بتهم التحريض على قتل متظاهرين، في يوم قضائي بامتياز يشهد استكمال محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك بتهمة التواطؤ في قتل متظاهرين ايضا. ومنذ فض الاعتصامين المناهضين للرئيس المعزول محمد مرسي في 14 غشت، في عملية قتل فيها المئات، تكثفت الملاحقة الامنية لقيادات جماعة الاخوان المسلمين من الصفين الاول والثاني خصوصا، والتي افضت الى اعتقال ابرز قادة الجماعة.
وعلى رأس هؤلاء المرشد العام محمد بديع الذي القي القبض عليه فجر الثلاثاء في شقة في رابعة العدوية في القاهرة، حيث اعتصم مؤيدو الاسلاميين لاسابيع، قبل ان تامر النيابة العامة بحسبه 15 يوما بتهمة التحريض على العنف وقتل المتظاهرين.
وقد احيل بديع (70 عاما) ونائباه خيرت الشاطر ورشاد البيومي على محكمة الجنايات بتهمة التحريض على قتل ثمانية متظاهرين سلميين امام مقر مكتب ارشاد جماعة الاخوان المسلمين في نهاية يونيو الماضي.
واصدر القضاء المصري في يوليو عقب عزل الجيش لمرسي، نحو 300 مذكرة اعتقال ومنع من السفر شملت قيادات وأعضاء في جماعة الاخوان، بينما اكدت مصادر امنية ان "عدد المقبوض عليهم من جماعة الاخوان المسلمين يتجاوز الالفي معتقل".
وقبيل القبض على بديع الذي انكر التهم الموجهة اليه، وجهت النيابة العامة اتهامات الى محمد مرسي، اول رئيس مدني منتخب في البلاد والذي تسلم الحكم عقب الاطاحة بمبارك، بالاشتراك ايضا في "قتل والشروع في قتل" متظاهرين امام القصر الرئاسي نهاية العام الماضي.
ووجهت هذه التوقيفات ضربة قوية الى جماعة الاخوان المسلمين التي باتت تواجه مشاكل تنظيمية تضعف قدرتها على حشد المتظاهرين في الشوارع، كما حدث امس الجمعة بضعة الاف للتظاهر ضد السلطة المؤقتة، في مقابل اعداد اكبر بكثير من المتظاهرين كانت الجماعة قادرة على تحريكها بشكل شبه يومي قبل فض الاعتصامين.
ورغم التراجع الكبير في اعداد المتظاهرين المؤيدين للجماعة، قال "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" المؤيد للاسلاميين والذي دعا الى التظاهر امس، ان "جماهير الشعب المصري انتفضت الجمعة وخرجت الملايين وشهدت كل شوارع مصر مسيرات غير مسبوقة جابت جميع انحاء المدن".
وجرت التظاهرات في وقت تسيطر الخشية على ملايين المصريين من تكرار المواجهات الدامية بين المتظاهرين وقوات الامن والتي قتل فيها اكثر من 170 شخصا يوم الجمعة من الاسبوع الماضي، علما ان 1015 شخصا على الاقل بينهم 102 من عناصر الامن قتلوا عبر البلاد منذ فض اعتصامي الاسلاميين في القاهرة.
وقد ادت هذه المواجهات الى اعلان حالة الطوارىء منذ الاسبوع الماضي عقب فض الاعتصامين لمدة شهر وفرض حظر التجول في 14 محافظة من الساعة 19,00 الى الساعة 6,00 بالتوقيت المحلي.
وفي موازاة بدء محاكمة قادة جماعة الاخوان، تشهد اكاديمية الشرطة في القاهرة ايضا استكمال محاكمة الرئيس الاسبق حسني مبارك في قضية التواطؤ في قتل متظاهرين قبل ان تطيح به ثورة شعبية في فبراير العام 2011.
ويحاكم مبارك هذه المرة وهو خارج السجن بعدما غادره الخميس على متن مروحية اقلته الى مستشفى عسكري في المعادي في القاهرة، حيث يخضع للإقامة الجبرية، اثر قرار اخلاء سبيله في آخر قضية كان موقوفا على ذمتها، والتي تعرف بقضية "هدايا الاهرام".
واكد رئيس حكومة السلطة المؤقتة حازم الببلاوي في تصريحات للصحفيين اليوم ان قرار اطلاق سراح مبارك (85 عاما) "لا علاقة له بالمسار الديمقراطي الذي أعلنت عنه الحكومة ولا يعني ان الحكومة تعيد انتاج نظام ما قبل ثورة 25 يناير".
وأضاف ان "معظم الناس فوجئوا بقرار المحكمة وكان على الحكومة تنفيذه لاحترامها لسلطة القضاء"، مشيرا الى ان قرار وضع مبارك قيد الاقامة الجبرية "ليس حكما بالحبس او الاعتقال والهدف منه منع اي اعتداء على حالة الامن، خاصة ونحن في فترة بالغة الدقة والنفوس متوترة والأعصاب مشدودة".
وما يزال مبارك يحاكم في ثلاث قضايا من بينها قضية التواطؤ في مقتل المتظاهرين وهي قضية سبق وان تقرر اخلاء سبيله فيها بسبب انقضاء المدة القانونية لحبسه احتياطيا (24 شهرا).
وأدت محاكمة أولى في يونيو 2012 الى الحكم بالسجن المؤبد على الرئيس الاسبق على خلفية هذه القضية، لكن محكمة النقض امرت بإعادة المحاكمة وقد بدأت المحاكمة الجديدة في 11 ماي.