أكد رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب أن صدور مرسوم المساعدة القضائية في غفلة من المحامين بعد اتفاق مسبق على تجميده إقصاء للجمعية من الحوار الجاري وضرب لمصداقية وأن المحامين الذين خرجوا متوجسين من الإرادة الحقيقية لإصلاح منظومة العدالة، غير معنيين بنتائجه، وليسوا ثعابين تمشي على بطنها، في إشارة إلى أن المسألة ليست قضية أتعاب "1200 و2000 درهم" وإنما مساس بحرية المهنة واستقلالها من خلال تدخل جهة إدارية في أمور موكولة حصرا للمؤسسات المهنية. وأوضح رئيس الجمعية الأستاذ النقيب حسن وهبي في ندوة عقدت مساء الخميس بمقر هيئة المحامين بالرباط، أن المحامين فوجئوا بإصدار مرسوم المساعدة القضائية بعد الاتفاق على تعليق نشره منذ فبراير الماضي في ظل أجواء الحوار بشأن إصلاح منظومة العدالة وصياغة ميثاق يهم المحاماة أيضا، والذي من بين مشتملاته قضية المساعدة القضائية، التي تعد بالآلاف، ولا يتقاضى المحامون عنها أي مبلغ منذ سنوات خلت، كما توجد لجنة مشتركة للحوار بين جمعية المحامين ووزارة العدل والحريات، مضيفا: "لماذا صدر المرسوم ضداً على قواعد الحوار؟ ولماذا صدر في هذا الظرف حيث إن المحامين مقبلون على عرس يتعلق بالمؤتمر ال 28 المرتقب عقده بالسعيدية في بداية شهر يونيو المقبل، وكنا نتوقع من وزير العدل والحريات بهذه المناسبة هدية تهم مهنة المحاماة ومسألة وطنية فإذا بنا نفاجئ بصدرو هذا المرسوم، الذي مس بكرامة المحامين، ونزع الاختصاص من نقباء المحامين" في موضوع تحديد أتعاب المحامين وتدخل جهة إدارية في أمور هي من صميم الشأن المهني، دون الحديث عن تعقيد إجراءات تحصيل الأتعاب الهزيلة المحددة بين 1200 و2000 درهم واعتماد مقاييس غير موضوعية في تقديرها، باعتبار معيار الجهة الباتة في الملف كمعيار وحيد للتقدير.
وأشار الأستاذ النقيب حسن وهبي إلى أنه تقرر تعليق خدمات المساعدة القضائية إلى ما بعد المؤتمر 28، وهو موضوع يكتسي أهمية بالغة لارتباطه بالعدالة وحق المواطن في الحصول على خدمات جيدة من قبل الصحة والتعليم التي هي حقوق ملقاة على الدولة، كما عقدت وقفات احتجاجية بمحاكم الاستئناف صباح أمس الخميس في أفق عقد وقفة احتجاجية وطنية تشمل أيضا المطالبة بمؤسسة التكوين والتكوين المستمر للمحامين، والمنصوص عليها في القانون منذ 1993، وتعويض خدمات المساعدة القضائية وغيرها من المطالب التي لا تجد آذانا صاغية منذ عقود من الزمن.
وكان مكتب جمعية هيئات المحامين قد عقد اجتماعا استثنائيا بعد نشر مرسوم المساعدة القضائية، الذي هو تعديل للمادة 41 من قانون المحاماة، معتبرا أن نشر هذا الأخير إقرار لفرض أمر الواقع على المحامين ضدا على كل الاتفاقات، وهزالة المبالغ المحددة.
وذكر رئيس جمعية هيئات المحامين بالتراجع عن المرسوم الصادر عن وزير العدل السابق المرحوم الناصري الذي تمخض عنه إصدار بيان بتاريخ 10 غشت 2012 وتعليق نشر المرسوم موضوع الاحتجاج، والذي يبدو أن نشره كان مفاجئا حتى بالنسبة لوزير العدل والحريات، ليبقى التساؤل مطروحا أولا حول الجهة المعنية بنشر هذا المرسوم والتي تهم رئاسة الحكومة والأمانة العامة للحكومة والوزارة المعنية بشؤون العدل، وثانيا ما هي الآلية القانونية لتعليق مقتضى قانوني يظل رهينا بصدور مرسوم، وثالثا ما مصير الأموال المرصودة بموجب قانون المالية؟ ورابعا ماذا عن وضعية المعتقلين بالمؤسسات السجنية الذين لا يمكن أن تمر ملفاتهم أمام القضاء دون وجود محامين.
إن هذه القضية في حد ذاتها كان يفترض أن تشكل حالة طوارئ لدى الحكومة لإيجاد مخرج، خاصة وأن رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب يؤكد على أن نشر المرسوم خلق رجة وسط المحامين وهناك خلفيات في ذلك في ظل التعامل مع المؤسسات.
كما أن تداعيات هذه القضية امتدت إلى ما سمي بورش إصلاح منظومة العدالة، والذي لا تعني نتائجه جمعية هيئات المحامين، مما يستدعي إيضاحات من وزارة العدل والحريات مع إيجاد مخرج لوضعية المتقاضين الذين تظل حرياتهم ومصالحهم عالقة في انتظار "غودو".
وأبرز الأستاذ النقيب وهبي أن المؤتمر 28 لجمعية هيئات المحامين سيعقد بين 6و8 يونيو 2013 بالسعيدية تحت شعار:" منظومة العدالة... أي إصلاح"، حيث سيتناول المؤتمرون القضية الوطنية، التي سيقدمون بشأنها مقترحا للقوى الوطنية، وقضايا حقوق الإنسان والحريات وإصلاح منظومة العدالة، والقضايا المهنية والاجتماعية للمحامين.