وصلت بعثة "المينورسو" التابعة للأمم المتحدة إلى منطقة بئر لحلو في المنطقة العازلة من الصحراء المغربية خلف الجدار الأمني، لمعاينة الشاحنتين الجزائريتين اللتان ادعت الرئاسة الجزائرية، صباح أمس الأربعاء، أنهما "استُهدفتا" من طرف الجيش المغربي بواسطة "سلاح متطور" ما أدى إلى مقتل 3 جزائريين. واختار المغرب، الذي لم يصدر أي موقف رسمي إلى حدود الساعة بخصوص ما جرى، ترك الحسم في حقيقة هذه القضية للقوات الأممية. وفي الوقت الذي توعد فيه نظام العسكر المغرب واتهمه بارتكاب ما وصفه ب"الجريمة الوحشية"، دون تقديم أي معطى واضح حول مكان الواقعة، أضحت كل المعطيات المتوفرة تؤكد أن الأمر يتعلق بدخول غير شرعي إلى عمق المنطقة العازلة التي تصفها جبهة "البوليساريو" وخلفها كابرانات فرنسا بأنها "منطقة حرب" منذ 13 نونبر 2020... وبعدما استبقت موريتانيا بيان الرئاسة الجزائرية بتأكيد جيشها الوطني على عدم وقوع أي هجوم داخل أراضيها بواسطة طائرة مسيرة عن بعد، أنهت بعثة "المينورسو" الجدل بوصولها إلى عين المكان، ما يطرح علامات استفهام حول سبب مرور شاحنتين كان يُفترض أن تقوما برحلة تجارية بين ورقلة في شرق الجزائر ونواكشوط جنوبموريتانيا، داخل حدود دولة أخرى. الحديث عن استخدام الشاحنتين لطريق يمر داخل الصحراء المغربية "أمر غير منطقي"، لأن الحكومتين الجزائرية والموريتانية تتوفران أصلا على معبر حدودي مباشر جرى افتتاحه في غشت من سنة 2018 بحضور وزير الداخلية الجزائري حينها، نور الدين بدوي، ونظيره الموريتاني أحمدو ولد عبد الله. والمثير هو أن هذا المعبر الذي كلف، حسب معطيات رسمية جزائرية، 8,5 ملايين أورو، يوجد ما بين تندوف في الجزائر وشوم في موريتانيا، بالقرب من الأقاليم الصحراوية، ما يعني أن الشاحنتين كان بإمكانهما العبور في الاتجاه نفسه دون مشاكل ودون المغامرة بالدخول إلى المنطقة العازلة، خاصة وأن بدوي صرح عند افتتاحه بأن الغرض منه هو "بعث الحركة الاقتصادية والتجارية بين الجزائروموريتانيا". ولم تُصدر الرباط تعليقا على المزاعم الجزائرية، لكن منابر دولية نقلت عن "مصدر مغربي مسؤول رفيع المستوى" رواية أخرى مفاذها أن الأمر لا يتعلق بأي قصف جوي، وإنما بدخول شاحنتين كانتا تحملان العتاد لمسلحي "البوليساريو" إلى حقل للألغام داخل المنطقة العازلة في الصحراء، وهو الأمر الذي ستبث فيه بشكل حاسم عناصر "المينورسو" الذي ينتظر أن تحيل تقريرها مباشرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش. من خلال معاينة بسيطة لصور الشاحنتين المحروقتين، يتضح أن الأمر لا يتعلق بقصف سواء بواسطة "سلاح متطور" كما يدعي جنرالات الجزائر أو أسلحة تقليدية، لأن هياكل الشاحنتين لايزالان منتصبان ولم يتعرضا لأية أضرار باستثناء احتراقهما بالكامل وهو ما يرجح فرضية افتعال الجريمة من خلال إحراق الشاحنتين بالكامل، خاصة أن الشاحنتين لم تتحركا من وضحيتهما وبقيتا صامدتين وهو ما يتناقض مع ذهب إليه نظام العسكر الجزائري، الذي يحاول جر المغرب وكل المنطقة إلى حرب قذرة.