لايزال الجيش والدفاع المدني يبحثان في البحر عن المفقودين جراء الانفجار الضخم الذي هز مرفأ العاصمة اللبنانيةبيروت، وخلف في حصيلة غير نهائية 137 قتيلا وقرابة 5 آلاف جريح و300 ألف شخص في عداد المشردين، فيما تساعد فرق بلدية بيروت وهيئة الإغاثة المواطنين على إزالة ركام الانفجار من الشوارع، بالمقابل وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم إلى يروت والتقى عددا من المسؤولين. وتبحث السلطات اللبنانية عن أعداد غير معروفة من المفقودين عقب انفجار المرفأ، خصوصا أن العديد من اللبنانيين ينشرون نداءات عبر مواقع التواصل للبحث عن ذويهم المفقودين. وقال وزير الصحة حسن حمد إنه مازال هناك عشرات المفقودين جراء الانفجار، مما يرجح ارتفاع عدد الوفيات، مضيفا أن الموجة التفجيرية قذفت ببعض الضحايا في البحر. وذكرت وكالة رويترز أن أقارب المفقودين تجمعوا عند الطوق المحيط بميناء بيروت متطلعين للحصول على معلومات عن ذويهم، وكثير من القتلى موظفون في الميناء والجمارك، أو أشخاص يعملون في المنطقة أو كانوا يمرون بسياراتهم أثناء الانفجار الذي لم تشهد العاصمة اللبنانية له مثيلا. وتساعد فرق إنقاذ أجنبية السلطات اللبنانية في عمليات انتشال الضحايا من منطقة الانفجار. إزالة الركام من ناحية أخرى، شرع أصحاب الشركات والمؤسسات المختلفة في حي الأشرفية القريب من مرفأ بيروت اليوم في إزالة كميات كبيرة من الركام ومخلفات الانفجار. وتسبب الانفجار في أضرار جسيمة في الممتلكات العامة والخاصة في المرفأ ومحيطه، وأعلنت وزارة الطاقة أن دمارا كليا لحق بالمبنى المركزي لمؤسسة كهرباء لبنان. من جهته، أكد وزير الاقتصاد راؤول نعمة أن صومعة القمح بالمرفأ دمرت في الانفجار، مؤكدا أن احتياطي البلاد من الحبوب يكفي لأقل من شهر، وأن الحكومة تبحث عن مساحات تخزين إضافية. من ناحية أخرى، بثت وكالة رويترز صورا التقطت بالأقمار الصناعية لمرفأ بيروت قبل وبعد الانفجار المدمر، وتظهر الصور الصادرة عن شركة "بلانيت لابز" (PLANET LABS) الأميركية حالة المرفأ قبل وبعد الانفجار، وكشفت عن حجم الدمار الذي لحق بمرافقه وبالمباني المحيطة به. وقررت الحكومة فرض حالة الطوارئ في بيروت لمدة أسبوعين، وقالت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد "تتولى السلطة العسكرية العليا فورا صلاحية المحافظة على الأمن، وتوضع تحت تصرفها جميع القوى المسلحة" لمدة أسبوعين. لجنة التحقيق كما قررت الحكومة تشكيل لجنة تحقيق إدارية للكشف عن أسباب الانفجار على أن ترفع نتائج عملها في غضون 5 أيام على أقصى تقدير، وطلب من السلطة العسكرية فرض الإقامة الجبرية على كل المسؤولين عن تخزين نترات الأمونيوم منذ عام 2014 إلى تاريخ حدوث الانفجار. وكان الرئيس اللبناني ميشال عون قد قال في كلمة ألقاها عقب جلسة استثنائية لمجلس الوزراء عقدت أمس بالقصر الرئاسي إن الجميع مصمم على السير في التحقيقات، وكشف ملابسات ما حصل في أسرع وقت ممكن، ومحاسبة المسؤولين والمقصرين، وأكد أن نتائج التحقيقات ستعلن بشفافية. وترأس رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب الاجتماع الأول للجنة التحقيق الإدارية التي شكلتها الحكومة لإدارة التحقيق في أسباب حصول الانفجار في مرفأ بيروت. وكلفت الحكومة الجيش بإجراء مسح فوري وشامل للأماكن المتضررة، واستحداث 4 مستشفيات ميدانية، كما أعلن المجلس الأعلى للدفاع فتح المدارس لإيواء مشردي الانفجار، وأوصى بالتواصل مع جميع الدول وسفاراتها لتأمين المساعدات والهبات اللازمة. تحقيق قضائي وأطلقت السلطات القضائية أمس الأربعاء تحقيقا في ملابسات الانفجار، وكلف النائب العام لدى محكمة التمييز غسان عويدات الأجهزة الأمنية كافة القيام بالاستقصاء والتحريات، وإجراء التحقيقات الفورية لمعرفة كافة المعلومات والملابسات المتعلقة بالانفجار. وطلب عويدات من هذه الأجهزة تزويده بكل التقارير المتوفرة لديها وأي مراسلات متعلقة بتخزين المواد المتفجرة، وتحديد أسماء المسؤولين عن حفظها وحمايتها والقائمين بأعمال الصيانة في المستودع الذي حصل فيه الانفجار. وقررت الحكومة اللبنانية دفع تعويضات لعائلات القتلى وفرضت الإقامة الجبرية على المسؤولين عن ملف تخزين نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت منذ 2014، وأمرت بتشكيل لجنة تحقيق إدارية للكشف عن أسباب الانفجار، ورفع النتائج خلال 5 أيام. وكانت وسائل إعلام لبنانية قد تداولت رسالة يعود تاريخها إلى عام 2017 موجهة من المدير العام للجمارك إلى قاضي الأمور المستعجلة في لبنان. وطلبت الرسالة تحديد مصير كميات من نترات الأمونيوم موجودة في المخزن رقم 12 داخل مرفأ بيروت بعد مصادرتها من باخرة تحمل اسم "روسوس" عام 2014، وتظهر الرسالة أرقاما وتواريخ لمراسلات سابقة قدمت منذ عام 2014 في الشأن ذاته. وفي سياق متصل، دعت منظمة العفو الدولية إلى إنشاء آلية دولية على الفور للتحقيق في كيفية حدوث انفجار مرفأ بيروت، أيا كان سبب وقوعه، إلا أن إيلي الفرزلي نائب رئيس مجلس النواب اللبناني رفض دعوات لفتح تحقيق دولي في أسباب وقوع الانفجار، ورأى في ذلك إلغاء للقضاء اللبناني والدولة اللبنانية. وعلى صعيد آخر، قالت منظمة الصحة العالمية إن 3 مستشفيات توقفت في بيروت بفعل انفجار مرفأ العاصمة، فيما يعمل مستشفيان جزئيا، وأكدت المنظمة أن المرافق الطبية لم تعد تستوعب أعداد جرحى الانفجار. زيارة ماكرون ووصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم إلى بيروت التي أعلنت مدينة منكوبة جراء الانفجار المدمر، ليكون ماكرون أول رئيس دولة يزور لبنان بعد كارثة الثلاثاء. وخلال الجولة التي قام بها ماكرون في مرفأ بيروت، تحدث مع عمال إنقاذ في الموقع، حيث أكد ضابط من فريق الإنقاذ الفرنسي، يساعد الفرق اللبنانية، أنه "لا يزال هناك أمل بالعثور على ناجين". وقال الكولونيل فنسنان تيسييه: "نعتقد أنه لا يزال هناك أمل بالعثور على ضحايا ناجين"، مشيرا إلى أن الفريق يعمل بحثا "عن سبعة أو ثمانية أشخاص يعملون في المرفأ، عالقين في قاعة تهدمت جراء الانفجار"، حسب ما ذكرت وكالة فرانس برس. وكان الرئيس الفرنسي قد أعلن في تصريحات للصحفيين عقب وصوله إلى بيروت، إنه يريد "تنظيم مساعدة دولية" للبنان، قائلا: "إذا لم يتم تنفيذ الإصلاحات سيواصل لبنان الغرق". وأضاف: "بعد هذا الانفجار، أقول بداية إن التضامن واجب بديهي لأن لبنان تربطه علاقة مميزة وعلاقة أخوة مع فرنسا.. وقد رغبت في هذه الزيارة أن استمع لما سيقوله المسؤولون والتنسيق لتقديم المساعدة". ونوه إلى أنه سيكون لفرنسا المزيد من الفرق الإنقاذية في لبنان. وتابع: "لقد بدأنا بالمساعدات بالفعل، حيث وصلت طائرتان لإيصال مساعدات طبية ومساعدات لمعالجة الجرحى، ونتوقع وصول المزيد من المساعدات على الصعيد الأوروبي.. أريد أن أتولى تنسيق هذه المساعدات الأوروبية". وفي الوقت نفسه، شدد ماكرون على أنه "يجب وضع حد للفساد والبدء بالإصلاحات، كشرط للدعم". وكان ماكرون قد غرد على حسابه في تويتر فور هبوط طائرته في بيروت، بلاقول إن "لبنان ليس وحيدا"، في مستهل زيارة لدعم البلد المنكوب من جراء الانفجار الضخم في مرفأ بيروت. واستقبل الرئيس اللبناني ميشال عون في مطار رفيق الحريري الدولي نظيره الفرنسي، وهو أول رئيس دولة يزور لبنان بعد الكارثة التي وقعت الثلاثاء، ودفعت السلطات إلى الإعلان عن بيروت مدينة منكوبة. ومن المقرر أن يعقد ماكرون جلسة مشاورات مع عون، ويلتقي أيضا رئيس الحكومة حسان دياب، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، قبل أن يعقد مؤتمرا صحفيا مساء، ثم يعود إلى فرنسا. وأرسلت عدة دول، من ضمنها فرنسا، فرق إغاثة ومعدات لمواجهة الحالة الطارئة بعد الانفجار الذي دمّر المرفأ وقسما كبيرا من العاصمة، وخلّف أضرارا بالغة في مناطق بعيدة نسبيا عن بيروت. ووقع الانفجار، وفق السلطات، في مستودع خزن فيه 2750 طنا من مادة نيترات الأمونيوم التي تستخدم سمادا زراعيا، كما يمكن أن تستخدم في صنع المتفجرات.