أثار غياب قائد أركان الجيش الجزائري، أحمد قايد صالح، عن المشهد خلال الأسبوع الجاري تساؤلات عديدة في الوسط السياسي. فعلى خلاف كل الأسابيع الماضية، لم يظهر قايد صالح على شاشات التلفزيون عبر خطبه التي جرت العادة مؤخرا أن يوجه عبرها رسائل حول الأحداث التي تمر بها الجزائر للمواطنين والطبقة السياسية في الداخل، وأيضا إلى الرأي العام الدولي بالخارج . واكتفت أغلب الوسائل الإعلامية بنقل ما جاء في مضمون افتتاحية مجلة الجيش، الناطقة باسم المؤسسة العسكرية، التي أكدت مرة أخرى عدم مساندة وزارة الدفاع الجزائري لأي مرشح للانتخابات الرئاسية. مقابل ذلك، أشارت مصادر إعلامية إلى "إمكانية تعرض قايد صالح إلى وعكة صحية تكون قد أجبرته على الخلود إلى الراحة"، لكن دون أن يتأكد ذلك بشكل رسمي. وتزامن غياب نائب وزير الدفاع الجزائري عن الساحة الإعلامية مع الاتهامات الثقيلة التي أطلقها النائب بهاء الدين طليبة، على لسان الإعلامي المعارض السعيد بن سديرة، ضد رئيس أركان الجيش وأفراد من عائلته بخصوص قضايا متعلقة بالفساد المالي. إنه أمر محير وصف رئيس حزب جيل جديد، الجيلالي سفيان، اختفاء الفريق أحمد قايد صالح عن الساحة الإعلامية ب"الأمر المفاجئ والمحير". وقال سفيان، في تصريح صحفي أحد المواقع الالكترونية إن "نائب وزير الدفاع لم يتوقف عن الحديث للجزائريين منذ انطلاق الحراك الشعبي شهر فبراير الماضي، وكان وراء كل المبادرات التي طرحتها السلطة للخروج من الأزمة التي تعرفها البلاد". وأضاف المتحدث: "غياب مسؤول كبير بحجم الفريق أحمد قايد صالح في هذه الظروف الاستثنائية لا يمكن تفسيره إلا بوجود تغييرات كبيرة تكون قد حدثت داخل النظام السياسي الجزائري". واستطرد رئيس حزب جيل جديد قائلا إنه "لا يمكن الجزم بخصوص خلفيات هذا الانسحاب من الواجهة الإعلامية، لكن غالب الظن أن أمورا جديدة حدثت داخل مؤسسة الجيش تبقى مجهولة لحد الساعة لدى عامة المواطنين". وعن نوعية التغييرات الجديدة التي تكون قد طرأت داخل النظام السياسي، أشار الجيلالي سفيان إلى "ظهور مؤشرات قوية في الساحة السياسية تؤكد رفض شرائح واسعة من الجزائريين إجراء الانتخابات الرئاسية، وهو الأمر الذي يقلق دوائر السلطة في الجزائر". وأضاف المتحدث: المهمة الأساسية التي اضطلع بها قايد صالح تمثلت في إجراء الانتخابات الرئاسية في تاريخها المعلن، أي في 12 ديسمبر القادم، وفي حال فشل هذا الرهان سيكون ذلك سببا مباشرا لرحيل الفريق أحمد قايد صالح من الساحة. الأمر لا يدعو للقلق أما العقيد المتعاقد والخبير الأمني، أحمد كروش، فيعتبر غياب الفريق أحمد قايد صالح عن المشهد الإعلامي، الأسبوع المنصرم، "أمرا إيجابيا يؤكد اطمئنان المؤسسة العسكرية للوضع العام في البلاد". وأشار كروش، في تصريح صحفي لذات الموقع، أن "الأمر لا يدعو للقلق بتاتا ما دام أن المؤسسة العسكرية لم تصدر أي بيان يؤكد أو ينفي صحة الشائعات التي تروجها بعض الأطراف داخل البلاد". وأكد المتحدث أن "أطرافا سياسية عديدة لم يعجبها التحام الشعب بالمؤسسة العسكرية، فقررت التشويش على ذلك من خلال نشر أنباء لا أساس لها من الصحة". وأضاف العقيد المتقاعد أن "مواقف الجيش الجزائري كانت واضحة منذ بداية الأزمة، فهي فضلت الحل الدستوري ووضعت رزنامة لخروج البلاد من أزمتها". "كل الأمور تسير الآن في الاتجاه الصحيح، خاصة مع تحديد موعد الانتخابات الرئاسية التي استقطبت أغلب العائلة السياسية، وعديد الراغبين في المنافسة على هذه الاستحقاقات السياسية، وهو أمر يكون قد أراح كثير قائد الجيش الجزائري"، يردف كروش. كما أشار المتحدث إلى أن "انسحاب المؤسسة العسكرية وقائدها من الأحداث في هذا الوقت بالذات دليل يؤكد التزامها بالحياد، وبأنها لا تدعم أي مترشح إلى الانتخابات الرئاسية".