يبقى أبرز حدث عرفته مدينة طنجة خلال سنة 2013 هو إشراف الملك محمد السادس على إطلاق برنامج "طنجة الكبرى"، من أجل تنمية مندمجة ومتوازنة وشاملة لمدينة البوغاز ومحيطها الحضري، ومن أجل الرقي بها إلى مصاف التجمعات الحضرية الكبرى والأكثر حداثة وجاذبية. ويهدف هذا البرنامج، الذي صمم ليكون برنامجا رائدا وواعدا وفريدا من نوعه في المغرب وفي المنطقة الجنوبية من حوض المتوسط، إلى الاستجابة وتحقيق تطلعات سكان المدينة عبر تعزيز بنياتها التحتية الحضرية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية لتكريس دور طنجة كقاطرة للتنمية في شمال المغرب. وسيمتد هذا البرنامج، الذي يدون فصلا جديدا من تاريخ منطقة شمال المملكة، على فترة خمس سنوات من 2013 إلى 2017، ويصل حجم الاستثمارات فيه إلى حوالي 663ر7 مليار درهم، حيث سيمكن من تسريع وتيرة تنمية مدينة طنجة وجعلها وجهة سياحية واستثمارية وتجارية مفضلة بامتياز. ويتضمن البرنامج، الذي نال بالإجماع تنويه كل شرائح المجتمع والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والمجتمع المدني باعتباره يتطلع بواقعية وشموخ نحو المستقبل، عدة مشاريع تهم قطاعات التجهيز الحضري (الطرق والبنيات التحتية والمنشآت الفنية ... )، و الثقافة، والاقتصاد والخدمات الاجتماعية، والبيئة، بالإضافة إلى المجال الديني. وكان والي جهة طنجةتطوان بالنيابة محمد اليعقوبي أشار، خلال اجتماع إخباري تواصلي حول برنامج "طنجة الكبرى"، عقد مؤخرا بمدينة البوغاز، بمشاركة فعاليات سياسية واقتصادية وثقافية، إلى أن هذا المشروع الضخم يحمل رؤية مستقبلية تروم هيكلة تنمية طنجة وتطورها والتغلب على الاختلالات الناجمة عن النمو السريع وغير المراقب أحيانا. وأوضح أنه تم تحديد سنة 2017 كموعد نهائي لإنجاز البرنامج، خاصة وأن معظم المشاريع التنموية الكبرى بالمنطقة (ميناء طنجة المتوسطي 2، وتحويل ميناء مدينة طنجة، والخط السككي للقطار فائق السرعة الرابط بين طنجة والدار البيضاء ...) ستكون جاهزة وستدخل حيز الخدمة خلال هذه الفترة المعلنة، مما يستدعي مواكبتها بتأهيل شامل للمدينة لتحقيق هذه الرهانات. وأكد اليعقوبي أن هذا البرنامج سيبقى منفتحا على كل ساكنة طنجة للاستقبال مقترحاتهم ودمجها في النسق العام للبرنامج لإغناء المشروع، مشيرا إلى أنه يتم إيلاء اهتمام خاص للتواصل حول هذا البرنامج، وتقرر في هذا السياق إنشاء "بيت طنجة الكبرى" ستكون أبوابه مفتوحة في وجه الجميع وتقدم جميع المعلومات والمعطيات اللازمة عن مستوى ونسب تقدم كل مشروع على حدة يدخل في إطار البرنامج العام. ويتضمن البرنامج على مستوى البنيات التحتية الحضرية، إنشاء وتشييد مدارات وطرق فرعية جديدة لتخفيف حدة الاختناق بالمدينة مع استحضار تطور تدفق السريان والجولان بمدينة البوغاز مستقبلا، وإنشاء مدارات طرقية جديدة ستربط واجهات المدينة المطلة على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي وبدال طرقي على مستوى مدخل المدينة، وتعميم البنيات الطرقية في مختلف الأحياء وإحداث ممرات خاصة ومواقف للسيارات تحت أرضية داخل المدينة. وسيواكب هذه السياسة الحضرية اهتمام خاص بالرهانات البيئية المستدامة وتطهير الساحل على طول محور يمتد من كاب مالاباطا إلى مدينة أصيلة، مرورا بكاب سبارتيل على طول 65 كلم، كما سيتم تطهير الأودية التي تخترق المدينة وأحياءها، وإعادة تهيئة (كورنيش) طنجة وإحداث العديد من الفضاءات الخضراء بمختلف الأحياء. ولتعزيز الخدمات الاجتماعية وإغناء العرض الصحي بالمدينة سيتم إحداث أربعة مستوصفات جديدة وإعادة تأهيل ستة مراكز صحية، كما ستتم إعادة تأهيل مستشفى محمد الخامس، وإحداث قسم للمستعجلات إلى جانب مركز صحي متعدد التخصصات. وفي ما يتعلق بالعرض الاجتماعي، سيتم إحداث مراكز للشباب، وتقوية قدرات النساء، كما ستشيد منشآت اجتماعية جديدة خاصة بالأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة وذوي الحركية المحدودة. وتلبية لحاجيات وتطلعات شرائح كثيرة من ساكنة طنجة، سيتم على مستوى قطاع الرياضة، إنشاء مدينة للرياضات على مساحة 60 هكتارا بمواصفات دولية متميزة، ومن المنتظر أن تضم هذه المعلمة الرياضية فندقا لاستقبال البعثات الرياضية ومصحة رياضية وفضاء تجاريا مخصصا للمنتوجات الرياضية، إضافة إلى مسبح أولمبي، ومركب كبير لكرة المضرب يتوفر على ملعب رئيسي، وثلاث قاعات مغطاة متعددة التخصصات، وستة ملاعب لكرة القدم وملاعب أخرى لكرة السلة والكرة الطائرة، فضلا عن ملعب للكرة الحديدية. ويروم الشق الاقتصادي من برنامج "طنجة الكبرى" إحداث منطقة صناعية جنوبالمدينة على مقربة من مبدل الطرق السيارة، تروم إعطاء دينامية جديدة للقطاع الصناعي وتعزيز الجاذبية الاستثمارية لمدينة البوغاز، التي تضم حاليا أربع مناطق صناعية، منها منطقتان حرتان، المنطقة الحرة باجزناية والمنطقة الحرة لميناء طنجة. كما سيتم موازاة مع ذلك نقل مجموع التجهيزات الجماعية خارج المدينة من أجل تقديم خدمات سريعة وذات جودة للمواطنين، إضافة إلى ترحيل الأنشطة الاقتصادية المعروفة ب"ضجيجها" إلى مناطق ملائمة لهذه الأنشطة. وعلى المستوى الثقافي، سيتم إنجاز مشروع ضخم لإعادة تأهيل رصيد طنجة الحضاري خاصة بالنسبة لمغارة هرقل الشهيرة، و"فيلا هاريس" وحديقة الرميلات، ولتعزيز البنيات الثقافية بمدينة البوغاز ستحدث منشآت جديدة سيكون لها إشعاع وطني، وفي مقدمتها قصر الفنون والثقافات، الذي يروم إعادة تصالح المدينة مع ماضيها الثقافي العريق، وسينضاف إلى هذه البنيات، التي ستكرس التوجه الثقافي لمدينة طنجة، مسرح كبير. وبخصوص المجال الديني أعطى الملك محمد السادس، بصفته أميرا للمؤمنين، توجيهاته السامية، في إطار برنامج "طنجة الكبرى"، لإقامة منشآت جديدة لممارسة الشعائر الدينية، من خلال بناء 11 مسجدا جديدا موازاة مع تأهيل سبعة مساجد بهدف تمكين المواطنين من أداء شعائرهم الدينية بكل طمأنينة.