على مدى عدة أيام من صيف سنة 2009، وخلال فعاليات الدورة الواحدة و الثلاثين لموسم أصيلة الثقافي الدولي، كان عدد كبير من المواطنين البرتغاليين يقفون بين الفينة والأخرى، وقفات تأمل واستحضار في هذا المكان الذي كان يقف أيضا عدد من أجدادهم الذين مروا من هنا خلال فترة احتلالهم لمدينة أصيلة التي ابتدأت من سنة 1578م. منذ تلك السنة،ما زال "برج القمرة" البرتغالي يقف شامخا ليحكي فترة مهمة من تاريخ علاقات بين المملكتين المغربية والبرتغالية. فترة اتسمت بالمواجهات العسكرية تحت يافطة الجهاد المقدس من أجل استرداد شواطئ الشمال الإفريقي من جانب البرتغاليين بقيادة الملك "سيباستيان"، وبدافع الصراع على الحكم من جانب الملك السعدي "المتوكل" الذي كان على خلاف مع عميه "عبد الملك" و"احمد"، فاستنجد بالبرتغاليين لرد ضربات العثمانيين الذين استعان بهم الأخوين المذكورين. في "برج القمرة"، وكما تحكي المصادر التاريخية، قضى الملك البرتغالي "دون سيباستيان" آخر لياليه التي كان خلالها يمني فيها نفسه أن يعود إلى لشبونة وقد وقد وفق في أداء "اوامر الرب" باسترجاع سواحل إفريقيا. لكنه لم يكن يعلم أن هذه الليلية هي أقرب محطة له نحو العالم الآخر، حيث سيسقط بعدها في معركة اشتهرت تاريخيا باسم " معركة الملوك الثلاثة" لأنها معركة قتل فيها أيضا كل من الملكين السعديين المتنازعين على الحكم "عبد المالك السعدي" وابن أخيه "المتوكل". واليوم تكون قرابة خمسة قرون قد مرت على هذه الأحداث، لكن "برج القمرة" ما زال يحتضن قصصها بكامل الأمانة والمصداقية، مقاوما كل عوادي الزمن والطبيعة، وهي المناعة التي ربما زادت في فعاليتها عمليات ترميم قامت بها جمعية المحيط ووزارتي الثقافة بكل من المغرب والبرتغال، لأن هذه المعلمة وببساطة تستحق أن تظل في هذا المكان لتحكي للأجيال هذا الجانب المهم من تاريخ علاقات مغربية - برتغالية فريدة.