حظي المنتخب المغربي لكرة القدم خلال مشاركته في مونديال قطر، بالدعم والإشادة بنجاحاته داخل وخارج الملعب، خاصةً لدى صفوف الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي. على أرض الملعب نجح بكتابة تاريخ جديد للكرة العربية والإفريقية، كونه أول منتخب من هذه البقعة من الأرض يتأهل إلى نصف النهائي في البطولة العالمية، عقب فوزه على منتخب البرتغال أحد المرشحين للظفر بالكأس، بهدفٍ مقابل لا شيء أحرزه يوسف النصيري في الدقيقة 42 من عمر المباراة. وبذلك بات المغرب ثالث منتخبٍ من خارج أوروبا وأمريكا الجنوبية، يتأهل إلى المربع الذهبي في نهائيات كأس العالم، بعد الولاياتالمتحدة عام 1930، وكوريا الجنوبية عام 2002، على أن يلتقي الأربعاء مع المنتخب الفرنسي حامل اللقب. ومقابل وصفة النجاح هذه، عكست تصرفات اللاعبين مثل تقبيل رؤوس أمهاتهم وزوجاتهم واصطحاب أبنائهم بعد نهاية المباريات إلى الملعب، إضافةً إلى السجود شكراً لله، عدة قيم أبرزت قوة إيمانهم وأخلاقهم العالية. قدوة للأبناء بمجرد انتهاء المباراة، حمل العميد غانم سايس لاعب نادي بيشكطاس التركي، ابنه بين يديه محاولًا مداعبته. في حين أعطى حارس المنتخب ياسين بونو الكرة لابنه بعد نهاية المباراة، ليشاهده الجميع وهو يلعب معه ويحاول إدخالها في المرمى، قبل أن يلبسه قفازي الحراسة الضخمين على يديه الصغيرتين. نشطاء منصات التواصل الاجتماعية أشادوا بهذه التصرفات التي تستحضر قيم الأسرة وترابطها وحب الآباء للأبناء، رغم الضغط الكبير الذي يعيشه اللاعبون خلال المباريات. الأهل أولاً خلال مونديال قطر، كان حضور أمهات اللاعبين المغربيين لافتًا، خاصةً أنه وبمجرد انتهاء المباريات عمد نجوم المنتخب إلى التوجّه نحو المدرّجات حيث تشاهدهم أمهاتهم ليقّبلوا رؤوسهنّ، مثل حكيم زياش، وعبد الحميد الصابيري، في حين توجّه يوسف النصيري إلى والده لتقبيل رأسه. مهاجم المنتخب المغربي سفيان بوفال، هو الآخر لفت أنظار الملايين عند احتفاله مع والدته بالفوز التاريخي على منتخب البرتغال في مباراة دور ربع نهائي كأس العالم لكرة القدم بقطر. عقب انتهاء المباراة، توجّه بوفال إلى المدرّجات ليعانق والدته ويقبّلها، ثم اصطحبها إلى أرض الملعب حيث راقصها فرحًا بالانتصار. هذا المشهد غير المعتاد في أرض المونديال، لقي استحسان وإعجاب الجماهير داخل الملعب وخارجه، وحصدت الصورة التي انتشرت عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي مشاركات واسعة مع تعليقات مدحت بأخلاق بوفال وحبّه لوالدته. الفنان اللبناني الشهير مارسيل خليفة، وضع صورة بوفال مع والدته، معلقًا عليها: "هِيَ أغنية، أضمّ لموقدكِ نار روحي، ولجبينكِ العالي أجراس بَوْحي، وأسجُدْ أنا بمرآكِ، وسَجْدِة شُكرْ وِقْيَامْ". للزوجة نصيب بمجرد انتهاء مباراة المغرب ضد البرتغال، توجّه وليد الركراكي، ليحيّي زوجته، عرفانًا منه بشريكة عمره ومساندتها له. كما ظهر عدد من اللاعبين وهم يحيّون زوجاتهم، مما يدلّ على أهمية الأسرة في مشوارهم الرياضي الصعب. وأظهرت سلوكيات اللاعبين مكانة الأسرة ودورها داخل وخارج البيت، مما يشكل دافعًا نفسيًا كبيرًا ومحفزًا لهم على الفوز والتألق. قوة الإيمان ارتباط لاعبي المغرب بالإيمان بدا جليًّا من خلال تصرفاتهم العفوية، فها هما وليد شديرة وأبو زكرياء أبو خلال، يرفعان كفّيهما للسماء ويدعوان الله قبل دخول الملعب. وها هم اللاعبون يبادرون بالسجود فرادى أو جماعةً شكراً لله، بعد تسجيل الأهداف أو عقب إطلاق الحكم صافرة نهاية المباريات معلناً فوزهم. تصريحات المدرب الركراكي، هي الأخرى مثلت قوة الإيمان التي تغلب على ووجدان المنتخب، حيث كان يردد دائمًا عبارة "ديرو النية" (أعملوا بالنية). وفي مؤتمر صحفي خلال المونديال، قال الركراكي: "ديرو النية، الكرة ستضرب البوتو (العارضة) وتخرج"، جملةٌ كانت محطّ سخرية من عدد من نشطاء منصات التواصل الاجتماعية. لكن كلام المدرب ما لبث أن تحقق، لتتحول السخرية إلى إشادة ودعم، حيث ضربت الكرة أكثر من مرة عارضة المنتخب المغربي، ولم يتلقّ سوى هدف واحد في الدور الأول خلال مباراته ضد المنتخب الكندي. روح الدعابة لم تخلُ التصريحات الصحفية للاعبي المنتخب ومدرّبهم من روح الدعابة. وقال الركراكي في مؤتمر صحفي، خلال المونديال: "بعض الأفراد يقولون إن هذا رأس أفوكادو يمتاز بكثرة الكلام، وسيخسر في النهاية حتى يقولون إن هذا المدرب يمتاز بكثرة التحليل الفارغ". وفي موقف آخر، بينما كان صحفي من قناة الأولى المغربية يأخذ تصريحًا من اللاعبين، تدخّل اللاعب أشرف داري قائلًا: "هل تعرف لماذا يلعب أوناحي بشكل جيد، السبب يرجع للاعب بدر بانون، الذي يعدّ له طبق أكل مما يعطيه القوة"، ووجّه حديثه لبانون مضيفاً: "قل لهم ما هذا الطبق"، ليردّ الأخير: "(انتظر) حتى مباراة النهاية وأقول لهم ما اسم الطبق، ليضحك الجميع". إشادة الفيفا وأيضا الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" أبدى إعجابه بطقوس المنتخب المغربي غير الاعتيادية على أرض الملاعب. وكتب الاتحاد تدوينة نشرها على فيسبوك وتويتر قال فيها: "طقوس وليد الركراكي لكتابة التاريخ، قبلة لرأس والدته". وفي تغريدة أخرى نشرت صورة للركراكي مع سؤال: "ديرنا النية فلما لا نحلم؟ والآن بعدما صار بينه وبين حلمه خطوتين فقط ليدخل تاريخ إفريقيا والعرب من أوسع باب، ترى بماذا يحلم وليد الركراكي الليلة؟". جاء ذلك بعد أن كان الركراكي قد سأل في مؤتمر صحفي: "دايرين النية؟ لما لا نحلم بتحقيق كأس العالم؟"، وما لبث أن تحول المشهد من تساؤل طموح إلى احتفال حيث شاهده الملايين محمولاً فوق أعناق لاعبيه محلقًا في السماء. وأرفقت الفيفا صورة أخرى للمدرب المغربي مع تعليق: "لن نذهب إلى قطر للترفيه، قالها وكان يعنيها، نجاح المغرب أتى بخطة مدروسة، وأبرز عناصرها كان وليد الركراكي، العقل المدبر". كما نشرت صور الحارس بونو مع ابنه في الملعب، وعلقت عليها قائلةً: "مستقبل حراسة المرمى في المغرب في أمان"، و"هذه الليلة لن ينسوها طوال العمر".