دون أية مؤشرات حقيقية تفيد بإمكانية تحقيق تغيير خلال الانتخابات المقبلة، تمضي الأحزاب السياسية إلى إعادة ترشيح نفس الوجوه الانتخابية التي اعتادها الشارع خلال المحطات السابقة، مكرسة بذلك تقليدا "انتخابيا" يتمثل في سطوة "أباطرة الانتخابات" على المشهد السياسي. وخلال الأشهر الماضية، تم تسجيل تسابق معظم الأحزاب السياسية، على استقطاب وجوه معروفة تتوفر على قاعدة انتخابية واسعة، بحكم قدرتها على استمالة الأصوات بمختلف الطرق المشروعة وغير المشروعة. وإن كانت الترسانة القانونية الوطنية تقوم على تخليق الحياة العامة وضمان نزاهة الانتخابات وإشراك جميع النخب وخاصة الشابة، تُطرح عديدُ الأسئلة على الأحزاب السياسية، خصوصاً مدى استعدادها لفتح الباب أمام أطرها الشابة لولوج المؤسسات التمثيلية ترابيا وتشريعيا، بعد إلغاء "كوطة" الشباب وتعويض اللائحة الوطنية بأخرى جهوية للنساء. المحلل السياسي حسن بلوان، اعتبر أنه على مستوى الفعاليات السياسية والاعلامية "ترفع كل الأحزاب شعارات التشبيب والتغيير وتجديد النخب، لكن على مستوى الواقع السياسي والانتخابي، تعاني معظم التنظيمات الشبيبية التهميش والاقصاء داخل هياكل الحزب، بالتالي يطرج السؤال عن كيف سيتم السماح لها بالترشح وقيادة اللوائح الانتخابية". وشدّد المتحدث في صحفي، أن معظم الزعامات الحزبية "خالدة ولا تتبدل مما يعطي صورة سلبية على العمل السياسي والانتخابي"، موضحاً أن "معظم هذه الأحزاب تستعين بالأعيان و"أصحاب الشكارة"، مما يغلق الباب أمام النخب والاطر الحزبية امام المشاركة الفاعلة في المشهد السياسي خاصة الفئات الشابة." وبنظرة سريعة لمعظم الأسماء المتوقع أن ترشحها الأحزاب في الانتخابات التشريعية أو لشغل مناصب رؤساء الجهات وعمداء المدن، يضيف بلوان "نجد أنها وجوه معروفة وقديمة ومستهلكة"، ما يؤكد "التناقض بين الشعارات الحزبية وبين الواقع الانتخابي". واعتبر المحلل السياسي أن هذه الممارسات الحزبية "تعطي تمثلات سلبية وتصب في اتجاه عزوف الشباب عن الصناديق، الذي اصبح يشكل تحديا كبيرا أمام الدولة وتتحمل مسؤوليته الأحزاب السياسية التي من المفروض أنها تمثل المواطنين وتسهم في تأطيرهم مقابل الدعم العمومي الذي تتلقاه من الدولة."