لم يكتب لسنة 2020، أن تطوي صفحاتها الحافلة بمتناقضات الحياة من حزن وفرح وأزمات وانفراجات وغيرها، إلا وكانت يد المنون قد جالت، كما أملى عليها القدر، لتأخذ معها إلى دار البقاء زمرة من الناس، بينهم شخصيات ثابرت وأبدعت ثم أفضت لما قدمت إليه. العام الذي لم يعد يفصل عن نهايته سوى ساعات قليلة، يمكن اختزاله في كلمات، كان عاما ثقيلاً وحزيناً فعلاً بالنظر إلى قيمة الأسماء والأعلام الذين التحقوا إلى دار البقاء وودعوا هذه الدنيا الفانية، بعد أن كانت حياتهم مرادفا لألوان شتى من العطاءات والإبداعات. ولأن هذا العام كان إستثنائيا بكل ما للكلمة من معنى، حيث أصر فيروس كورونا المستجد على حرماننا من أشخاص بصموا في مختلف المجالات، ولكون الموت لا يستثني أحدا من بني الإنسان، وإن كان في حصون مشيدة، فقد رزئت الساحة العلمية والثقافية بشمال المغرب، بقافلة من الأعلام رفرفت رايات وداعهم في هذه السنة فذهبت بعيدا فيما خطوات الرحيل تركت آثارا مميزة لا تمحى. ثلة من الأسماء الخالدة في مدينة طنجة والنواحي، غادر أصحابها الدنيا هذه السنة، استحضرنا بعضها في هذه الورقة، مع التأكيد أن هناك آخرين ستظل أسماءهم محفورة في الذاكرة، ولو في غير حفلات تأبين أو مناسبات عابرة.
في المجال الديني – محمد بن الأمين بوخبزة (30 يناير 2020) لبى نداء ربه، في أول شهر من شهور سنة 2020، الشيخ العلامة أبو أويس محمد بن الأمين بوخبزة، داخل احد مستشفيات مدينة تطوان بعد وعكة صحية حرجة ألمت به ، عن عمر يناهز 88 عاما، حيث يعتبر هذا الشيخ الجليل والغزير العطاء من أئمة الحديث في المغرب والعالم الإسلامي وقد ولد سنة 1932 في مدينة تطوان. – محمد الأنجري (3 أبريل 2020) انتقل الى رحمة الله، عن عمر ينهاز 83 سنة، العلامة الشيخ محمد الأنجري، وذلك بعد صراع طويل مع المرض، ووري جثمانه بمسقط رأسه بقرية طالع الشريف ضواحي طنجة. ويعتبر محمد بن محمد الانجري المعروف بالبيضاوي أو الفقيه رياش من مواليد قرية طالع الشريف التي تبعد عن طنجة ب 17 كيلومتر سنة 1937، ولما وصل سنه إلى حد التمييز أخذه والده إلى الكتاب أو المسيد لحفظ القران الكريم ولازم الفقيه السيد محمد بن الحاج سليمان الملقب باجحير شيخ القرية وقد ساعده في الحفظ ثلاثة من الأجلاء من أسرته هم والده وأخوه وشيخه باجحير. – محمد الجردي (26 دجنبر 2020) رحل الى دار البقاء، العلامة الشيخ محمد الجردي، الذي يعتبر أحد أشهر خطباء مدينة طنجة؛ عن عمر يناهز 80 سنة، حيث أعلن مقربون منه، أن العلامة الشهير المولود سنة 1940، وافته المنية متاثرا بمضاعفات صحية ناجمة عن اصابته بفيروس كورونا المستجد. وكان يحظى الشيخ محمد الجردي؛ الذي تولى الخطابة باشهر مساجد مدينة طنجة، بشعبية كبيرة في المدينة وخارجها، حيث كانت المساجد التي يؤم فيها الصلاة ويتولى فيها الخطابة، تشهد إقبالا كبيرا من طرف المصلين.
في المجال الثقافي – راشيل مويال (28 يناير 2020) رحلت أيضا خلال هذه السنة الكاتبة الطنجاوية راشيل مويال، عن عمر يناهز 71 عاما، قضت جله في مدينة طنجة، في الوقت الذي رحل أبناء جلدتها من يهود طنجة والمغرب إلى بلدان أخرى. راشيل مويال، ظلت متشبثة بطنجة رفقة عدد قليل من يهود المدينة، الذين تناقصت أعدادهم مع مرور الزمن، إلى أن قُدر لها أن تلفظ أخر أنفاسها في مدينتها المحبوبة طنجة، كما أنها لم تكن رقما صامدا فقط ضمن يهود طنجة، بل كانت أيضا وجها بارزا في المجال الثقافي بالمدينة، خاصة خلال سنوات تسييرها لمكتبة الأعمدة لسنوات طويلة، حيث كانت وراء عدة أنشطة ثقافية بالمكتبة، وفي مؤسسات ثقافية بالمدينة. – ماري لويز بلعربي (29 ماري 2020) توفيت الناشرة ومؤسسة مكتبة "كارفور دي ليفر"، ماري لويز بلعربي، عن عمر يناهز 91 عاما بطنجة، بعد صراع طويل مع المرض، وقد بدأت ماري لويز ، المزدادة بمونبليي عام 1928 ، مسارها المهني في داري النشر جوليار ولافون بباريس ، قبل أن تستقر بالمغرب منذ عام 1960. – محمد المليحي (28 أكتوبر 2020) انتقل إلى عفو الله الفنان التشكيلي المغربي، محمد المليحي، بعد أن كان يخضع للعناية المركزة بأحد مستشفيات باريس على إثر إصابته بعدوى فيروس "كوفيد – 19". وولد المليحي، أحد رموز الحداثة المغربية والفنان العالمي، سنة 1936 بأصيلة. حيث ساهمت أعماله في تشكيل جمالية المنظومات الفنية لما بعد فترة الاستعمار والشبكات الفنية العربية من خلال تعبيراته الهندسية، والثورة الثقافية المنبثقة مع مدرسة الدارالبيضاء، وكذا عمله كمصور فوتغرافي، وناشر، ومصمم، وفنان ملصقات ورسام جداريات.
في المجال الفني – شامة الزاز (28 شتنبر 2020) إنتقلت الى رحمة الله، الفنانة المغربية وأيقونة "العيوع الجبلي" شامة الزاز، بعد معاناة طويلة مع المرض، حيث تعتبر من ايقونات فن العيطة الجبلية بصيغتها النسوية، واشتهرت باداء مجموعة من الاغاني من ابرزها توحشتك الوالدة ومقاطع من العيوع الجبلي. – مارسيل بوطبول (2 أبريل 2020) توفي المغني والموسيقي المغربي مارسيل بوطبول، جراء إصابته بفيروس كورونا المستجد، بمستشفى بيشا بباريس، حيث كان يخضع للعلاج بقسم الإنعاش عقب إصابته بعدوى "كوفيد-19′′. وينحدر مارسيل بوطبول، الذي ازداد سنة 1945، من أسرة فنية من الديانة اليهودية تتمتع بشهرة كبيرة في المغرب. وهو نجل الفنان جاكوب بوطبول وشقيق المغني حاييم بوطبول، وعرف بأدائه رفيع المستوى، لاسيما للأغاني المستوحاة من الريبرتوار الغرناطي والموسيقى الشعبية المغربية. – نور الدين الصايل (15 دجنبر 2020) توفي الاعلامي والناقد السينمائي نور الدين الصايل عن عمر يناهز 73 سنة، متأثرة بمضاعفات صحية ناجمة عن إصابته بعدوى المتلازمة التنفسية "كوفيد-19"، حيث سبق للراحل أن شغل منصب مدير المركز السينمائي المغربي ما بين سنتي 2003 و 2014؛ وقبل ذلك شغل منصب مدير عام بالقناة الثانية الوطنية "دوزيم". والراحل هو من مواليد سنة 1948 بمدينة طنجة. تابع بها دراستها الثانوية، بثانوية ابن الخطيب. حصل على دبلوم الدراسات العليا في الفلسفة، بكلية الآداب بالرباط، واشتغل في بداية مشواره مُدرّسا لمادة الفلسفة بثانوية مولاي يوسف بالرباط، قبل أن يتم سنة 1975 تعيينه مفتشا عاما لمادة الفلسفة.
في المجال الإعلامي – محمد الأديب السلاوي (5 غشت 2020) عن سن يناهز الواحد والثمانين سنة، غادرنا إلى دار البقاء، الأديب والاعلامي الاستاذ محمد اديب السلاوي بسبب فيروس كورونا، وقد ازداد الراحل سنة 1939، وعمل صحافيا منذ سنة 1963 في عدة صحف مغربية، منها جريدة "العلم" وجريدة "الأنباء" وجريدة "الحركة". – المصطفى بنشريف ( 3 أبريل 2020) توفي الصحافي الطنجاوي المصطفى بن شريف، جراء إصابته بفيروس كورونا المستجد، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة في مستشفى محمد السادس. وكان الراحل قد عمل كمراسل صحافي لعدد من الجرائد والمنابر الإعلامية الوطنية، إضافة إلى مساهماته في الصحافة المحلية بطنجة طيلة عقود من الزمن. – عبد المجيد بنسعيد الورياغلي (21 دجنبر 2020) انتقل الى رحمة الله، الصحافي وإبن مدينة طنجة عبد المجيد بنسعيد الورياغلي، الذي يعتبر من قيدومي الميدان الصحفي بالمغرب وطنجة، حيث كان يشتغل قيد حياته كمراسل لجريدة "لوماتان"، بالإضافة لكونه أستاذا لمادة اللغة الفرنسية. – عبد المجيد العروسي (16 نونبر 2020) ورحل عنا الى دار البقاء، عبد المجيد العروسي، رئيس مجلس إدارة إذاعة "كاب راديو" الكائن مقرها بمدينة طنجة، وذلك بعد معاناة مع المرض، وهو الأمر الذي خلف حزنا بالغا في صفوف الصحفيين والعاملين بهذه الأخيرة.
في المجال الرياضي – محمد أبرهون (2 دجنبر 2020) بعد معاناة لم تدم طويلا مع مرض السرطان، التحق الى جوار ربه اللاعب التطواني محمد أبرهون، عن عمر يناهز 31 عاما بتركيا، حيث كان يلعب في صفوف أحد الأندية هناك. وكان الراحل أحد نجوم المغرب التطواني وعاش مع الفريق الفترة الذهبية عندما توج بدوري البطولة، كما احترف في الدوري البرتغالي ثم الدوري التركي، وخلف نبأ وفاة الراحل حزنا كبيرا لدى العديد من اللاعبين الذين لعبوا إلى جانبه، سواء في فريق المغرب التطواني أو في المنتخب المغربي. – محمد العربي بوراس ( 15 أبريل 2020) انتقل الى رحمه الله، بالديار البلجيكية ، محمد العربي بوراس، الذي سبق له وأن ترأس فريق إتحاد طنجة لكرة القدم وذلك بعد معاناة طويلة مع المرض، كما كان الراحل أيضا مستشارا برلمانيا سابقا عن مدينة طنجة وفاعلا في قطاع الصيد البحري.
في المجال السياسي – عبد الرحمن اليوسفي (29 ماي 2020) لبى نداء ربه، الوزير الأول الأسبق والزعيم الاتحادي، عبد الرحمان اليوسفي، الذي كان في حالة صحية حرجة، حيث أمضى عدداً من الأيام بالعناية المركزة بأحد مستشفيات مدينة الدارالبيضاء. وبدأ عبد الرحمن اليوسفي، ابن مدينة طنجة، حياته المهنية محاميا قبل أن يلج الحياة السياسية كواحد من أبرز المؤسسين لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سنة 1959، وخلال مساره في العمل النقابي في فترة الاستعمار تعرض لعدة متابعات وللاعتقال والسجن والنفي. – دينيس فرانسوا (19 نونبر 2020) في التاسع عشر من نونبر، تم العثور على جثة القنصل الفرنسي، دينيس فرنسوا، داخل مقر إقامته داخل القنصلية الفرنسي بمدينة طنجة، الأمر الذي أحدث استنفارا أمنيا كبيرا بالقنصلية. وتعتبر طنجة هي أول تجربة ل "دينيس فرنسوا" كقنصل عام، حيث حصل هذا الأخير على الماجستير في القانون العام، ليتحق مباشرة بوزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية في عام 1992، قبل أن يتم تعيينه رئيسا لمنطقة آسيا وأوقيانوسيا داخل وكالة التعليم الفرنسى بالخارج في سنة 1995.
في قطاع الأمن – مولود أوخويا (2 يوليوز 2020) انتقل الى رحمة الله، والي أمن طنجة السابق مولود أوخويا متأثرا بجروح خطيرة تعرض لها في حادثة سير بالقرب من مدينة سوق الأربعاء، حيث تم نقله على وجه السرعة للمستشفى الا أنه فارق الحياة. وكان أخويا قد استمر في قيادة الجهاز الأمني بطنجة إلى حدود سنة 2017، حيث قررت المديرية العامة نقله إلى مدينة القنيطرة كنائب لوالي الأمن. – عبد الكبير لواء الدين (22 ماي 2020) رحل عنا الى دار البقاء، العميد الاقليمي الممتاز عبد الكبير لواء الدين، بعد معاناة طويلة مع المرض، وشغل الراحل قيد حياته مجموعة من المناصب بمدينة طنجة، آخرها رئيسا للمنطقة الحضرية الاولى، قبل أن يغادرها بعد اصابته بمرض عضال. وكان الراحل من النشيطين بجمعية الأعمال الإجتماعية للإدارة العامة للأمن الوطني التي خدم من خلالها زملاءه، كما حصل على لقب شرطي السنة في الحفل التكريمي الذي نظمته الادارة العامة للأمن الوطني ضمن فعاليات ايام الأبواب المفتوحة بطنجة. – منصف التيسير (14 دجنبر 2020) إنتقل الى رحمة الله، القائد الاقليمي لجهاز القوات المساعدة بولاية طنجة، منصف التيسير، متأثرا بمضاعفات فيروس كورونا المستجد، حيث توفي الراحل المشهود له بتفانيه وإخلاصه للعمل، بالمستشفى العسكري بالرباط، بعد معاناة مع المرض. – بوشتى صبور (2 شتنبر 2020) انتقل إلى دار البقاء، المقاوم بوشتى صبور، ابن مدينة طنجة، الذي أسلم الروح إلى بارئها عن عمر يناهز 88 سنة، بعد مسار حافل بالدفاع عن الوطن في صفوف المقاومة الوطنية وخدمته من خلال انخراطه في سلك الأمن الوطني. ونعت المندوبية السامية لقدماء المحاربين وأعضاء جيش التحرير، المرحوم الذي ولد سنة 1932، حيث انخرط في العمل الوطني مند نعومة أظافره ونشط في صفوف حزب الاستقلال.
في المجال الأكاديمي – محمد الرامي (18 شتنبر 2020) توفي رئيس جامعة عبد المالك السعدي، الدكتور محمد الرامي، بالمستشفى العسكري بالرباط، عن عمر يناهز 62 سنة، جراء إصابته بفيروس كورونا المستجد. وكان الراحل، يحمل شهادة دكتوراة الدولة في علوم الأعصاب والدماغ من جامعة مارسيليا بفرنسا سنة 1987، وحاصل على دكتورا ة السلك الثالث في علوم الأعصاب والدماغ بجامعة مارسيليا بفرنسا سنة 1985. – فارس حمزة (30 غشت 2020) وتوفي، خلال هذه السنة، العميد السابق لكلية الحقوق بتطوان، فارس حمزة، بعد صراع مع المرض، وكان الراحل قد شغل بالنيابة عميدا لكلية الحقوق، قبل أن يتم إعفائه من المنصب في أواخر 2018، كما اشتغل في مدينة طنجة استاذا باحثا كرئيس شعبة الاقتصاد والتدبير لمدة تصل إلى 10 سنوات. – ادريس بوهليلة (24 أكتوبر 2020) غادرنا الى دار البقاء الأستاذ الجامعي إدريس بوهليلة الذي كان يدرس مادة التاريخ الوسيط والحديث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان التابعة لجامعة عبد المالك السعدي. وكان الراحل بوهليلة باحثا أكاديميا مغربيا، ويترأس شعبة التاريخ والحضارة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، كما كان أيضا يترأس تحرير مجلة السيميائيات، والمجلة المتوسطية المهتمة بالأشكال الحضارية، وأصدر عدة مؤلفات عبارة عن دراسات وتحقيقات، من أبرزها "الحلل البهية في ملوك الدولة العلوية وعدّ بعض مفاخرها غير المتناهية" ، و" الجزائريون في القرن 13ه/19م ".
"كل نفس ذائقة الموت"، وتلك سنة الحياة، ولا أحد يعوض الآخر مهما اقتفى أثره، ولكن بالرغم من هذا المصاب الجلل، تبقى فعالية الموت محدودة في تغييب أشخاص عن هذه الدنيا، لأن عطاءاتهم العلمية والغزيرة، تبقى عصية على النسيان، رغم أن أصحابها قد رحلوا بدون استئذان.