يبدو أن ملف "أساتذة الغد" يعد بالشيء الكثير خلال الأيام القليلة القادمة، فحسب المعطيات التي بدأت تبرز منذ بداية الأسبوع الجاري، فإن الأمر يتعلق بمحاولة محاصرة العدالة والتنمية ودفعه إلى زاوية ضيقة وحيدا، وإظهاره على أنه الحزب الوحيد الذي يرفض حل هذا الملف الذي ستكون انعكاساته خطيرة على مجموعة من المستويات ان لم يتم حله وبشكل عاجل، ليس فقط بالنسبة للأساتذة المتدربين الذين يقدر عددهم بعشرة آلاف إطار، وعائلاتهم، بل أيضا على البنية التعليمية التي تحتاج خلال الموسم الدراسي المقبل إلى ضعف هذا العدد، خاصة وأن احتجاجات "أساتذة الغد" مصرة على جعل السنة الدراسية بيضاء، وهي قريبة من تحقيق مطمحها . المبادرات الأخيرة التي طفت على السطح فجأة، لم تكن مفاجئة للعديد من المتتبعين لكن يبدو أنها كانت صادمة لرئيس الحكومة السيد عبد الإله ابن كيران، الذي لم يحسبها جيدا وهو يخرج يوم الخميس الماضي في افتتاح المجلس الحكومي ليقول أنه لم يتوصل بأي مقترح لحل الملف، ليجدها مناسبة ليهاجم وسائل الإعلام التي كتبت عن الموضوع، متهما إياها بترويج أخبار غير صحيحة وكاذبة، مؤكدا على أن من يعمل على الترويج لمثل هذه الأمور يقوم بأعمال مختلقة، وغير صحيحة"، داعيا إلى ضرورة توخي الدقة في ما ينشر و"عدم الاختلاق"، مع العلم أن رئيس الحكومة هو الذي كان خارج التغطية أو يريد أن يكون كذلك، وأن وسائل الإعلام كانت تقوم بمهامها في الإخبار اعتمادا على ما يصلها من معطيات ووثائق من الجهات التي تحرك الملف . وقبل أن تبزغ شمس الجمعة حتى كانت المواقع الإلكترونية المقربة من السيد إلياس العماري، قد نشرت كل الوثائق التي تثبت ليس فقط مراسلة رئاسة الحكومة وتقديم طلب لقاء ابن كيران لعرض مقترح حل الملف، بل إنها نشرت مراسلات مثيرة للعديد من الجهات رسمية أو حتى أحزاب سياسية التي ظهر أنها كانت معظمها على علم بتحركات القضية، إلا رئيس الحكومة الذي لا يعرف هل كان على علم بالمراسلات التي جرت بين مكونات أغلبيته وحزبي الأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي، أم أنه أراد بتلك التصريحات تجاهلها والتنقيص من أهميتها ؟، أبرزها الاستفسار الذي قدمه فريقي حزبي "الاصالة والمعاصرة"، و"الاتحاد الاشتراكي"، بمجلس المستشارين، إلى وزير الاقتصاد والمالية حول الشروط الإدارية والتقنية التي تسمح بإمكانية توظيف الأساتذة المتدربين دفعة واحدة، خلال الموسم 2016-2017. لتكون المفاجأة التي بالتأكيد "طيرت" النوم من عيني رئيس الحكومة، وهي أن السيد الوزير محمد بوسعيد المعروف قربه من مربع القرار بالمغرب، يرد على المراسلة ويؤكد على إمكانية توظيف أساتذة الغد دفعة واحد شرط إقدام رئيس الحكومة على خطوات "خفيفة" من أجل استكمال الملف لحله بشكل نهائي . ولإضفاء نوع من التشويق على هذا الحدث، ومنحه لمسة استثنائية، قرر الفريقان "الاشتراكي" و"الأصالة والمعاصرة" بمجلس النواب تقديم مقترح قانون بتعديل القانون المالي، خاصة البند المتعلق بمناصب الشغل بموجب سنة 2016 والمحدثة لفائدة وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني. ويهدف مقترح القانون إلى رفع عدد المناصب من 7 آلاف منصب شغل إلى 10 آلاف منصب شغل، ودعا الفريقان باقي "الفرق البرلمانية إلى التفاعل الإيجابي مع هذا التعديل ليساهم الجميع في حل هذا النزاع الاجتماعي الذي في حالة استمراره سيهدد 160 ألف تلميذة وتلميذ بفقدان مقاعدهم الدراسية فضلا عن ضياع حقوق 10 ألاف أستاذ متدرب"، وهو ما يعني بالنظر للسياق الذي يعيشه المغرب، والمعطيات التي تعرفها الساحة، التحاق الجميع للتفاعل مع هذا المقترح بما في ذلك مكونات من الأغلبية، وهو ما يعطي لمقترح التعديل "نكهة سياسية" خاصة ستتصدر بالتأكيد واجهة التشريع في المغرب خلال الأسبوع القادم. أسئلة كثيرة تطرح حول هذه القضية، لكن السؤال المهم، هو هل يستطيع إلياس العماري حشر ابن كيران في الزاوية الضيقة، ووضعه أمام أمر الواقع بعد إضافة بعض "التوابل السياسية" على التحركات السالفة ذكرها؟، والأهم من كل هذا هل سيبقى السيد رئيس الحكومة مكتوف الأيدي أمام الرمال التي تتحرك أمامه في الاتجاه الذي يراد لها فيه أن تمضي ؟ لنتابع بقية أطوار "الرواية" في زمن الفوضى وتعنت رئيس الحكومة وقسمه على أتفه الأشياء، الذي يظهر على أن هناك أيضا من أقسم على أن "يحنث" زعيم العدالة والتنمية، ولم لا فاستحقاق 07 أكتوبر على الأبواب