في العشية الأخيرة من شهر أبريل 2013 ، والناس يستعدون للاحتفال بعيد العمّال ، في هذه العشية مررت بالمقهى المعلوم ، فإذا الضوضاء تتصاعد ، ثم تتناثر في الاتجاهات الخمسة على حسب العادة في كل مباراة كبيرة : إنهما الريال ودرتمونْدْ ، يتهارشان ويتواثبان في مستطيل صغير ، تسمّرتْ فيه الأعين خاشعات ، بينما الأفواه في هرج ومرج .. فقلت عن هذه الظاهرة التي لم تكن تعيش بين ظهرانيْنا قبل سنين خلت : يعزّك يا فجيج سغان قلبي على رغم الرواجف والجحود فأنت الحُسْن والقمر المعلّى وأنت الأرْيُ من روح الورود خيوط الشمس أنت توزّعيها على رحْب الوجود بلا حدود وحين البدر يسطع في سماها يغور سناه في حس المريد أمرّغ في ترابك كلّ فكري ليمتزج الجديد مع التليد وأشرب نخب نخلك ثم أدعو لما آتاك ربك بالمزيد حنانيْك الحياة غدتْ جحيما بفجك فاعْذريني في وعودي سأهجر يا فجيج لعلّ حبّي غداة البيْن يُزهر من بعيد فإنْ أرحلْ فلن أنساك حتى تغيّبني المقادر في اللحود فلا تحسبْ وجودي بيْن قومي حضورا ، إنه عيْن الصدود أراهم في الحواري كالسكارى يخاصرهم شعور من صديد تراهم عينيّ اليسرى صعودا إلى درك الملالة والركود لأنْ أحيا مع الأموات دهري أحبُّ إليّ من حيّ حقود همُ الأحياء علما وانتفاعا همُ الأحياء بالذكر الحميد فمكتبتي وحاسوبي ونقسي لقد جعلوا حياتي كالنشيد فطوْرا في ضيافة شاعريْنا وأحيانا مع الشرح الفريد[1] أُجالس كل يوم ألْمعيّا مثال الاستقامة و المفيد يحدّثني ، فأسمع مستعيدا ويُنشدني ، فأطرب للقصيد قصائدهم خموري أحتسيها أنا النشوان في عيش رغيد ! تغلغل حبهم صرفا مصفّى وحبّ الشيْخ مفتاح المريد ************** وإنْ نسل الشباب إلى المقاهي وصاحوا للرّيّال ودُرْتُمود وماسوا عن يمين أو شمال إذا هدف تسجّل من بعيد وكلّ واقف يبغي انتصارا يتيه به على الخصم العنيد وخطّوا بالشفاه وبالأيادي علامات التّسكّع والشرود فأُسْقطت الكؤوس كما الكراسي وأُهرقت المشارب في الصعيد وخالطهم جنون النصر حتى تخلّوْا عن تقاليد الجدود تخال الغالبين من الأهالي أما عنْ دأبهم ذا منْ محيد ؟ أضاعوا الليل في لغو وناموا على أمل التجمّع منْ جديد مشاهد في كتاب الله صفْر تعشّقها الشباب بلا حدود فإنْ رمتمْ نجاة فاهجروها إلى دار التفكّر والسجود فحتّام الشبابُ يعيش غفلا تُصفّده الحياة بلا قيود فإنّ لربكم حقا عليكم ينوء بثقله ظهر الصليد وتصريفُ القضاء يحث خطوا ليُلقينا فرادى في اللحود فراقبْ وجْه ربّك مستقيما وحاذرْ أنْ تُساق مع القرود بيوت الله شاغرة تنادي هلُمّوا يا شباب إلى السعود ************** أنا بعد الغروب ببيْت ربّى أرتّل أو أسبّح في شهود إمامي القرطبيّ ينير دربي وأُحيي الدين معْ شيْخي المجيد[2] أسائل مالكا عن كل شيء فيحملني على القصد الحميد رقيْتُ بهم معالي فارهات توجّهني ، فهل لي من مزيد ؟ أليسوا المهتدين بنهج ربي؟ أليسوا الواقفين على الحدود ؟ جوار الله خير لي وأبقى يمنّ عليّ بالعلم المفيد مضى عهد الصبا غضا طريرا أتى وقت التدبّر في الوعيد فمنْ يعملْ ومنْ يعملْ يُجازى بعدْل الله قهار المريد أحبّائي أحيّيكم ، بشوق فزوروني بمنْفاي السعيد [1] الإشارة إلى الشاعرين إبراهيم بن عبد الجبار وعبد العزيز الفجيجي ، وبالشرح الفريد إلى كتاب أبي القاسم الفجيجي : الفريد في تقييد الشريد وتوصيد الوبيد [2] الإشارة إلى كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي رحمه الله تعالى