إن أجمل ما شهدناه في الثورات التي شهدتها بلدان" تونس, ومصر, وليبيا ,واليمن" أنها ثورات كانت بدون قائد إن أجمل ما شهدناه في الثورات التي شهدتها بلدان" تونس, ومصر, وليبيا ,واليمن" أنها ثورات كانت بدون قائد حيث تشكلت بشكل عفوي منطلقة من الكرامة التي هدرها حكام الجور والطواغيت,كما أنها لم تكن ذات طابع مؤسسي حزبي بل ثورات شعبية ابتدأت ضعيفة ثم أخذت بعداً جماهيريا ,وهذه التظاهرات الشعبية لا تنتهي بقرار أما الحزبية فقد تنتهي بالحصول على المصالح أو الصفقات. ونجد أيضاً أن أهم مايميز هذه الثورات أنها قامت بها الشعوب المظلومة شعوب تشاركت في المحن والظلم والقهر الجماعي، شعوبا سلبت منها كرامتها تحت جحافل القهر والظلم وتحت وطأة الاستعمار الداخلي فعرفت سنوات عجاف وانيا تئن تحت رحمة استعمار داخلي يتجلى في حكام طغاة وأنظمة مستبدة قد فرضوا السيطرة على كل شأ وتمادوا في تقديم نظرياتهم العقيمة ونشروا الرعب والخوف في النفوس والزموها الخنوع والخضوع هؤلاء الحكام ذوي النفوس الخبيثة والضمائر المتصلبة تسللوا داخل قصور فاخرة واستحوذوا على كراسي ذهبية، حكام انتهكوا الحرمات وأهانوا المقدسات وأباحوا حرمة المواطن وكرامته حفاظا على عروشهم وانطلقوا في الفساد وسلب الخيرات فعطلوا قطار التنمية فساد الفقر وإنتشرت الجريمة وأصبح التناحر من اجل لقمة عيش مريرة مغموسة بمرارة الحنظل. لكن الإنسان العربي له إرادة صلبة تتمخض عنها قيم تشحن نقطة البدء ثم الانطلاقة التي تبطل كل العوائق والمؤثرات التي قلبت كيانه وتفكيره فيصبح ما قد كان مألوفا عليه وطبيعيا متماشيا مع وجدانه وكيانه أمرا مثيرا مستفزا لحواسه ومؤلما لكل جزء من جسمه فينقلب كيانه وتفكيره وتنقلب معهما كل الموازين التي تؤهله للانتفاضة الخلاقة التي لا تتقيد بالظروف والملابسات فتخضعه لصوت عقله آنذاك يبحث ويمحص ثم يوضح موطن القوة والضعف فيظهر الصواب والخطأ، الحق والباطل ليصل في الأخير إلى بر الصواب والصدق. فالإدراك ولو بعد سبات عميق هو أساس "علم المنطق" الذي يضع قواعد المعرفة والتفكير لاستنتاج الخلاصة الصحيحة ومن هنا كانت ثورات التغيير ففي كل ثورة كانت هناك إرادة وهذه الإرادة فيها عزيمة وهدف حيث وحدت الصفوف والكلمة تحت مظلة الحرية والكرامة ،ولم يكن للأنظمة اى مانع بان تطلق العنان للرصاص الحى الذي يزهق أرواح الأبرياء ويترك وراءه الكثير من الشهداء والثكلى واليتامى.... الذين لا ذنب لهم إلا أنهم طالبوا بالحرية والكرامة , فكانت الشرارة التي أعادت النبض إلى العروق الجافة إنها الثورة التي لن تهتم بتلك الدعوات الساذجة التي يزخرفها الحكام والشعارات المخادعة والمضللة إنها الذراع الصلب في وجه الطغاة إنها الصحوة العربية الأصيلة التي حملت على عاتقها محاربة الفساد والمفسدين حتى لو ضحوا بأنفسهم، إنها الثورة إنها التضحيات والبطولات المجيدة الواقفة وجها لوجه أمام كل طاغية ومستبد, لقد تحركت نحو إسقاط الأنظمة التي استهانت بدم وكرامة شعوبها وقمعت حرياتهم. وفى نهاية القول لم تكن وراء هذه الثورات صناعة خارجية لعفويتها, وطبيعة مطالبها , وشعاراتها التي تركزت على التنمية بكافة مجالاتها ,وهذه مطالب تمس كيان هذه الشعوب بالشكل الذى يستحيل معه وجود تخطيط خارجي. ويكفى أن هذه الثورات مكنت من زرع بذور الحرية والعدل والخير التى تشكل الدعامة الأساسية التي تقوم عليها كل القيم الأخلاقية لهذا نجد الشعوب العربية لها من القوة والفاعلية ما يمكن اعتباره تيارا حقيقيا يسعى وراء الحريات العامة التي تعد إحدى القيم الكبرى والتي تصبو إليها الإنسانية ...