بإقرار مجلس الشيوخ لقانونه اليوم فإن واشنطن والرياض رسميا وسياسيا بدأت علاقتهما بالانحدار وربما شبه القطيعة ان لم تكن قطيعة كاملة في المرحلة المقبلة ، وللأسف فإن خمسة عشر مجرما إرهابيا ومن أصل تسعة عشر ممن ارتكبوا هجمات أيلول سبتمبر الأسود الإرهابية هم مواطنون من السعودية ، وهذا أخطر ما في الأمر ، وهو محور حديث وسائل الإعلام الأمريكي طوال الساعات الماضية والتي أعقبت موافقة أغلب أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي ؛ وهو الغرفة الأولى للكونجرس على قانون يسمح بمقاضاة الدول وحتى الشعوب ويحقق العدالة لأي مواطن أمريكي تعرض للإرهاب أو الضرر الجسيم ؛ وفي اعتقادي الشخصي أن الأمر أكبر من هذا الغرض وإن كان يتضمنه ؛ إلا أن حساسية الأمر لكونه متعلق بالإسلام نفسه كدين ومعتقد آثر المشرع الأمريكي بخطوته الأولى للإقرار أن يأخذ صيغته وديباجته التي ظهر وخرج عبرها ، ولعل التركيز على العدد الأكثر الخمسة عشر إرهابيا اعلاميا وسجالا بين اعضاء مجلش الشيوخ كافي للتدليل على ما ذهبت إليه ، فالأمر لا يتعلق بالابتزاز السياسي أو المالي كما يروج الكثيرون في الاعلام الموالي للنظام السعودي أو المدافعون عن النظام السعودي ؛ بل الأمر أخطر وأكبر من هذا وذاك بكثير وإن كنت سأعيد تاكيدي للهدف المعلن من تشريع مثل هذا القانون ؛ بل وخروجه بمثل هذه الأغلبية المطلقة في مجلس الشيوخ ؛ وكذلك من المتوقع تمريره لاحقا بذات الأغلبية ومن الحزبين الجمهوري والديمقراطي على حد سواء في مجلس النواب ؛ كما حدث اليوم في مجلس الشيوخ ؛ وعندها يكون الكونجرس بمواجهة صريحة ومباشرة مع البيت الأبيض ؛ والذي لن يصمد في رفضه بالفيتو الذي هو حق دستوري للرئيس ؛ خاصة وإن أغلبية الثلثين تكفي لإسقاط فيتو الرئيس الأمريكي أرضا بالضربة القاضية ، إذن لنتكلم بصدق وأكثر جرأة وصراحة ونقول : ان مشكلة المشرع الامريكي ليست مشكلة سياسية أو مالية او حتى لتحقيق العدالة قدر ماهي مشكلة الناخب الأمريكي مع الإرهاب الإسلامي والذي أكثره يفرخ في السعودية ؛ الإسلام السعودي هو ذاته الإسلام الداعشي وهو إسلام القاعدة والنصرة !! ولعل المحزن أن البيت الأبيض ينظر مؤخرا لجبهة النصرة كنظرته للنظام السعودي واسلامه طوال العقود الماضية ، النظام السعودي بين خيارين لا ثالث لهما إما أن يتخلى عن الإسلام المتشدد وارث الشيخ محمد بن عبدالوهاب ويمتطي عباءة أخرى أكثر قبولا وتسامحا وانفتاحا ؛ أو أنه سيزول مباشرة بعد زوال تنظيم دولة الخلافة الإسلامية في العراق والشام .