تقديم / اعتبارا من أن التغيير سنة الحياة ،وانه لا يمكن أن نتكلم عن إصلاح بدون أن يتم تغيير الواقع ، وانطلاقا من كون جوهر هذا التغيير الذي سيحقق أي أصلاح هو إشراك ومشاركة جميع المتدخلين والفاعلين، فلابد أن نتفق على الهدف رغم اختلافنا للطرق، ولا بد أن يكون لنا منهجا استراتيجيا محددا رغم اختلافنا في الوسائل والمنظور . واعتبارا من كون العدل هو أساس الملك , و لان المحامي في خدمة العدالة ، وأحد ركائزها و أن العدالة لم ولن يستقيم لها أمر بدون إحاطة بعلم ووعي بقضية المحامي الذي يعتبر أحد أجنحة القضاء،ويعتبر رائد التغيير للوصول إلى هدف الإصلاح . فان المرحلة الراهنة مرحلة حساسة بامتياز ، و ستساءلنا جميعا عن دور كل واحد منا ، أفراد ، وجماعات ، محامون وهيئات ، مؤسسات وأحزاب ...فهي مرحلة انبعاث وتحقيق إصلاح حقيقي ،ولذلك فان لكل جوهر إصلاح منطق وروح وفكر وهدف لا بد أن يقطع مع الحسابات السياسوية الضيقة ، والآراء المخلة البئيسة والاتهامات المجانية الرديئة ، لنؤسس لإصلاح حقيقي واقعي يستهدف الجميع ولصالح الجميع . اخترت في مداخلتي موضوع إصلاح العدالة ، الموضوع الشائك والمحوري في مخططات الإصلاحات الكبرى التي عرفها المغرب منذ الاستقلال ، الموضوع القديم الجديد ، وموضوع ليس فقط الساعة بل موضوع السنة ، ويمكن اعتباره موضوع الدولة والأمة . فمررا أعطى الملك محمد السادس باعتباره أمير المؤمنين اهتماما دائما في جل خطاباته الموجه للشعب المغربي على ضرورة الإسراع في إصلاح القضاء وحث على ترسيخ دعائم دولة الحق والقانون . إذ سبق للملك أن أطلق مبادرة الإقرار بميثاق وطني للقضاء بمناسبة مرور 50 سنة على تأسيس المجلس الأعلى للقضاء ،واعتبرت هذه المبادرة مطلبا مشروعا لمواكبة الانتقال الديمقراطي وحضي بإجماع كل الفاعلين والمتدخلين . وقد تمخض عن تقييم حصيلة سنوات من صيغ إصلاحات متنوعة ومختلفة ومتعددة أفضت جميعها إلى نتائج لم ترق ،في مجملها إلى طموح يجعل القضاء رافعة لدولة الحق والمؤسسات وسيادة القانون وتحفيز الاستثمار والتنمية إلى إطلاق الملك في خطابه لثورة الملك والشعب إستراتيجية إصلاح منظومة العدالة ،وذلك كطريق ومنهجية محددة في الزمن ومحددة في الأساسيات لإصلاح العدالة،تستند في منطلقها إلى الدستور الجديد ل2011 و بتاريخ 12 شتنبر 2013 تم تقديم ميثاق إصلاح منظومة العدالة بعد أكثر من سنة على إعطاء جلالة الملك انطلاقة الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة وذلك بتنصيب الهيئة العليا للحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة برئاسة وزير العدل والحريات في 8 ماي 2012 و للتذكير فمنذ انطلاق الندوة الجهوية الأولى في شهر يونيو بالرباط حول إصلاح منظومة العدالة انسحبت هيأة المحامون بالمغرب من الحوار ،على اعتبار أن الإعلان عن مبادرة الحوار الوطني يتم دون أي اعتبار أو تشاور مسبق مع الجمعية ،وأن تشكيلة الهيأة الوطنية لإصلاح منظومة العدالة تفتقد لأي مقاييس موضوعية تنطبق على كل أعضائها ، وان بعض التعيينات هي غير مبررة مع حضور محتشم لمكونات السلطة القضائية ،وهناك مبدأ الانفراد في القرارات وعدم ملامسة القضايا الجوهرية في سؤال العدالة . لكن واقعيا بقي انسحابها حبرا على ورق حيث انعقدت اللجنة الوطنية بعدة نقباء هذا فضلا عن إسناد رئاستها بالسعدية للنقيب الرئيس الحالي للجمعية الأستاذ وهبي ، كما ترأس رئيسها السابق الأستاذ النقيب البقيوي رئاسة اللجنة بمدينة طنجة . ومنذ ذلك الحين والشد والجذب بين جمعية هيئات المحامين بالمغرب ووزارة العدل في شخص وزيرها السيد مصطفى الرميد . وقد اخترت الموضوع منطلقا من وجهتين أساسيتين متباينتين وتستمد من علمين مختلفين : 1- من ناحية المهنية : حيث يمثل الموضوع خاص بمهنتنا ويستهدفنا وسيكون له تأثير على مهنتنا ،لدى من المفروض الإحاطة به والتجاوب معه ومعرفته معرفة تامة 2 - من ناحية علم الاجتماع النفسي وتطوري الذات : حيث انطلقت من اختيار تناول الموضوع من منطلق المقولة الايجابية الفكرية المتداولة في علم النفس وتطوير الذات والتي تقول : لا تنظر لنصف الكأس الفارغ ولا تنظر لنصف الكأس الممتلئ ولكن انظر للكأس كاملا ، برمته . لهذا كان تناولي لموضوع إصلاح منظومة العدالة من وجهتين أساسيتهن ومختلفتين ومتناقضتين في الطرح وفي الأساس . وهما : * توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة المقدم لصاحب الجلالة في شتنبر 2013 بعد مخاض ولقاءات ونقاشات وصدامات دامت أكثر من سنة . * وبين توصيات جمعيات هيئات المحامين بالمغرب وسنركز على توصيات المؤتمر الذي تشرفت نقابتنا باحتضانه والذي جاء استثنائيا بكل المقاييس سواء من حيث الكم والكيف ، ومن حيث الموضوع ومن حيث الشكل . ولما سبق هذا المؤتمر من تبادل للبيانات والإرهاصات والتصريحات الصحافية من طرفي العلاقة التشاركية في منظومة العدالة جمعية هيئات المحامين بالمغرب و وزارة العدل . أولا : التقسيمات الكبرى لتوصيات ميثاق إصلاح العدالة برؤية توصيات جمعية هيئات المحامين من الملاحظ ومنذ القراءة الأولى لتوصيات ميثاق إصلاح العدالة وخاصة المتعلقة بمهنة المحاماة يتبين أن توصيات المؤتمر الثامن والعشرون بالرغم من كونها كان تاريخها قبيلة صدور ميثاق إصلاح منظومة العدالة إلا أنها جاءت مفصلة ومدققة في ما يتعلق بالشؤون المهنية ، وفي المقابل فان أغلب التوصيات التي جاء بها الميثاق والتي قاربت 40 توصية تخص مهنة المحاماة سبق لمؤتمر من مؤتمرات جمعية هيئات المحامين بالمغرب بذكر اغلبها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. غير أن بعض التوصيات التي جاء بها الميثاق كانت محطة انتقاد واسعة من لذن جمعيات هيئات المحامين وشكلت مفاجئة لهم ،و هناك توصيات صدرت عن جميعية هيئات المحامين من خلال مؤتمراتها خاصة الأخير ، الا أن ميثاق إصلاح العدالة لم يذكرها بتاتا بالرغم من أهميتها في مهنة المحاماة . أ : التوصيات التي تتداخل او تتفق إلى حد ما أو تتقارب بين توصيات ميثاق إصلاح العدالة وتوصيات جمعيات هيئات المحامين : لا يختلف اثنان على كون القضاء نبراس الأمم ومؤشر تقدم واستقرار الدول والمحدد الأساسي لأي تطوير ،وركيزة مبدئية لأي تنمية ، وركن دولة الحق والقانون هو القضاء ، فان كانت الصلاة عماد الدين فالقضاء عماد الدولة . لهذا أغلب التوصيات في مجملها تتقارب إلى حد ما وسنركز هنا فقط على توصيات الولوج والتكوين : 1- الولوج للمهنة قد جاء كل من توصيات الجمعية والوزارة منسجمة في ما يخص مراجعة المؤهل العلمي لولوج المهنة من خلال الاتفاق على عدم الاكتفاء بشهادة الاجازة ،ومن ذلك اشتراط شهادة أعلى إلا أنه في توصيات ميثاق إصلاح العدالة لم يحدد نوع الشهادة هل ماستراو مستوى ماستر أو التسجيل في الدكتوراه أو دكتوراه ...الخ غير أن جمعيات هيئات المحامين ومن خلال مؤتمريها السابع والعشرين المقام باكادير 2011 من خلال توصياته أكد على ضرورة توفر المرشح لشهادة الماستر وخضوعه لبحث معمق من طرف الهيئة التي ينوي التسجيل بها . 2- التكوين والتكوين المستمر أما مسألة التكوين والتكوين المستمر فتوصي الجمعية بولوج المترشح مؤسسة التكوين المزمع إحداثها والى حين ذلك فإنها توصي بإشراك الجمعية في إعداد المباراة . * فلماذا لم يحدد ميثاق إصلاح العدالة شهادة معينة أو مستوى معين استنادا إلى توصيات جمعية هيئات المحامين ،؟؟ * ولنا سؤال جاء سابقا على لسان استاذنا النقيب عبد اللطيف بوعشرين في السنة الماضية على اثر الاحتفال بندوة التمرين الوطنية بتطوان حيث تساءل بحضور وزير العدل والحريات للجلسة الافتتاحية : ما فائدة المادة 6 من القانون المنظم لمهنة المحاماة التي تتحدث عن إحداث معاهد التكوين ،اذا لم تزحز مكانها بالرغم من مرور أكثر من 20 سنة ؟؟؟ ب : : التوصيات التي لم تذكر في ميثاق إصلاح العدالة وجديرة باهتمام المحامي: 1اشتراط سن 45 سنة كحد أقصى لولوج مهنة المحاماة دون اي استثناء. 2اعتماد المبارة بدل الامتحان تحت إشراف جمعية هيئات المحامين 3- إعفاء الحامين الشباب من الضرائب لمدة خمس سنوات ابتداء من فتح مكاتبهم.مع مراجعتها . 4- احتكار مهنة الدفاع إلزامية المحامي في جميع المساطر القضائية . * والجدير بالذكر أن هذه التوصيات بالإضافة إلى موضوع المساعدة القضائية ومن غرائب الصدف أنها كانت محل نقاش ومطالبة من طرف جمعية هيئات المحامين منذ مؤتمرها الأول المقام بالدار البيضاء سنة 1962 تحت قيادة النقيب ورئيس الجمعية آنذاك الأستاذ النقيب عبد الكريم بنجلون التويمي ج : التوصيات التي جاءت مفاجئة لمهنة المحاماة 1- حضور الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف أو من يوثله في المجلس التاديبي للمحامين دون ان يشارك في المداولات واتخاذ القرار. 2-- اعتماد عقد مكتوب بخصوص توكيل المحامي يستدل به عند المنازعة.
3 - التعاقد المسبق بشأن أتعاب المحامي.
4- مراجعة طريقة و مدة انتخاب النقيب.
5- انفتاح المحاماة على مختلف التخصصات العلمية. وهنا نطرح أسئلة لإثراء النقاش حول هذه التوصيات الخاصة والمفصلة والمدققة والتي جاءت مفاجئة بكل المقاييس : فلماذا يلزم حضور الوكيل العام او من يمثله ي المجلس التأديبي دون مشاركته في المداولات او اتخاذ قرارات ؟؟ فهل هذا الحضور اعتباري او ضبطي أو ماذا ؟؟ أما في ما يخص التعامل المسبق بشان أتعاب المحامي ، فإننا نقول في هذا الصدد ما قاله الأستاذ النقيب هيئة الرباط عبد الرحيم الشرقاوي ، حيث قال لا يمكن دراسة إشكالية تقدير وتحديد اتعاب المحامي دون استحضار خصوصيات مهنة المحاماة التي تنشئ بين المحامي وموكله علاقة إنسانية في كل أبعادها النفسية والاجتماعية والأخلاقية واختزالها في علاقة قانونية محضة .أو عدم الآخذ بعين الاعتبار أعرافها أو الأخذ بعين الاعتبار الطابع الشخصي والفرداني الذي يميز الخدمات التي يقدمها كل محام بعينه عن محام آخر . * مسألة مدونة سلوك ؟ ثانيا : أهم القراءات لتوصيات الميثاق من مرجعية جمعية هيئات المحامين بالمغرب : تتعدد القراءات لأي عمل بشري وفق الرؤية التي يمكن أن نرى بها هذا المنتوج أو الابداع أو العمل . وعلى اعتبار تعدد القراءات لأي عمل يبقى مرجع أصل العمل ولمن يستهدفه و على أي أساس هو المحدد المركزي للرؤية التي ستشخص هذا الحاصل . ومن هنا يمكن لنا أن نحصر القراءات التي سنتناول بها ميثاق إصلاح منظومة العدالة وذلك بمرجعية جمعية هيئات المحامين . ومن ذلك قراءة للواقع على ضوء التوصيات "إي الواقع السياسي المحدد للتوصيات " الماضي وقراءة للتوصيات على ضوء الواقع " إي قراءة التوصيات وفق المحدد الأخلاقي " المستقبل وان الاقتصار على إحدى القراءتين دون الأخرى هو كمثلنا الذي سقناه في البداية : كأن ننظر الى نصف الكاس الفارغ أو الممتلئ فقط . والاقتصار على قراءة واحدة فقط " سياسية أو أخلاقية " إما ستدفعنا إلى الانتقال من الاختلاف الى الخلاف ،وبالتالي القطيعة والصراع وهذا لن يخدم العدالة قبل أن يخدم المحاماة أو ستدفعنا إلى الانتقال من الاختلاف إلى الاستسلام وبالتالي الانصياع والإتباع ، وهذا لن يخدم المحاماة قبل أن يخدم العدالة . لدى كان لزاما من اجل الاستمرارية في مستوى توافقي فكري راقي ، أن نربط الماضي بالمستقبل وأن نساير التطور وفق هويتنا و مكتسباتنا . أ ::: القراءة السياسية : تحدث الرئيس النقيب محمد مصطفى الريسوني حول استقلالية جمعية هيئات المحامين بالمغرب فقال : لقد قاد الجمعية إلى الآن 15 رئيسا ينتمي عشرة منهم إلى تنظيمات سياسية مختلفة ويعتبر الخمسة الباقون وان لم يكن لهم انتماء سياسي بالمعنى الحزبي لهذه الكلمة فهم من الطبقة الوطنية التي تعمل مع الجميع من اجل النهوض بالمغرب في جميع الحالات ، فهي بذلك مستقلة عن الأحزاب ولكنها في بؤرة التفكير الوطني لهذه الأحزاب ..وهو يؤكد المقولة أن لا أحد يشتغل خارج السياسة أو بدون سياسة . فلقد طبع والصق مفهوم أو مصطلح : صراع سياسي ، حول النقاش والاختلاف القائم بين وزارة العدل في شخص وزيرها الرميد من حزب العدالة والتنمية وبين جمعية هيئات المحامين المشكلة من مختلف التيارات السياسية إذ يغلب عليها الطابع اليساري والتي يرئسها للفترة الثانية على التوالي رئيس من حزب الطليعة اليساري ، وسميي التجاذب القائم بأنه صراع سياسي ولا يخدم مصلحة المهنة مطلقا . وهنا نقول أنه من المحددات السياسية انه لابد من نهج حكامة سياسية في إطار الاختلاف لتذويبه والسيطرة عليه ثم تحويله ، لذا كان الواقع السياسي والمعطيات العملية تفرض على السيد وزير العدل أن يأخذ محمل الجد الاعتبارات التالية : 1باعتبار أن وزارة العدل انتقلت من وزارة سيادة إلى وزارة حزبية منذ حكومة ادريس جطو وهي الآن حزبية بامتياز . 2-وباعتبار أن السيد وزير العدل نفسه هو رئيس هيئة العليا للحوار الوطني لإصلاح العدالة 3-واعتبارا من تاريخ جمعية هيئات المحامين بالمغرب والنظر إليها من زاوية سياسية ومنطلق تاريخي نضالي : والأكثر من ذلك 4- واعتبارا لرفض مجموعة من التنظيمات المهنية والقضائية لطريقة الحوار وتدبيره ومن تم انسحابها من الحوار منذ انطلاقته ، وعلى الخصوص انسحاب جمعية هيئات المحامين منذ المناظرة الأولى . 5- اعتبار أن مسألة إصلاح العدالة وضعت كإستراتيجية للدولة منذ سنة 2009 خلال خطاب 20 غشت وهذا ما أكده الخطاب الملكي بمناسبة تنصيب أعضاء الهيئة على: "وقد سبق لنا في خطاب العرش لسنة 2008 أن دعونا لحوار واسع لبلورة مخطط مضبوط للإصلاح العميق للقضاء.كما حددنا المحاور الأساسية لهذا الإصلاح في خطابنا الموجه للأمة في 20 غشت 2009.* فهذا يؤكد ن مسألة اصلاح العدالة بهذه الاستراتيجية كانت محددة مسبقا . فمن الاعتبارات الخمسة المذكورة سابقا : كان بديهيا أن يأخذ السيد وزير العدل بأحد المنهجين التاليين : -إما أن يعتمد العموم في الخمس التوصيات المثيرة للجدل ويعمم التوصيات الصادرة بميثاق إصلاح العدالة الخاصة بمهنة المحامي و يأخذ بالتفصيل والتدقيق التوصيات المتفق بشأنها والتي قررتها جمعيات هيئات المحامين في مؤتمرها السابع والعشرين والثامن والعشرين ، وعلى اعتبار أن مؤتمر القمة كان قبيلة إصدار ميثاق إصلاح العدالة . - وإما اعتماد مصطلحات "تخييرية" و يعود الحسم فيها للمحامي أو لمجلس الهيئة ، وعلى سبيل المثال : مثلا وضع مصطلح : إمكانية حضور الوكيل العام أو من يومثله بدعوة من مجلس الهيئة . يمكن للمحامي أن يعتمد على عقد مكتوب مع موكله كما يمكن له ان يتفق مسبقا على تحديد الأتعاب . وهنا كان سيحقق هدفين : -خلق تقارب أكثر بين التوصيات الصادرة عن وزارة العدل والتوصيات الصادرة عن جمعيات هيئة المحامين .وبالتالي تقزيم الهوة بين الطرفين . - إعادة الثقة في تمديد صيغ التفاوض والحوار وطرح البدائل والمقترحات . - إثراء النقاش بما سيساهم في الرقي بالتصورات والمقترحات التي تهم مهنة المحاماة بصفة عامة و تحتوي المحامي بصفة خاصة وبالتالي سنصل إلى ضمان الانسجام والملاءمة بين توصيات جمعية هيئات المحامين وتوصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة مادامت توصيات الجمعية سابقة عن إصدار الميثاق . ب :: القراءة الأخلاقية : اعتبارا من كون مهنة المحاماة مهنة أخلاق بامتياز ، واعتبارا من كون أن توصيات ميثاق إصلاح العدالة ليس بدستور أو قانون وإنما مجرد توصيات يمكن تنقيحها وتغييرها وتعديلها بما يخدم مهنة المحاماة ويساير تطورها ويحافظ في نفس الوقت على مكانتها واستقلاليتها فلابد أن تنتصر أخلاق المهنة . وانطلاقا من كون هدف الإصلاح يتفق على تحقيقه الجميع وبمختلف التيارات والمشارب والأعمار والوظائف ، ويبقى الاختلاف فقط في الوسائل والطرق ، فالحل يبقى قائما ، ف مادامت جمعية هيئات المحامين تصر وتناضل من اجل إصلاح القضاء وتطوير المهنة بما يحافظ على استقلاليتها ، وبما ان وزارة العدل تخطط وتطرح ميثاق لإصلاح منظومة العدالة التي تمثل مهنة المحاماة جزء هاما من جناح هذا الاصلاح ، فانه لابد من أن نحتكم لنبل المهنة التي انبنت على احتضان ثقافة الاختلاف والتنويع و الحرية في طرح المضاد وتقديم النقد البناء ليصب الكل في الإصلاح ، وذلك بنهج ثقافة أخلاقية تنتصر للمهنة تبنى على الحوار الواعي . انطلاقا من كون أن الاختلاف في الرأي لا يسوي بالخلاف والصراع وإنما يسوى بالحوار . يقول الله عز وجل في القرآن الكريم: (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين)، ويقول أيضا: (ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم). - والجدير بالذكر أن الدراسات أثبتت "أن القدرات العقلية للفرد لا يمكنها أن تتطور إلا مع الآخر المختلف أي في ظل الصراعات المعرفية، التي تشكل المجال الأفضل للتطور الذهني والمعرفي، ومعنى ذلك أن التفاعل الاجتماعي، يمكّن الفرد من بناء أدوات ذهنية جديدة تساعده على مزيد من المشاركة في تفاعلات اجتماعية أكثر تطوراً وأكثر تعقيدا"، أي أن الاختلاف يقود إلى ثراء المعرفة وإلى التعاون الذي يفيد المختلفين وفى النهاية إن حرية الرأي تعد بحق مدخلاً مهمَّاً إلى الوحدة بين فئات المجتمع، وحيث ان العدالة قيمة أخلاقية بالأساس كما قال الفيلسوف امانويل كانط وقال انها تقوم على ثلاث قيم كبرى وهي الحرية والكرامة واحترام مبدأ الواجب ، فلابد لأطراف العلاقة التشاركية في معادلة منظومة العدالة وخاصة جمعية هيئات المحامين بالمغرب وبين وزارة العدل ومختلف اطياف الجسم القضائي والحقوقي أن يتحلى الجميع و يقبل ويلتزم بأخلاقيات الحوار وطرح أراء للنقاش . وهذا ما سيجعلنا نتجه لتيار الداعي للحوار ، وقد مثل استأذنا الفاضل السيد النقيب هيئتنا بوجدة الدعوة إلى طاولة التفاوض لإيجاد الحلول للمشاكل والاختلافات التي تهم هذه الحلقة التشاركية التي تجمع المحامي بالعدالة عامة ووزارة العدل خاصة . وصفوة الختام إن ميثاق إصلاح منظومة العدالة بالرغم من المفاجات التي جاء بها والتي هددت استقلالية المهنة الحرة في عقر دارها ،ومع ذلك فان المنظومة تبقى خارطة طريق لما ستصبح عليه عدالتنا في المغرب ، فانه يبقى عمل خلاق يستدعي الإشادة به والتنويه بتضافر الجهود في إخراجه إلى حيز الوجود ، فالكمال صفة اختص بها الله سبحانه وتعالى ، ويبقى التقصير في مطالب أو المجازفة بأخرى وارد ،قابل للتقويم والتعديل , مادام باب النقد البناء مفتوح ، وطرح البدائل المهنية الراقية وارد ، وتوسيع الحوار الفعال من دائرة وزارة العدل ومحاماة خاصة ومهن قضائية عامة ، إلى دائرة إشراك المجتمع برمته . فالمقاربة التشاركية الآن وبصيغة الحوار الراقي والتفاوض الخلاق ، ستذيب الاختلاف وستسمو الإرادة الفعلية لطرفي العلاقة التشاركية في منظومة العدالة ،وبالتالي الكل سينتصر لمهنة المحاماة مهنة الفخر والاستقلالية والعظمة . ومنه ،فبالإرادة السياسية لدى جميع الفاعلين بمشاركة وإشراك الجميع ،هي التي ستحول وتخرج الإصلاح من الإطار النظري إلى التنزيل على ارض الواقع .