كشف التقرير الأخير للمجلس الاعلى للحسابات ، أن إرساء تدبير مسؤول ومستدام وشفاف لاستغلال المقالع على مستوى جهة الدارالبيضاءسطات يواجه عدة قيود ونواقص تتجلى في التأخر في عملية اعتماد المخططات الجهوية لتدبير المقالع وضعف في تصميم البنود المرجعية المتعلقة بها. و أنجز المجلس، بشراكة مع المجلس الجهوي للحسابات لجهة الدار البيضاء-سطات، مهمة موضوعاتية لأجل تقييم تدبير ومراقبة استغلال المقالع بهذه الجهة. و بلغ عدد المقالع النشيطة على مستوى جهة الدار البيضاء-سطات، خلال سنة 2019 ،ما مجموعه 216 مقلعا، يتمركز 75 % منها في كل من إقليميسطات وبرشيد53 %ثم إقليم بنسليمان 22 %. ويقدر الإنتاج السنوي للمقالع بالجهة ما يناهز 13 مليون متر مكعب، تتكون بشكل أساسي من الصخور والرمال المسحوقة والحصى بدون فرز 77 % والطين 20 % ، أما الباقي فيتكون من الرخام والتوفنة وكربونات الكالسيوم. وقد بلغت الإيرادات المباشرة المتأتية من الرسم على استخراج مواد المقالع والتي تم تحصيلها لفائدة الجماعات والجهة برسم سنة 2017 مبلغ 46.537.385.13 درهم وبرسم سنة 2018 مبلغ 45.125.154.23. وبهدف إعادة هيكلة القطاع، سن المشرع القانون رقم 27.13 المتعلق باستغلال المقالع ، كما تم إصدار المرسوم التطبيقي الخاص به رقم 2.17.369 المؤرخ في 30 نوفمبر 2017. ويشكل هذا الإطار القانوني حسب تقرير المجلس، تطورا مهما نحو إرساء تدبير مسؤول وشفاف ومستدام للموارد الطبيعية، كما يحل محل نص قديم ظهير 19 يونيو 1914 لم يعد يستجيب لرهانات وتطلعات تطوير قطاع المقالع. وهكذا، وبالإضافة إلى الضعف الذي تعرفه عملية مصاحبة مستغلي المقالع حيث لم يتم دمج سوى 11 % فقط من المقالع وفق القانون رقم 13.27 ومراسيمه التطبيقية، فقد سجل غياب أية مبادرة إلحداث برامج استثمارية مندمجة حول الصناعات التحويلية للمواد المستخرجة انطلاقا من التنوع الجيولوجي الذي يتميز به النطاق الجغرافي لكل إقليم على حدة. وعلاوة على ذلك، فإن 35 %من المقالع تستغل مساحة تقل عن 2.5 هكتار و72 %تتوفر على مساحات مستغلة تقل عن 10 هكتارات. وتشكل هذه الخصائص التي تتميز بها المقالع المستغلة إكراها إضافيا يحول دون احترام ظروف الاستغلال لشروط حماية البيئة المنصوص عليها في القانون رقم 13.27 المتعلق باستغلال المقالع والنصوص التطبيقية ودفتر الشروط الخاصة ودراسات التأثير على البيئة. ويزيد من صعوبة هذه الوضعية عدم توفر 59 %من المقالع النشيطة على دراسات التأثير على البيئة وقرارات الموافقة البيئية المتعلقة بها. وبالإضافة إلى ذلك، تم تسجيل مجموعة من النقائص المرتبطة بالشروط التقنية لاستغلا المقالع، وذلك راجع بالاساس لعدم تحديد التنظيمات الجاري بها العمل للمقاييس القصوى للانحدارات والمقاييس القصوى لمدرجات المقالع الواقعة في أماكن مكشوفة. وفي هذا الصدد، وجبت الاشارة إلى أن المادة 22 من القانون رقم 13.27 تحيل على نص تنظيمي آخر يحدد هذه الشروط، غير أن هذا النص لم يتم نشره بعد. وفيما يتعلق بالمقالع المهجورة، وهي ظاهرة تعاني منها عدة جماعات، فقد تبين غياب تصور شمولي ومندمج حول إعادة تهيئتها وتأهيلها. أما فيما يخص الجانب المتعلق بوضع نظام متماسك وواضح وشفاف لمراقبة استغلال المقالع، من مرحلة الافتتاح إلى مرحلة إعادة التأهيل، فقد خصص القانون رقم 13.27 أربعة فصول لتحسين تأطير هذه العملية من طرف الادارة، وتسجيل المخالفات والتدابير الادارية للغرامات ذات الصلة. غير أن عدم تفعيل شرطة المقالع وعدم توحيد طرق مراقبة الاستغلال من طرف اللجان الاقليمية وغياب مخططات مضبوطة للمراقبة النصف سنوية حال دون بلوغ الاهداف المذكورة. ولم يقم معظم مستغلي المقالع بتجهيز مقالعهم بالوسائل والاليات التي تساعد الادارة على تتبع استغلال المقالع عن بعد وتكوين قاعدة معطيات الكترونية حول الكميات المستخرجة. وارتباطا بعمليات المراقبة، وعلى الرغم من أهمية الجهود المبذولة في هذا الاطار من طرف بعض المديريات اإلقليمية للتجهيز، فإن مراجعة البيانات ذات الصلة والمتعلقة بسنتي 2017 و2018 بينت أن نفس المخالفات المرصودة ما زالت قائمة وتتكرر من سنة لاخرى، مما يستدعي تعزيز تدابير المراقبة ومراجعة، عند الاقتضاء، المقاربة المعتمدة بهذا الخصوص. وجدير بالذكر، أن القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات والقانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية أوليا أهمية كبيرة لدور الجماعات في تدعيم مراقبة استغلال المقالع والتحقق من صدقية التصاريح المرتبطة بالكميات المستخرجة والتي يتم اعتمادها الحتساب الرسم على استخراج مواد المقالع. غير أن آلية التنسيق لتبادل المعلومات بين مختلف المديريات الاقليمية للتجهيز بالجهة والجماعات تعاني من عدة صعوبات، بحيث أن المعطيات المرتبطة بالكميات المستخرجة موضوع صفقات المراقبة الطبوغرافية التي تنجزها مصالح وزارة التجهيز لا تبعث بانتظام وبطريقة مباشرة إلى الجماعات المعنية بالتوصل بالتصريحات الربع سنوية والاقرارات السنوية من الملزمين وتحصيل الرسم على استخراج مواد المقالع. وتبعا للملاحظات المسجلة في إطار هذه المهمة، أصدر المجلس الاعلى للحسابات مجموعة من التوصيات الرامية إلى تحسين طرق عمل هذا القطاع من خلال تدبير مسؤول وشفاف ومستدام للموارد الطبيعية. ولقد ارتكزت أساسا على تفعيل المقتضيات القانونية والتنظيمية المتعلقة بتدبير المقالع على عدة مستويات. ففيما يتعلق بالحكامة، أوصى المجلس الاعلى للحسابات بتسريع عملية إنجاز المخططات الجهوية للمقالع وتدقيق البنود المرجعية الخاصة بها أخذا بعين الاعتبار مجموع الجوانب البيئية والاقتصادية وتلك المتعلقة بإعداد التراب بالجهة، بالاضافة إلى العمل على احترام آجال منح وصوالت التصريح بالاستغلال للمستثمرين بالقطاع ومواكبتهم التقنية عبر وضع نظام معلوماتي مندمج يمكن من تدبير مجموع مراحل افتتاح واستغالل المقالع إلى غاية إعادة تهيئتها. وبالنسبة للمراقبة، أوصى المجلس باعتماد ووضع التجهيزات الاتوماتيكية المتعلقة بالمراقبة عن بعد وتفعيل دور شرطة المقالع عبر تبليغ الانذارات للمستغلين المخالفين لقانون المقالع وتبليغ هذه المخالفات إلى النيابة العامة المختصة. كما أوصى بتنسيق عمل اللجان الاقليمية للمقالع والمديريات الاقليمية للتجهيز والجماعات الترابية المعنية بخصوص تحصيل الرسم على استخراج مواد المقالع ووضع رؤية شمولية لحل إشكالية المقالع المهجورة.