إعتبر الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي أن مشروع قانون مالية 2016 لم يحترم توصيات مناظرة الجبايات (المنعقدة بالصخيرات في أبريل 2013)، والتي أهمها الاتجاه إلى عدالة وإنصاف أكبر في التضريب. وأفاد أقصبي ان المشروع جاء بهدايا ضريبية لصالح الشركات الكبرى ، ولم يأت بجديد بخصوص الضريبة على الدخل ، وأسقط تلقائيا الضريبة التضامنية ، وزاد من ثقل الضريبة على القيمة المضافة باعتماد سعرين أدناهما 10 بالمائة. وأوضح أن الضريبة الغير مباشرة المتمثلة في الضريبة على القيمة المضافة بطبيعتها، حسب منظري الضريبة، غير عادلة، لأنها تتعلق بالمادة المقتناة ولا تتعلق بدافع الضريبة سواء كان غنيا أو فقيرا، وأن الدفع بها نحو العدل يقتضي ،حسب أقصبي ، اعتماد أسعار متنوعة تقلل من حدة لاعدالتها، وذلك باعتماد سعر مرتفع يصل إلى 30 بالمائة على الكماليات، وينزل إلى 5 بالمائة على المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع. وأضاف أقصبي، أن الجميع يتفق على ضرورة الإصلاح الضريبي ، وأن هذا الإصلاح يتمثل أساسا في نجاعة الضريبة، معتبرا أن الدور الأول للضريبة هو تمويل ميزانية الدولة وتغطية نفقاتها. ليخلص إلى كون نسبة تغطية النفقات بالمداخيل الضريبية لا يتجاوز 60 بالمائة ، وأن نظاما ضريبيا لا يغطي سوى 60 بالمائة من مصاريف الدولة هو نظام ضريبي عاجز عن تأدية مهمته الأولى. وشدد أقصبي على أن الإصلاح الضريبي يقتضي الرفع من مردودية الضريبة عبر إعادة التوزيع ، وتوسيع الوعاء الضريبي ، مشيرا إلى أن مشروع القانون الجديد لم يأت بأي جديد بخصوص الضريبة على الدخل. وأوضح أن الجميع يعلم أن الضريبة على الدخل يدفعها المأجورون ، في حين لا يدفعها أصحاب المداخيل المهنية ، وأصحاب المداخيل من الأرباح المالية والعقارية ، والفلاحة ، في حين أن الانصاف الضريبي ، من وجهة نظره، أن تقتطع الضريبة على الدخل مهما كانت مصادره . وقال أقصبي إن مشروع قانون مالية 2016 حمل هدايا ضريبية متعددة، وأعطى مثال بالفلاحة التي لا تدفع الضريبة على الدخل ، وحتى الضريبة على القيمة المضافة خصوصا بالنسبة للصناعات الغذائية، إذ يمكنهم مشروع القانون من استرجاع الضريبة على القيمة المضافة على المواد الفلاحية . ومن الإجراءات التي اعتبرها أقصبي هدايا ضريبية اعتماد التصاعدية في الضريبة على الشركات ، معتبرا أن اعتماد سعر 20 بالمائة على الشركات، سيجعل الكثير من الشركات الكبرى تتهرب من سعر 30 بالمائة ، مشيرا إلى أن الشركات الكبرى توظف خبراء في الضريبة وتعرف جيدا كيف تتملص من الضرائب ، وشدد أقصبي في سياق الحديث عن الضريبة على الشركات ، أن تخفيض الضريبة على الشركات الكبرى تحديدا لم يكن يوما تشجيعا ولا يسهم في خلق مناصب شغل بل في الغالب يستجيب لضغط الباطرونا، ويشكل هدايا ضريبية على حساب القدرة الشرائية للمواطنين "الذي لم يأت مشروع القانون الجديد بأي جديد يهمهم"، يضيف المتحدث. وأثار أقصبي قضية الضريبة التضامنية، والتي كانت الحكومة قد فرضتها في وقت سابق وحددت مدتها في ثلاث سنوات ستنتهي في نهاية دجنبر 2015، وكيف اسقطت تلقائيا ولم يتم الرجوع إليها ، معتبرا ان هذا الاجراء فيه تراجع عن مكتسب كان يعوض ولو نسبيا الضريبة على الثروة ، وليس تقدما إلى الأمام . وقدم أقصبي مجموعة من الاقتراحات منها ضرورة توحيد النظام الضريبي على الدخل "كيفما كانت طبيعته" باعتماد نفس النظام الضريبي والسعر ومسطرة الاحتساب، والرفع من تصاعدية الأسعار الضريبية بخصوص الضريبة على الدخل مع رفع الحد الأدنى للتضريب، وإقرار الضريبة على الثروات المرتفعة ، ثم اعتماد التعددية في أسعار الضريبة على القيمة المضافة ورفعها إلى 30 بالمائة بالنسبة للكماليات. وأضاف أقصبي أن الضريبة على الشركات تعرف فوضى الان ، موضحا أن الأسس النظرية للضريبة تقوم على أن الضريبة على الدخل تكون تصاعدية، أما الضريبة على الشركات، تكون بسعر موحد . وقال أقصبي أن المشكل بالنسبة للضريبة على الشركات ليس في السعر بل في قاعدة الاحتساب ،أي في الوعاء الضريبي ، مشيرا أن التهرب الضريبي يقع في الوعاء، وتستفيد منه الشركات الكبرى التي لها خبراء في المحاسبة ،يصرحون بما يشاؤون. وشدد أقصبي على أن الإصلاح يجب أن يكون في اتجاه ضبط الوعاء الضريبي، وبتضييق منابيع التهرب.