قال علي لطفي، إن العالم يحيي في الثامن والعشرين من يوليوز من كل عام اليوم العالمي لمكافحة التهاب الكبد الفيروسي، مناسبة تهدف إلى كسر صمت مرض يهدد حياة الملايين رغم توفر أدوات الوقاية والعلاج. وأشار إلى أن شعار هذه السنة "التهاب الكبد: خطوات يسيرة للقضاء عليه" يسلط الضوء على أهمية إزالة الحواجز التي تحول دون الوصول إلى خدمات التطعيم، والتشخيص، والعلاج، خاصة لدى الفئات الأكثر عرضة. وأوضح علي لطفي أن المعطيات العالمية حول المرض تنذر بالخطر، حيث تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 354 مليون شخص يتعايشون مع التهاب الكبد B أو C، في حين يفقد حوالي 1.3 مليون شخص حياتهم سنويا بسبب مضاعفاته رغم أن 95 في المئة من المصابين بالتهاب الكبد C يمكن علاجهم بفعالية، وأبرز أن النسبة الكبرى من المصابين لا يحصلون على التشخيص أو العلاج اللازم، بسبب ضعف الولوج إلى الخدمات الصحية. وأكد علي لطفي أن المغرب انخرط في الجهود الدولية لمكافحة المرض من خلال استراتيجية وطنية للفترة 2022-2026، ترمي إلى خفض الإصابات والوفيات بنسبة 50 في المئة، والوصول إلى القضاء على التهاب الكبد C بحلول عام 2030. وأفاد بأن عدد المصابين المزمنين بالفيروس B يقدر بنحو 245 ألف، بينما يبلغ عدد حاملي فيروس C حوالي 125 ألف شخص، وفق الإحصائيات الوطنية. وأشار علي لطفي إلى أن المغرب تمكن منذ سنة 2015 من توفير أدوية جنيسة فعالة، أبرزها "سوفوسبيفير" و"داكلاتاسفير"، كما تم لاحقا الترخيص لتركيبة "سوفوسبيفير + فيلباتاسفير"، ما أتاح إمكانيات علاجية أفضل. لكن رغم ذلك، لا تزال الكلفة الإجمالية للدورة العلاجية تتراوح بين 13500 و13647 درهما، ما يجعل العلاج خارج متناول فئات واسعة من المواطنين، في حين لا يتجاوز السعر في دول مثل مصر 477 درهما للعلبة، بفضل سياسات وطنية فعالة. وأوضح علي لطفي أن التحديات الرئيسية في المغرب لا تقتصر على كلفة العلاج، بل تشمل أيضا ضعف التشخيص المبكر، وغياب حملات وطنية منظمة للفحص المجاني، ووجود حواجز تنظيمية وإدارية تعيق التخفيض الحقيقي لأسعار الأدوية، إلى جانب محدودية تغطية منظومة التأمين الصحي للعلاجات المرتبطة بالتهاب الكبد. وشدد علي لطفي على أن العاملين في القطاع الصحي هم من بين الفئات الأكثر عرضة للإصابة بفيروسات الكبد B و C، بسبب التعامل المتكرر مع الدم وسوائل الجسم. ولفت إلى أن تقارير منظمة الصحة العالمية لعام 2023 تؤكد أن تقنيي المختبرات هم الأكثر عرضة للإصابة بنسبة تتراوح بين 20 و30 في المئة، تليهم الممرضات والقابلات، ثم الأطباء، بسبب غياب وسائل الوقاية، ونقص التدريب، والتهاون في تطبيق بروتوكولات السلامة المهنية. ودعا علي لطفي إلى مراجعة عاجلة وشاملة للاستراتيجية الوطنية، مشددا على ضرورة اتخاذ حزمة إجراءات ذات أولوية، من بينها تعميم التطعيم ضد التهاب الكبد B، وإطلاق حملات فحص مجانية موجهة للفئات الهشة، وخفض أسعار الأدوية من خلال مراجعة مرسوم التسعير وتفعيل دور الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية. وأضاف علي لطفي أن تحسين الولوج إلى العلاج يتطلب أيضا إدراج الأدوية المضادة لفيروس التهاب الكبد ضمن لائحة الأدوية المعوض عنها بنسبة 100 في المئة، وتشجيع الصناعة الوطنية، وتحديد هوامش ربح شفافة، وتفعيل الشراكة مع المجتمع المدني، وتوفير الموارد الضرورية لتأهيل المستشفيات والمراكز الصحية. وأكد علي لطفي أن حماية مهنيي الصحة يجب أن تكون ضمن أولويات السياسة الصحية، من خلال فرض التلقيح الإجباري ضد فيروس التهاب الكبد B، وتوفير أدوات الوقاية الشخصية، وضمان بيئة عمل آمنة، وتعزيز ثقافة الإبلاغ عن الإصابات المهنية، وتوفير المتابعة الطبية اللازمة في حالات التعرض المباشر. وخلص علي لطفي إلى أن تحقيق هدف القضاء على التهاب الكبد بحلول عام 2030 في المغرب، كما التزمت بذلك الدولة ضمن الأهداف الصحية العالمية، يتطلب إرادة سياسية قوية، وتعبئة وطنية شاملة، وتدبيرا استباقيا يستند إلى العدالة الصحية وتكافؤ الفرص في الولوج إلى العلاج، بعيدا عن منطق السوق، وبما يجعل الصحة حقا فعليا لجميع المواطنين، وليس امتيازا لمن يستطيع الدفع.