تجمع أول أمس السبت مئات المتظاهرين بالعاصمة الهولندية أمستردام، تضامنا مع مغاربة هولندا، واحتجاجا على تصريحات العنصري خيرت فيلدرز، زعيم حزب الحرية اليميني، الذي كان قد أدلى بتصريحات معادية للمهاجرين المغاربة، حين سأل أنصاره، يوم الأربعاء الماضي، في تجمع بمدينة لاهاي في ما إذا كانوا يريدون « عددا أكبر أو أقل من المغاربة» وردد أنصاره: «أقل! أقل!» وأجابهم فيلدرز «سوف نتكفل بذلك». في إحالة على إمكانية الدعوة إلى طردهم من البلاد، والتحريض على تشديد الخناق عليهم، وإذكاء فتيل العنصرية البغيضة. وقد أثارت هذه التصريحات التي وصفت بالعنصرية والنازية، موجة عارمة من الغضب في صفوف الجالية المغربية، والجاليات العربية والإسلامية، والتي حظيت بتضامن من قبل بعض الجمعيات الحقوقية الهولندية والبريطانية ومختلف الفعاليات السياسية والمدنية التي تنشد قيم السلم والتعايش، وشاركت بشكل مكثف في هذه التظاهرة التنديدية، التي التأمت بساحة متحف رومبراخت المعروفة بساحة المتحف، منذ الساعة الواحدة بعد الزوال، إلى حدود الساعة الخامسة بالتوقيت الهولندي، وانطلقت بعد ذلك في اتجاه ساحة يوجد بها تمثال إضرابات فبراير الذي يرجع تاريخه إلى الحرب العالمية، في إشارة رمزية إلى البعد النازي والفاشستي والعنصري لتصريحات خيرت فيلدرز، المعادية للمهاجرين المغاربة. حيث رددوا مجموعة من الشعارات، المنددة بالعنصرية وكراهية الأجانب، كما عبروا في كلمات ألقيت بالمناسبة عن تضامنهم مع مغاربة هولندا، حاملين شعار: «كلنا مغاربة». وكانت عناصر الشرطة قد أغلقت في نفس اليوم بعض الطرق المؤدية إلى ساحة المتحف، مكان التظاهرة وأوقفت وسائل النقل بما فيها قطارا كان يحمل عددا كبيرا من الشبان المناهضين لليمين والعنصرية، تحسبا لوقوع مواجهات، وقدألقت القبض على أزيد من ثلاثين شابا. وبالمقابل فقد عبر لنا، وفي تصريحات خاصة، العديد من المهاجرين المغاربة، الذين جاءوا، من مختلف المدن الهولندية، للمشاركة في هذه التظاهرة، عن استيائهم من صمت الحكومة المغربية، والمصالح الديبلوماسية والإدارية المغربية بهولندا، والتزامها ما أسموه بالحياد السلبي في مثل هذه الموقف التي تمس كرامة المغاربة هناك. في الوقت الذي لقوا تضامنا كبيرا من طرف فعاليات سياسية ومدنية هولندية وأوربية، وإدانتها لتلك التصريحات العنصرية، بما في ذلك الحكومة الهولندية، حيث قال نائب رئيس الحكومة لودفيك اسشير إن تصريحات النائب المناهض للإسلام "مقززة"، واصفا ما حصل بأنه "فصل حزين في تاريخنا السياسي". كما عبروا عن استنكارهم لهذه التصريحات التي وصفوها بالخرقاء، باعتبارها تكرس التمييز العنصري وكراهية الأجانب، حيث أطلق مجموعة من الشباب المغاربة حملات تنديدية واسعة عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإليكترونية. ولم تقتصر الأصوات المنددة بهذا السلوك العنصري، على الموقف الرسمي للحكومة الهولندية ومواقف الفعاليات الحقوقية والمدنية، بل شملت كذلك العديد من الأعضاء في حزب الحرية اليميني نفسه الذي يتزعمه العنصري خيرت فيلدرز، حيث سارعوا إلى تقديم استقالتهم تباعا، عقب تلك التصريحات، بمن فيهم رئيسة الكتلة البرلمانية للحزب في البرلمان الأوربي، وكذلك فعل 4 من أعضاء مجالس حكم محلية وعضو محلي في الحزب في لاهاي وثمانية أعضاء في الفرع المحلي للحزب في ألميري. ويذكر أن بعض الجمعيات المدنية والسياسية تقدمت بشكايات مباشرة إلى النائب العام بأمستردام وإلى أقسام الشرطة ضد فيلدرز المعروف بمواقفه العنصرية المعادية للأجانب والعرب والمسلمين ولديه سوابق عدة في هذا الإطار، حيث كانت المحكمة قد برأته سنة 2011 من تهمة الحض على الكراهية بدعوى « أن انتقاداته كانت موجهة إلى الإسلام، أي إلى ديانة، وليس إلى مجموعة إثنية.»!!