شهد الأسبوع الذي نودعه بعض الأحداث التي أقل ما يقال عنها إنها مؤشر خطير على ما يعتمل داخل الساحة الاجتماعية والوطنية ونقطة سوداء في صحيفة تدبير الحكومة لمجموعة من الملفات الاجتماعية الحساسة. وإذا كنا قد نبهنا في عدد من المناسبات إلى عدم الانجرار نحو التشدد في معالجة بعض الحركات الاحتجاجية لفئات اجتماعية متضررة من السياسة الحكومة كالشغيلة التعليمية، فإن الأسلوب الذي عالجت به الحكومة احتجاجات المعطلين حاملي الشهادات، وطلبة كليات الطب والصيدلة، حتى الآن ضمن مقاربة أمنية ضيقة، من شأنه أن يدفع بالبلاد نحو مزيد من الاحتقان ويؤجج لهيب المواجهة بين الطرفين بما لا يخدم في شيء المصلحة العامة للوطن، ولا مصالح المعطلين حاملي الشهادات وطلبة كليات الطب والصيدلة. إن ما حدث من اقتحامات لبعض كليات الطب من طرف القوات العمومية وما حدث من قسوة في التعامل مع اعتصامات المعطلين أمام قبة البرلمان، وما صدر من رئيس الحكومة من تصريحات مستفزة ومهددة باستعمال مزيد من القوة والعنف ضد المحتجين، يعد خرقا لما نص عليه الدستور من الحق في التعبير وإبداء الرأي والحق في الاحتجاج على السياسات الحكومية، وفق ما تفترضه القواعد الديمقراطية، وانزلاقا خطيرا نحو ممارسة العنف غير المبرر، بما يعكس فشلا حكوميا جديدا في مقاربة ملف المعطلين وملف طلبة كليات الطب والصيدلة. فالمقاربة الأمنية التي تنهجها الحكومة ضد المحتجين الذين يطالبون فقط بفتح حوار جدي لإيجاد حل لملفهم، بدل التعاطي مع مطالبهم بنهج سياسة الأذن الصماء تجاههم، واستعمال القوة المفرطة ضدهم، ليست هي الحل ولن تكون، في معالجة ملفاتهم، وفق ما تتطلبه المرحلة التي تعيشها العديد من القطاعات والتي تعرف غليانا منذ مدة، نتيجة عدم جدية الحكومة في إيجاد الحلول الكفيلة التي تمنح الثقة والطمأنينة للمواطنين على أبنائهم وفلذات أكبادهم. فلا يكفي أن يقول رئيس الحكومة إنه مع حرية التعبير والاحتجاج، في الوقت الذي كان تدخل القوات العمومية عنيفا، حيث تعرض عدد من المحتجين من المعطلين وطلبة الطب لإصابات استدعت بعضهم إلى تلقي الإسعافات، حيث إن ما تداولته وسائل الإعلام المختلفة من صور وفيديوهات وأخبار، تجعل تصريحات بنكيران خلال اجتماع المجلس الحكومي الأسبوعي، غير ذات معنى، في غياب تحرك حقيقي لتسوية ملف المعطلين وملف طلبة الطب، واللذين ليسا إلا جزءا من عشرات الملفات الاجتماعية العالقة. فلجوء الحكومة إلى استعمال القوة مرة أخرى وممارستها الضغوط المختلفة على طلبة الطب والمعطلين، بذريعة تطبيق القانون، وحماية النظام العام، يعكس في الواقع عدم رغبتها في التعاطي الإيجابي مع مطالبهم ، ومحاولة فرض سياسة الأمر الواقع عليهم وبأي ثمن، هروبا من تحمل مسؤولياتها السياسية والأخلاقية، بما يجعلها تتحمل المسؤولية الكاملة عما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية بالبلاد من احتقان مستمر سيزيد الأوضاع سوءا وتأزما.