« أدهشها.. صدمها .. أغرقها في بحر من الأسئلة.. من يكون هذا الذكي جدا ليهزم ال «20» .. أسئلة كثيرة تعالت على لسانها.. لم تصدق ما تثبته الورقة التي بين أيديها. ولم تصدق أن ذكاء تلميذ يمكن أن ينتصر على «20 » القادرة على تغيير مسارات الحياة وترسم مستقبلا ناجحا لكل من يقترب منها. استحضرت مهنيتها.. كفاءتها .. وحنكة سنوات قضتها أمام ورق من طينة مختلفة.. ورق لا يمكن أن يخطأ في تحديد مستوى صاحب الخط الذي يكتب عليه. أسئلتها وجدت إيجابات لها بسرعة. فما بين أيديها لا يمكن أن يكون خط “ذكي”.. استطاع باجتهاده أن يوقف تمنع ال « 20 » وكل الإيجابات اخترصتها في إجابة واحدة « الذكي ليس كذلك .. هو حالة غش استنائية كادت أن تفقد مصداقية شهادة البكالوريا ». “الذكي جدا” .. وقع بين يدي أستاذة لها من الكفاءة والمهنية ما يجعلها تحسن التعامل مع رقم سري، ورقة بيضاء، طريقة الإنجاز والإيجابات. كفاءة حولتها إلى خبيرة في فك طلاسيم الإيجابات والخطوط. وخبرتها هذه أجبرتها على كتابة تقرير حول شكها في حقيقة ورقة الإمتحان التي بين أيديها. الخط لم يكن خط تلميذ، الإجابات ليست في مستوى تلميذ في البكالوريا، وحصول على 20 في مادة أدبية ليس بالأمر السهل الممكن. كانت هذه بداية الحكاية.. بدأت بشك وانتهت بقرار لجنة المداولات الخاصة بالبكالوريا بإقرار رسوب صاحب الرقم السري، والورقة البيضاء والخط الناضج جدا. تحت طائلة « رسوب المترشح بسبب الغش». قرار لم يتخذ ببساطة أو بعد تقرير أستاذة متمرسة بخبرتها التي قادتها إلى فك خيوط غش من طينة مختلفة وغير عاد وخطير. قرار تؤكده «خديجة بن الشويخ» مديرة أكاديمية الدارالبيضاء، قائلة بصوت حازم لا يقبل أن ترفع الحصانة على شهادة كانت حلم 382 ألف مرشح للبكالوريا، اجتازوا الدورة الأولى «من بين حالات الغش هناك الحالة التي وقعت بين يدي الأستاذة، هي استثنائية لأنها وقعت بعد إجراء الإمتحان وخلال عملية التصحيح، وبعد ضبطها أثناء هذه العملية. تم تجميع كل المستندات التي تؤكدها، عرضت على لجنة المداولات يوم 2 يوليوز 2011 الماضي، وتأكدت حالة الغش واتخذت القرارات المناسبة في هذه النازلة وفق القوانين المعمول بها، القرار الأول هو رسوب المترشح بسبب الغش». أولى خيوط عملية الغش.. كان تقرير الأستاذة المصححة، وثانيها المقارنة بين النقاط التي حصل عليها صاحب الرقم السري في باقي المواد التي اجتازها، والتي حطم في معظمها الرقم القياسي ال « 20» وكاد أن يقترب منه في مواد أخرى. وبين نقاطه في المراقبة المستمرة والامتحان الجهوي. والنتيجة خلصت إلى أن وجود فرق كبير بين نقاط الامتحان الوطني ونقاط القسم. وأشارت إلى أن هناك أياد خفية تعمد إلى سحب الورقة الأصلية التي دون عليها المرشح أجوبته، لتستبدل بورقة إجابة جديدة، تحمل نفس رقم السري للمترشح.. لكن لا تحمل نفس خط المراهق. لتدشن بذلك هذه العملية شكل جديد من أشكال تزوير نتائج البكالوريا الوطنية. والتزوير الذي تحمله حالة الغش التي ضبطت بأحد مراكز التصحيح التابعة لأكاديمية الدارالبيضاء، أدخلته في دائرة تحقيق شامل تقوده مديرة الأكاديمية بمعية لجنة أحدثت من أجل ضبط ملابسات هذا الإستثناء الخطير في غش. إذ باشرت هذه اللجنة تحقيقا واسعا في الموضوع داخل المركز الذي ضبطت فيه عملية الغش. وانتقلت إلى هذه المؤسسة للتحقيق في سيرورة الإمتحان داخل مركز التصحيح الذي ضبطت فيه هذه الحالة من بدايتها إلى نهايتها. «جمعت لجنة التحقيق تصريحات مجموعة من المتدخلين الذين أشرفوا على عملية التصحيح « إداريين وأساتذة» من أجل التقدم في الكشف عن ملابسات حالة هذا الغش، والنتيجة أن للأكاديمية اليوم ملفا كاملا حول هذه النازلة الخطيرة» تعلن مديرة أكاديمية بالدارالبيضاء. « المعطيات التي بين يدي الأكاديمية الآن تنور بحد كبير، طريقة الغش، وتشير إلى من ارتكبه، واكتشفنا من خلالها أسلوبا جديدا في الغش الذي يأتي بعد عملية الامتحان. التقرير رفع إلى الإدراة المركزية لوزارة التربية الوطنية لتتخد باقي القرارات المناسبة حول هذه النازلة.» تقول خديجة الشويخ قبل أن تستطرد في التأكيد «سنمشي إلى أبعد حد في هذا الموضوع، ولن نتردد في حماية مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين لنيل الباكالوريا». وعلى خطى .. الخوف من أن تفقد البكالوريا الوطنية «حصانتها وقداستها»، يؤكد مصدر مسؤول من داخل وزارة التربية الوطنية، أن مثل هذه الحالة لا يمكن التعامل معها بالمساطر القانونية المعمول بها في الأنظمة الداخلية للوزارة. فالتعامل معها سيصل إلى حدود المتابعة القضائية لمن ساهم في عملية التزوير هذه، عند استكمال الملف التحقيق الداخلي. قوة الملاحظة.. والخبرة الكبيرة هي التي فجرت قضية غش وتزوير استثنائية ، الأولى من نوعها التي تم ضبطها هذه السنة، وخلال السنوات الأخيرة. وأفقدت أطر وزارة التعليم بالدارالبيضاء فرحهم بتراجع عدد حالات الغش المعتادة بهذه الأكاديمية. الأحداث المغربية