خلال القرن 18، ستعرف المدينة تطورا ملموسا في عهد الباشا أحمد بن علي، لما عاد لحكمها للمرة الثانية، فأرغم الأهالي على إعادة بناء قصره المخرب الذي جعله دار الإمارة، وشيد بعده المشور السعيد سنة 1737م، فسمي عندئذ بجامع الباشا، وقد «أخرج الباشا أحمد المدينة من حدودها القديمة ووسعها في اتجاه الغرب، ولهذا هدم سورها القديم وقصبتها سنة 1738 في محاولة إعادة تحصينها بعد التوسعة بجعل سور متين، إلا أن الظروف المستجدة لم تسعفه في ذلك»[1]. وخلف الباشا أحمد في حكم المدينة القائد محمد تميم الذي قام بترميم الأسوار والقصبة، وفيما بعد أكمل القائد محمد بن عمر لوقش بناء الأسوار المحيطة بالمدينة، وشيد الجامع والمدرسة التي تسمى باسمه. وهكذا يتبين أن معظم التوسعات تمت خارج الأسوار الأصلية للمدينة وذلك حتى منتصف القرن 18م، حيث تمت بالأساس أعمال ترميم تحصينات المدينة[2]. وهكذا ستستمر عملية توسيع المدينة خلال القرن 18م، حيث تم إحداث حي جديد وهو حي الملاح، الذي انتقل إليه اليهود الذين كانوا يستقرون بمكان آخر (الملاح البالي حاليا)، وذلك إثر بناء المسجد الأعظم، حيث قرر السلطان مولاي سليمان تحويل حي الملاح إلى موضعه الحالي. وقد تميزت هذه الفترة باكتمال بناء السور المحيط بالمدينة كلها خلال سنة 1808، حيث شيد الجزء الممتد من باب الرموز إلى باب التوت وإحداث باب التوت الجديد، «ونجد في هذه الفترة وصفا عند القبطان الفرنسي بوريل الذي قال أنه يحيطها سور قديم مدعم بأبراج صغيرة لا يتعدى قطر كل واحدة منها 15 قدما، وليس بها حفير ولا تحصينات خارجية، وتشرف عليها قصبة مجهزة ب 11 مدفعا من جهة الشمال الغربي وحصن بالزاوية الشمالية الشرقية من السور وبه 5 مدافع»[3]. على الصعيد الاجتماعي، نجد أنه بالإضافة إلى هجرات الأندلسيين المسلمين واليهود تبعتهم هجرات من فاس وبعض القبائل الريفية، وكذلك بعض أهل الجزائر بعد أن استولت فرنسا على بلادهم سنة 1830. وقد كانت لهذه الهجرات تأثيرات مهمة وواضحة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالمدينة. وفي سنة 1859، نشبت حوادث بحدود سبتةالمحتلة بين الإسبان وقبيلة أنجرة انتهزتها إسبانيا فرصة لإيجاد ذريعة لاحتلال تطوان في 6 فبراير 1860، وقد قام الإسبان بتهديم مجموعة من المباني من أجل فتح طرق المواصلات أو لتسهيل الدفاع عن المدينة وحصونها. كما تم استغلال مجموعة من مؤسسات العبادة لأغراض دينية وغيرها، لكن الإسبان خرجوا من المدينة يوم 2 ماي 1862[4]. وهكذا اكتملت مراحل توسع أحياء المدينة العتيقة وبالتالي أصبحت كيانا منغلقا عن العالم الخارجي لا تنفتح عليه إلا بأبوابها السبعة التي نجدها حاليا وهي: باب الجياف باب المقابر من جهة الشمال، باب الرموز في الجنوب، أما في الغرب، نجد باب النوادر وباب التوت، وبالنسبة لجهة الشرق فهناك باب الصعيدة وباب العقلة. [1]- السعود (عبد العزيز)، 2007، "تطوان في ا لقرن الثامن عشر: السلطة المجتمع الدين"، منشورات جمعية تطاون أسمير، تطوان، ص: : 40. [2]- السعود (عبد العزيز)، 2007، نفس المرجع، ص:40. [3]- السعود (عبد العزيز)، 2007، مرجع سبق ذكره، ص:42. [4]- الشيخي (نور الدين)، 1994، ص:112.